عاد برنامج “ضروري نحكي” بعد غياب أسبوعين عن الهواء، ليناقش مواضيع سياسية واقتصادية محلية وخارجية، حيث استضافت الاعلامية داليا داغر الصحافي سامي كليب. وكان في سياق الحلقة أيضا مداخلة مع البروفيسور باخوس طنوس للحديث عن وصول متحوّر “دلتا” الى لبنان.
المقدّمة:
في قلب كل لبنانيّ قلبان؛ مفصولان عن بعضهما، يحرد أحدهما من الآخر؛
واحد يقول أحبه وسأحبه أكثر كلما ساءت أحواله،
والآخر يقول أتعبني ولا أصدق كيف أغادره.
وفي عقل كل لبنانيّ عقلان؛ مفصولان عن بعضهما، يحرد أحدهما من الآخر؛
عقل يحث على القفز من المركب الذي يصارع كلّ أنواع العواصف البحرية والجوية، وعقل يقول إن أمكنة الإقامة المحتملة الكثيرة لا تغني عن الوطن، ولا بدّ أن نصارع معه ولأجله لتجاوز العواصف.
قلب يأخذنا يميناً وقلب يأخذنا يسارا، عقل يهبط بنا وعقل يصعد بنا؛ قبل الظهر شيء وبعد الظهر شيء؛ في طوابير الذل شيء وفي طريقنا الجبليّ إلى قرانا شيء آخر؛ حين نشاهد نشرات الأخبار شيء وحين نلاعب أحفادنا شيء آخر؛ في كل يوم وساعة ودقيقة نعيش الحالتين؛ نكرهه ونتمسك به، نغضب منه ونبكي علينا وعليه.
هي معضلة الأوطان؛ الأوطان التي نعرف أنها لا تقوم بسهولة، لا نستيقظ لنكتشف أن لدينا وطناً؛ لا تولد الأوطان الحقيقية إلا من تضحيات جسام، وها نحن نعيش هذه التضحيات. لكن السؤال الذي يؤرقنا ويخنقنا ويمنعنا من التنفس هو: هل يمكن لهذه التضحيات أن تنتج وطناً فعلاً، في ظل قوة المافيات من جهة والتضليل الاعلامي الهائل من جهة والتمسك الدولي بالفاسدين والمفسدين من جهة وتفضيل كثيرين المصلحة الخاصة على المصلحة العامة من جهة. هل ثمة أمل فعلاً؟ ومن القلب إلى العقل إلى الروح؛ في روح كل لبنانيّ روحان؛ روح مستسلمة منهزمة ترفع الرايات البيضاء وتقول لهم خذوا ما شئتم وهاتوا علبة دواء أو تنكة بنزين أو أربعمئة دولار، وروح مؤمنة ثابتة متماسكة تواصل القتال بكل عناد.
هناك من يكابر ويتكبر ويصر على الإيحاء بكرهه لكل شيء واشمئزازه من كل شيء، لكن صدقوا أننا في هذه الأيام أكثر قرباً من بعضنا البعض، من أي يوم سابق؛ أكثر شعوراً ببعضنا البعض من كل يوم سابق، ولو لم نكن هكذا لما صمدنا هذا العام كله.
في حلقتنا الليلة سنبحث الملف اللبناني كما يجب؛ بتقاطعاته الداخلية والخارجية. فالإضاءة على المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية التي نعانيها مهم، لكن الأهم هو السؤال عن أسبابها، والتدقيق في هذه الأسباب، وحفرها في الذاكرة لمحاسبة المسؤولين الحقيقيين.
إلا أن تحديد الأسباب لا يكفي وحده، فلا بدّ أيضاً من تحديد المسارات التي يفترض بالحلول أن تسلكها، ليعرف المواطن أين “فشة خلقه” تفيده نفسياً لبضعة دقائق، وأين تفيده وتفيد وطنه في الخروج مما نتخبط فيه.
وهذه المسارات، بعضها محليّ طبعاً والبعض الآخر دوليّ حيث شاءت الظروف أن يقع البلد في لحظة حافلة بالمتغيرات الاقليمية والدولية التي لم ترس على برٍّ بعد، ويبدو واضحاً أنها تأخذ وقتها، غير آبهة كثيراً بما يمكن أن يحصل لنا.
