ينتظر اللبنانيون في أيّ هاوية سيسقط فيها وطننا لبنان مع احتدام الأزمة المعيشية والاقتصادية، خصوصا وانّنا أشرفنا على رفع الدعم بعد أن تأجّلت هذه الخطوة لأكثر من مرّة. وعلى ضوء انشغال حكومة الرئيس حسّان دياب بالتحضير لخطّة انقاذ تتمثّل بالبطاقة التمويلية التي كَثُر الحديث عنها في الفترة الأخيرة، استضافت الاعلامية داليا داغر في حلقة الاثنين من برنامج “ضروري نحكي” عبر شاشة الـ”OTV” المستشار الأوّل لرئيس حكومة تصريف الأعمال الأستاذ خضر طالب حيث عرضت وإياه آخر المستجدات المتعلّقة بالبطاقة التمويلية بالإضافة الى ملفّات حياتية اخرى تهمّ المواطنين.
وكان في الحلقة أيضا، مداخلة مع ممّثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا للتعليق على المشهد الذي رأيناه في الآونة الاخيرة امام محطّات الوقود، بالإضافة الى مداخلة مع الخبير وليد أبو سليمان، للقراءة في بيان حاكمية مصرف لبنان الأخير.
مقدّمة الحلقة:
في الأسبوع الأخير من شهر رمضان، خطفت فلسطين كل الأنظار بتأكيدها من جديد أن ما من بديل عن العدالة واحترام الحقوق. فلا الفضائيات تحل المشكلة ولا الاجتماعات الأممية ولا الانفاق الجنوني؛ ها قد استخدمت هذه كلها في لبنان كما في سوريا كما في فلسطين كما في أماكن أخرى من العالم ولم تحقق في اي من هذه الدول أهدافها السياسية، إنما ألحقت دمارًا هائلًا بالشعوب لا الأنظمة.
لا القوة الغاشمة تفيد ولا الاستبداد المطلق ولا الاستقواء الدائم بالخارج ولا الاستعلاء، إنما وحدة المعايير والعدالة واحترام الحقوق. فهل هذه المسلّمات كثيرة أو صعبة أو مستفزة؟ والأهم الأهم: هل تؤدي فعلاً إلى انتصار فريق على فريق أو تضمن انتصار البلد على كل الأفرقاء والمؤامرات ومشاريع التجويع؟
مع العلم أن صوت فلسطين الذي طغى في الأيّام الأخيرة لم يكن الصوت الوحيد، إذ أكد الجانب السعودي خبر المباحثات السعودية – الإيرانية، تزامناً مع تقدم المفاوضات الأميركية – الإيرانية، من دون أن يصدر أي نفي لكل ما اشيع عن مباحثات سورية – سعودية مباشرة، ما يؤكد أن الحروب التي دفعنا ثمنها الباهظ قد بلغت خواتيمها.
وهنا يفترض بكل مواطن أن يعلم أن هناك من بادر إلى إقحامنا في حروب غيرنا حين حوّل احتفالاته الحزبية في “البيال” وغيرها إلى منصة للمعارضين السوريين ونقل اجتماعات الأمانة العامة إلى ملاجئ التكفيريين، وهو يصر على الانكفاء اليوم وعدم تشكيل حكومة ليدفع اللبناني فاتورة الحرب والسلم؛ هناك من يريدنا أن نخسر إذا اختلف الأفرقاء الأساسيين في المنطقة وأن نخسر أيضاً إذا اتفقوا. المعركة هي مع هذه السياسات الاستراتيجية الخاطئة. المعركة هي مع هذه الأولويات التي لا تأخذ مصلحة الوطن والمواطن أبداً بالاعتبار.
ومع كل ذلك، ظروف البلد اليوم سوداوية جداً وصعبة وسنبحث مع ضيفنا الليلة بصفته الناطق الرسمي باسم رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في كلّ مخاوف المواطنين وهواجسهم والمصاعب اليومية التي تواجههم، لكن مع ذلك نحن لسنا ممن يستسلمون للصعاب أو يهللون للانهيار؛ لا أبداً، نحن ممن يواصلون البحث عن الأمل، نحن ممن يؤمنون بقدرتهم على صناعة مستقبلهم بأنفسهم بدل القبول بأن يقرر الآخرون عنا أي مستقبل ينتظرنا.
