جزيرة الالوان “هرمز الإيرانية”.. أسرار جيولوجية عمرها ملايين السنين


تُعرف جزيرة هرمز الواقعة في مضيق هرمز جنوب إيران بأنها واحدة من أكثر الوجهات الطبيعية فرادة في المنطقة، حيث تمتزج فيها الجغرافيا الجيولوجية النادرة مع مشاهد بصرية لا تُشبه أي مكان آخر على ساحل الخليج. ورغم صغر مساحتها، إلا أنها تبدو كمعرض مفتوح للطبيعة السريالية، تجمع بين الرمال الملونة، وجبال الملح المتلألئة، والتكوينات الصخرية المتعرجة التي تشبه أعمالًا فنية نحتتها الرياح والمياه عبر آلاف السنين. الوصول إلى الجزيرة يتم عادةً عبر قوارب سريعة من ميناء بندر عباس، وما إن تطأ القدم اليابسة حتى يشعر الزائر أنه انتقل إلى كوكب آخر، حيث لا تُشبه الأرض لونها المعتاد، ولا البحر مياهه التقليدية.

شاهد فيديو من الجزيرة عبر الرابط

https://www.tiktok.com/@esraa.life/video/7476970989490900242?lang=ar

الشاطئ الأحمر
أبرز ما يجذب الأنظار في هرمز هو الشاطئ الأحمر الذي أصبح رمزًا سياحيًا عالميًا، وذلك بسبب اللون القرمزي الساطع الذي تكتسي به الرمال نتيجة وفرة أكسيد الحديد في التربة. هذا اللون يتغير على مدار اليوم بتغير زاوية الشمس، فتبدو الرمال أحيانًا كالذهب المحمر، وأحيانًا كالجمر المتوهج، بينما تعكس الأمواج الزرقاء درجات اللون فتتحول إلى خليط بصري مذهل ما بين الأزرق والبرتقالي والأحمر. ولا يقتصر الأمر على النظر فقط، بل إن التأثير يتعدى إلى الصوت والملمس؛ فحبيبات الرمل لها خشونة مميزة وصوت مختلف تحت الأقدام، مما يجعل المشي على الشاطئ تجربة حسية كاملة تمنح الزائر شعورًا بالانغماس في الطبيعة. وتعتبر هذه الظاهرة من أهم عوامل جذب المصورين ومحبي الفوتوغرافيا، حيث لا تتكرر بنفس الشكل مرتين بسبب تفاعل الضوء والمياه والملح.

جبال الملح وكهوف الكريستال
بعيدًا عن الساحل، تنتظر الزائر مفاجآت أخرى لا تقل سحرًا عن الشاطئ، أبرزها جبل الملح المعروف محليًا بـ«قلب الأرض». هذا الجبل عبارة عن كتلة ضخمة من الملح البلوري المتدرج الألوان، تتراوح درجاتها بين الأبيض الشفاف والوردي والبرتقالي، وكأنها موجات متجمدة من الضوء. وفي بعض المناطق تتشكل كهوف ملحية داخل الجبل، تدخلها أشعة الشمس من الشقوق فتنعكس على بلورات الملح فتبدو كممرات من الكريستال. ويعتقد الجيولوجيون أن هذه التكوينات تشكّلت قبل ملايين السنين بفعل ضغط الطبقات الأرضية وتحولها إلى قباب ملحية بفعل الحرارة العالية. كما تنتشر في الجزيرة تلال ملونة تعرف باسم «وادي القوس قزح» بسبب التدرجات اللونية في الصخور التي تكونت بفعل المعادن المتنوعة مثل الكبريت والمنغنيز والنحاس.

ثقافة
ورغم الطابع السريالي للطبيعة، فإن الحياة في هرمز تتميز بالبساطة والانسجام مع البيئة. يعتمد السكان المحليون على الصيد والحرف اليدوية، ويشتهرون بصناعة توابل حمراء فريدة تُستخرج من الرمال الغنية بالحديد وتُستخدم لإعداد وجبات تقليدية تعرف باسم «سوراغ»، حيث تُقدم مع الخبز أو الأسماك المشوية. ويمكن للزائرين التجول في السوق الشعبي الصغير وشراء هذه المنتجات إلى جانب الأقمشة المطرزة والمشغولات اليدوية التي تُصنع من الأصداف وألياف النخيل. وتُعزز هذه التفاصيل الشعور بأن الجزيرة ليست مجرد معلم طبيعي، بل عالم متكامل يجمع بين الجمال البيئي والثراء الثقافي.

يدرك الزائر أن هرمز ليست مجرد وجهة سياحية بل تجربة حسية وبصرية وروحية يصعب العثور على شبيه لها في أي مكان آخر. فهي مكان يتجاوز الترفيه إلى التأمل، ويجمع بين الواقع والخيال في مشهد أرضي يكاد ينافس لوحات الفنانين السرياليين. لذا، فإن من يبحث عن مغامرة غير مألوفة بعيدًا عن صخب المدن سيجد في هذه الجزيرة الإيرانية الصغيرة بوابة لعالم كبير من الدهشة والانبهار.