في حلقتنا الليلة نستضيف الإعلامي سامي كليب لنبحث معه في “لعبة الأمم” في بلدنا، في حلقة غنية جداً بالمعلومات والتحليل، تربط الداخل بالخارج وتبحث في تناقضات الداخل وآفاق التغيير وإمكانية بناء وطن، لا مكان إقامة، فوق أنقاض هذا النظام.
سامي كليب: الراعي خائف.. والحريري عازم على الاعتذار
تمنّى الصحافي سامي كليب في بداية الحلقة ان يرى لائحة وطنية على امتداد الوطن بعيدا عن الطوائف والمذاهب في الانتخابات النيابية المقبلة، لافتا الى انّ “تصادم المشاريع الخارجية في المنطقة للأسف انعكس على لبنان وادى الى ما وصلنا اليه. وهناك رغبات داخلية بتغيير النظام وهناك انحجام دولي عن مساعدتنا والشعب اللبناني اليوم يعيش على “الحقن”.
واكّد انّ “الشروط التقنية متوفرة للاتفاق النووي بين ايران واميركا وما ينقص اليوم هو القرار السياسي الايراني”.
وفي الملف السعودي اللبناني، قال كليب: “السعودية لم تكن متحمّسة لفتح الملف اللبناني مع اميركا وفرنسا”، مشدّدا على انّ “لبنان خارج اولويات السعودية لطالما لم يبرم الاتفاق النووي بالاضافة الى انّها تعتبر كل المساعدات التي قدّمتها في السابق لم تحقق نتائج واي مساعدة حالية ستقدّمها سيحصل عليها حزب الله”.
وتابع: “أبواب السعودية مقفلة في وجه الحريري وهناك مشاكل شخصية بينه وبين ولي العهد السعودي”.
وأشار الى انّ “روسيا على علاقة جيّدة مع مختلف الافرقاء اللبنانيين ولا اعتقد ان هناك مشكلة لدى ايران من وجود استثمارات روسية كبيرة في لبنان”.
ورأى كليب انّ “البطريرك مار بشارة بطرس الراعي يطالب اليوم بالحياد من منطلق انّ حزب الله خاض حربا كبرى في سوريا، ولديه تأثير على القرار السياسي وانطلاقا من انهيار البلد”. وأضاف: “الراعي يخشى من مشكلة النظام والتي تحدّث عنها اليوم نصرالله وقلق على الدور المسيحي من ايّ صفقة كبرى ويخشى من ايّ تقارب سني وشيعي على مستوى النظام وان يصبح المسيحيون في الدور الثالث”.
واعتبر ان من باب مصلحة تيار المستقبل والحريري هو ان يعتذر عن تشكيل الحكومة، مؤكّدا انّ “الحريري يريد تخريج الاعتذار بطريقة لائقة وهو بات عازما عليه”.
وختم سائلا: “اذا تمّكن الرئيس بري ان يخرج بمبادرة سحرية تمكّن الحريري من تشكيل الحكومة ماذا سيمكنه ان يفعل في خلال 9 أشهر اي حتى موعد الانتخابات؟ بالتالي أرى ان شرّ رئاسة الحكومة بالنسبة للحريري في هذه المرحلة أكبر من خيرها”.
بروفيسور طنّوس: في هذه الحال ستشكّل “دلتا” خطرا كبيرا على لبنان
بدوره، لفت البروفيسور باخوس طنوس في مداخلة سريعة الى انّ “من تلقى جرعة واحدة من لقاحات كورونا او لم يتلقّاها معرّض بنسبة 60% للإصابة بمتحوّر دلتا”. وقال: “نتخوّف ان لا يقبل المواطنون ان يتلقّوا اللقاح وهذا الخطر بعينه وهنا ستشكّل “دلتا” خطرا كبيرا”.
وتابع: “الـPCR المتعارف عليه لا يمكنه ان يعرف في اللحظة نفسها ما اذا كان المصاب بكورونا لديه “دلتا” او “ألفا”. يمكن ان يلتقط المواطن كورونا ومنها متحوّر “دلتا” أثناء الرحلة على متن الطائرة”.