ومن هذا الموقع نقول إن ثقتنا بقدرة بلدنا على النهوض كانت وستبقى كبيرة جداً. في وقت أكدت فيه الخارجية الروسية لكل من يعنيهم الأمر أن الاستقرار الأمني في لبنان خط أحمر لن تقبل موسكو المس به. فيما استعادت واشنطن كما باريس تواصلها الدوريّ المباشر بالسلطات الرسمية اللبنانية بعد محاولتهما الفاشلة القفز فوقهم نحو بدلاء تأكدت العاصمتان من عدم جهوزيتهم.
مع العلم أن الروسي يتحدث باستفاضة عن وظيفة اقتصادية للبنان، حيث لا يمكن التفكير بنهوض من الانهيار عبر المزيد من الديون فقط. هذا أساس المهمة التي كان يفترض بالرئيس المكلف تشكيل حكومة مهمة أن يحدده، لكن البحث مع الفرنسي لم يتقدم في هذه النقطة، بعكس الروسي الذي يحاول أن يبلور مع المعنيين دوراً اقتصادياً يسمح للبلد بالنهوض.
لا قرار لرفع الدعم قبل اقرار البطاقة التمويلية
أكّد المستشار الاول لرئيس حكومة تصريف الأعمال الاستاذ خضر طالب انّ “لا رفع للدعم من دون إقرار البطاقة التمويلية التي تعمل عليها حكومة الرئيس دياب”، معتبرا انّ “ما يحصل امام محطّات الوقود هو من عمل المافيات”، وقال: “ازمة الوقود في الـ48 ساعة الماضية تقف وراءها المافيات، والبلد مفتوح على تجار يتحكمّون به ويستغلّون التصريحات الوهمية والشائعات لإخفاء السلع بهدف تحقيق ارباح هائلة”، مؤكّدا انّ “الوقت سيكشف الاوركيسترا التي تعمل على تسريب المعلومات المتعلّقة بفقدان البنزين من الأسواق وكذلك الجهات التي تسرّبها”.
وأشار طالب الى انّ “حكومة الرئيس دياب تقوم بتصريف الأعمال بأعلى مستوى ممكن من دون خرق الدستور والحكومة ككيان قد انتهت بعد الاستقالة وفور تنازلها عن ثقة مجلس النواب”، لافتا الى انّ “الزيارة الى قطر كانت مقررة منذ السنة الماضية وتأخرت بسبب جائحة كورونا واهمّ نقاط جدولها كانت البطاقة التمويلية والدعم في ملف المحروقات”. وشدّد طالب على انّ “قطر لم تطلب من الرئيس دياب اي شيء وكان لديها رغبة وحماس من اجل مساعدتنا في الملفات التي طرحناها في خلال الزيارة ولا زلنا ننتظر الجواب بحكم ان المسؤولين القطريين يعملون بطريقة مختلفة”، فيما لفت الى انّ ” البحث لم ينته بعد في موضوع الاتفاقية مع العراق بل هو قائم ومرشّح لأن يحصل في أيّ وقت والأمور اللوجستية قد انجزت بإنتظار اجراء الزيارة لإتمام الاتفاقية”.
ودعا طالب لإستعادة قرار تشكيل الحكومة من الخارج وتذليل العقبات داخليا من قبل كلّ الأطراف المعنية بالتشكيل لكي نصل الى الحلّ، معتبرا انّ “فرنسا قدّمت مبادرة لتشكيل الحكومة ولكن لا أعتقد انّها الجهة الوحيدة التي كانت تقف وراء هذا الملف لذلك تعثّرت ولم تنجح في اتمام مبادرتها”. وتابع: “ربّما كانت فرنسا قد اعطت الحريري اشارة ايجابية تتعلّق بإنفراجة اقتصادية ما لذلك تمسّك بشروطه في تشكيل الحكومة وهو مرشّح طبيعي للتكليف. امّا تمسّك الثنائي الشيعي بتكليف الحريري يعطي هامشا داخليا اوسع من اجل الوصول الى حلّ لتشكيل الحكومة”، لافتا الى انّ “17 تشرين أسقطت كل المنظومة السياسية وليس فقط الرئيس الحريري”.
كما دعا طالب الى اقرار قانون انتخابي حقيقي يمثّل اللبنانيين لا الطوائف، ورأى انّه من هنا نبدأ ببناء الدولة المدنية الحقيقية ولن تنقذنا الا هذه الدولة”.
طالب: شركاء دياب في الحكومة خذلوه
واكّد طالب انّ “النفق المذهبي تصدّى لحكومة حسان دياب الوطنية اللاطائفية والرئيس دياب هو نقيض المحاصصة والدويلات ونحمّل الشركاء في الحكومة مسؤولية عدم حمايتها. والرئيس دياب لم يطلب تعليق الأوسمة من أحد وغالبية شركائه في الحكومة خذلوه”.
