رحلة صعود الزعيم عادل امام من “دسوقي أفندي” لـ”بودي جارد”


لم يكن لقب «الزعيم» الذي توَّج الجمهور به الفنان عادل إمام من قبيل المبالغة، ولكنه كان امتدادًا لجسر بُني على ثقة أساسها مدة تزيد على 60 عاماً هي مشواره الفني، قدم خلالها العديد من الأعمال الكوميدية والسياسية حتى أصبح نجم الشباك الأول فترة طويلة بلا منازع سينمائياً ومسرحياً وتليفزيونياً.

ولعل تصريحات الزعيم عن حبه للمسرح عندما قال: «المسرح هو أقرب أنواع الفنون بالنسبه لى، لأننى يومياً على موعد مع 2000 فرد من جمهورى» بهذا التصريح هو يؤكد أن نجومية الفنان لا تأتى إلا من احترام جمهوره.

«مصر فيها حاجه حلوة.. فيها عادل إمام» شعار رفعه المهرجان القومى للمسرح، ليحتفل بتاريخ من النجومية للفنان القدير، الذى أبكى جمهوره وأضحكهم فى لقاءات يوميه معه على مدار 60 عاماً هى فترة وقوفه على خشبة المسرح ليقدم فى كل عمل مسرحى شخصيات أتقنها حد التوحد معها، وتفاعل معها الجمهور، وأصبحت إفيهاتها جزءاً من حياتهم اليومية، ونرصد فى هذا التقرير أهم كواليس مسرحيات عادل امام.

«أنا وهو وهي »، أولى المسرحيات التي شارك فيها الزعيم، وجسد شخصية الأستاذ دسوقي أفندي المحامى، وملابس هذه الشخصية كانت أكثر ما يلفت النظر لها، وكشف إمام أن ملابس هذه الشخصية استقاها من مخازن التليفزيون، حيث كان يشاهد موظفى المحاكم بنفس الملابس، واضطر ان يحضر القميص ويقطعه حتى يتقمص الشخصية، ولم يكن أحد يعرفه فور دخوله على مسرح الأوبرا فى المشهد الثانى من المسرحية، ولكن بمجرد أن أمسك التليفون وتحدث فيه معرفاً بنفسه: «مكتب حمدى عطية المحامى وأنا الاستاذ دسوقي أفندي الوكيل بتاعه» ضج المسرح بالضحك وصفقوا له كثيراً لتنطلق نجوميته على المسرح من مجرد جملة واحدة.

وبعدها مسرحية «مدرسة المشاغبين»، التى حققت نجاحاً كبيراً وشهدت كواليس مهمة، كان ضمنها حضور الفنان عبدالحليم حافظ لمشاهدة مسرحية «مدرسة المشاغبين»، ودخل الى الكواليس ليسلم على فريق العمل، وقتها كان يسجل عادل إمام مسلسلاً إذاعياً مع عبدالحليم حافظ بعنوان: «أرجوك لا تفهمني بسرعة»، وكانت مفاجأة كبيره لكل ابطال المسرحية بسبب حضور العندليب للزعيم.

وكان الفنان الراحل سعيد صالح مرشحاً لدور«بهجت الأباصيري» كبطل أول للعمل، ولكنه بعد أن قرأ النص، فضّل دور «مرسى الزناتى»، مرشحاً بنفسه «الزعيم» عادل إمام لتأدية دور «قائد الطلبة»، وفق ما كشف كاتب العمل على سالم فى إحدى المقابلات الإعلامية.

«ينكمش بالحرارة ويتبربر بالبرورة»، أحد أهم إفيهات المسرحية، كشف عادل إمام أن أساس هذا «الإفيه»، كان شقيقته منى وقال: «أول من نطق هذه الجملة هى منى شقيقتى بينما كنت اساعدها فى دراستها، وكان سعيد صالح رحمه الله حاضراً وقتها، فسألها شيئاً من الدرس لم تكن حفظته بعد، فردت بالجملة الذى أصبحت «إيفيه» على لسان «مرسى الزناتى» سعيد صالح.

أيضاً الارتجال والخروج عن النص، كان سبباً أساسياً فى انسحاب الفنان عبدالمنعم مدبولى وقدم الدور مكانه الفنان حسن مصطفى.

ومسرحية «شاهد ما شافش حاجة»، تعتبر إحدى أهم المسرحيات التى كان يرتجل فيها عادل امام ويخرج كثيراً عن النص – حيث أضاف عادل إمام مشهد «المياه الغازية مع حاجب المحكمة الفنان سامى جوهر، والذى أصبح مشهداً مميزاً فى المسرحية وزاد فيه دور الحاجب بشكل كبير لأنه لاقى إقبالاً من الجمهور، أيضاً مشهد دخوله بالخيار إلى شقته، وحظى المشهد بإعجاب عال خلال عرضه فى دولة السودان، ولم يكن مضافاً للمسرحية من الأساس.