وردّا على النائب ايلي الفرزلي حين قال انّ الرئيس حسان دياب من “اهل الكهف”، قال طالب: يبدو ان الفرزلي لا يعرف من هم “أهل الكهف” وأفضل للرئيس دياب ان يكون من اهل الكهف من أن يكون من “أهل مغارة علي بابا”.
وفيما يخص “دستورية” انعقاد جلسة استثنائية للحكومة، كشف طالب بأنّ “الرئيس دياب قال ليعطينا مجلس النواب الإشارة من اجل توسيع صلاحية حكومة تصريف الاعمال الا انّ البرلمان قال انّ المواد الدستورية لا تسمح بذلك”.
وتابع: “هناك 150 مليار دولار من أموال المودعين تبخّرت وبعض القوى السياسية تتباكى اليوم من اجل فتات هذه الأموال. من هنا نرى انّ التدقيق الجنائي ضرورة لمعرفة مصير اموال المودعين ولا أحد يستهدف شخص حاكم مصرف لبنان بل يجب البحث في التحويلات المالية التي جرت الى الخارج”، مشيرا الى انّ “لحاكم مصرف لبنان امكانية اتخاذ قرار رفع الدعم منفردا”.
وعن الدعاوى المقامة ضدّ حاكم مصرف لبنان في الداخل والخارج، شدّد طالب على انّ “الحكومة لا تتدخّل في عمل القضاء وقانون النقد والتسليف يحدّد محاسبة او اقالة حاكم المصرف”.
وعن مصدر الدولارات لدعم البطاقة التمويلية، قال: “حاول الرئيس دياب أن يحصل على الدولارات من قطر في خلال زيارته الاخيرة وهو لا يزال ينتظر الجواب كون المسؤولين القطريين وفي مقدّمهم امير قطر لا يزالون يدرسون الملفّ والجو ايجابي”. واعتبر طالب انّ “البطاقة التمويلية هي حاجة وأساس وليست اختراعا وهناك اكثر من مخرج لمصدر تمويلها لا يزال جاري البحث بها؛ ونعتمد معايير البنك الدولي لتحديد العائلات التي ستشملها البطاقة التمويلية والرقم الذي توصّلنا اليه قريب جدا من ارقام الجهات الدولية”، مؤكّدا انّه “سيكون هناك رقابة معيّنة على المنصة التي تُسجّل عليها العائلات الاكثر حاجة والتي ستشملها البطاقة التمويلية”.
وأضاف: “لم يعترض احد على فكرة البطاقة التمويلية ولم يحصل ايّ تواصل مع “المركزي” حول هذا الملف”، خاتما بأنّ “وضع البلد خطير جدا وهناك ازمة اقتصادية اجتماعية معيشية صعبة وانقسام سياسي ولا بدّ من حد ادنى من الحسّ الوطني لكي نتخطى كل هذه العقبات”.
ممثل موزعي المحروقات: لم نتبلّغ قرار لرفع الدعم
اكّد ممثل موزعي المحروقات فادي ابو شقرا انّنا “لم نتبلّغ ايّ قرار لرفع الدعم عن المحروقات والشائعات ادّت الى المشهد الذي رأيناه في الـ48 ساعة الماضية امام محطّات الوقود”، كاشفا انّ “هناك خطّة للإبقاء على دعم المحروقات بما يخصّ أصحاب الباصات والتاكسي”.
وعن أسعار المحروقات عند رفع الدعم، اعتبر ابو شقرا انّ “كل ما يتمّ التداول به مجرّد أرقام ولا نريد أن نعلّق عليها ولدينا ثقة بأن المسؤولين لن يسمحوا بأن تصل أسعار المحروقات الى ما يتمّ التداول به”.
400 مليون دولار متبقّية لدى مصرف لبنان؟!
بدوره اشار الخبير وليد أبو سليمان الى انّ “بيان مصرف لبنان الاخير ليس تعميما واذا اراد امتصاص نقمة المودعين فسيكون من الاحتياط الالزامي؛ وعلى حاكمية مصرف لبنان ان تخاطب الشعب اللبناني بما تبقّى لديها من دولارات”.
ولفت الى انّ “وبحسب الأرقام المتوفرة فإنّ مصرف لبنان لم يتبقّ لديه سوى 400 مليون دولار وايّ مسّ بالإحتياط الالزامي قد يعرّض حاكم مصرف لبنان للملاحقة”.