حققت بعد ذلك مسرحية «الواد سيد الشغال» نجاحاً ضخماً ووصل عرضها إلى 9 سنوات، ومن ضمن كواليسها أنه قد تزامن عرضها فى الإسكندرية مع مسرحية «خشب الورد» التى كان يقدمها الفنان محمود عبدالعزيز، وكانت المنافسة شرسة للغاية وصلت إلى حد الخلاف.

أيضا ضمن الكواليس أن أبطال المسرحية الذين نعرفهم هم عادل إمام وعمر الحريرى ورجاء الجداوى ومشيرة إسماعيل ومصطفى متولى، ولكن مشيرة إسماعيل لم تكن موجودة فى البداية بل كانت الممثلة سوسن بدر وتم استبدالها لتأتى محلها شهيرة ويتم تصوير المسرحية بها.

كانت من ضمن كواليس المسرحية الفنانة سوسن بدر التى تحكى كواليس المسرحية بأنها سقطت على خشبة المسرح خلال نزولها على السلم، ما أدى الى كسر قدمها وهو الامر الذى غير مسار المسرحية، حيث اصيبت بعدها بأزمة كلوية اضطرت فريق العمل لتغييرها بالفنانة مشيرة إسماعيل فى 1987.

أما عزة بهاء فتحكى كواليس تفاصيلها فى المسرحية، بانها دخلت لعادل امام وقالت له: «النهاردة عيد ميلادى» بمجرد أن أنتهى من تقديم دورى سأخرج دون إلقاء التحية على الجمهور، فما كان من الزعيم إلا ان رفض وقال لى «تحيه الجمهور» جزء لا يتجزأ من المسرحية، فهو يعى تماماً أهمية الجمهور.

وتذكر أحمد الأبيارى كواليس مسرحية الواد سيد الشغال إخراج حسين كمال وقال لأول مرة يتم عمل أفيش يحتل الصفحة الأخيرة بالكامل كإعلان عن المسرحية فى الصفحة الأخيرة لجريدة قومية بسبب نجومية عادل امام.

وكانت المسرحية مليئة بالارتجالات، منها مشهد عمر الحريرى، عندما يقول له عاملى «دحلان فى فوازير رمضان»، ومشهد المياه عندما طلب من مصطفى متولى أن يضع الكوب فى جيبه وأصر أن يقول الإفيه أثناء تصوير المسرحية.

أما مسرحية «الزعيم» شهدت كواليسها العديد من الذكريات الحزينة للزعيم، حيث روى عادل إمام، معرفته لخبر وفاة والده، قبل صعوده المسرح فى لبنان، وقال فى حوار سابق: أبويا اتوفى وأنا فى لبنان بعمل مسرحية، وآخر يوم عرض ليا، جالى خبر وفاة والدى، دخلت على مراتى قالت لى البقاء لله بابا تعيش أنت.

وأضاف عادل إمام: أنا قدام الصدمات بيجيلى حالة من الهدوء النفسى، سكت خالص، ومقدرش ألغى المسرح طبعاً، فـرحت وعرضت المسرحية، وبعد ما خلصت حسيت إنى عايز أتكلم عن أبويا، فـ هتكلم مع مين غير مع جمهورى، وبعد انتهاء المسرحية قولت لهم «اليوم مات أبي»، ووريتهم صورتى مع أبويا، ولقيت منهم اللى بيعيط واللى بيضحك، ورجعت مصر ورحت أقرأ له الفاتحة.

وكانت من بين الكواليس التى تؤكد تركيز عادل إمام، هو اضطرار رجاء الجداوى لتغيير فستانها بعد ان انقطعت «سوسته الفستان» وأوقف إمام العرض وسخر من تغييرها الفستان، ما يؤكد أن الزعيم كان يركز فى كل تفصيلة.

وكانت آخر مسرحيات الزعيم هى «بودى جارد» والتى مرت بالعديد من المواقف حيث توفى أحد أبطالها بعد عرضها بعام واحد، وهو الفنان مصطفى متولى، الذى كان بديله الفنان محمد أبوداود، ورغم الفاجعة قرر الزعيم فتح الستار وعرض المسرحية رغم انهياره، وكانت الليلة الأسوأ لعادل إمام، وبمجرد غلق الستار انهار ودخل فى نوبة من البكاء.

ولطول فترة العرض، تعرضت المسرحية لتغيير أكثر من بطل من أبطالها سواء بسبب الخلافات أو الوفاة، كما أنّ عددًا منهم رحلوا عن عالمنا فى الوقت الراهن فقبل عرضها على الإنترنت، أو التلفزيون، توفى الفنان عزت أبوعوف، والفنان سعيد عبدالغنى، كما كانت الفنانة رغدة هى البطلة الأولى لمسرحية بودى جارد، لكنها اعتذرت لظروف خاصة بها، وبدأ عرضها بالفنانة شيرين سيف النصر، ثم جرى استبدالها فيما بعد بالفنانة رغدة لعام واحد، ثم عادت الفنانة شيرين سيف النصر للعمل مرة أخرى.