غنوة … لم تكتمل!


 

طارق سعد

 

 

ماذا لو كان القرار بعد صراع ببداية جديدة – وعند لحظة تحقيق الحلم والأمل .. عند البداية .. تكون النهاية؟!

 

إنه القدر الذي اختار الفنانة الموهوبة الشابة “غنوة محمد على سليمان” لحظة الاحتفال بتحقيق حلمها بعد صراعات طويلة وحروب أطول .. كتب حادث أليم نهاية “غنوة” في نفس اللحظة التي كانت تُكتب لها البداية بظهورها أخيراً كممثلة فى مسلسل “الأب الروحي –ج2” بدور مميز نال استحسان الجميع وإشادتهم وتقديرهم بعد يأسها من تحقيق حلمها الأول بالغناء بعدما أُغلقت في وجهها كل الأبواب بفعل فاعل!

 

فى اللحظة التي بدأت فيها “غنوة” من جديد ترتيب أوراقها تبعثرت الأوراق فجأة وكان القدر أسرع فى قراره .. صدمة أصابت الجميع .. بالطبع كل من حالفه الحظ بمعرفتها أو الاقتراب منها ويعرف عنها رحلة معاناتها وأيضاً من لا يعرف عنها سوى لقطات من هذه المعاناة فكانت المشاعر منجرفة كالشلالات تعاطفاً مع فرحة انفراجة المعاناة التي انقلبت لعزائها شخصياً.

 

لم تنشغل” غنوة” طوال عمرها القصير والذي توقف عند الـ 30 إلا برغبتها في إظهار موهبتها التي ورثت جيناتها من عائلتها فعشقت الغناء وقررت أن يكون مستقبلها خاصة بعد إشادة الجميع منذ صغرها بعذوبة صوتها وتمكنها إلا أن هناك من استكثر عليها هذا المستقبل فلم تكن تتصور أنها ستلاقي المواجهة بالحرب الضروس مِن أقرب مَن لها فتنغلق أمامها كل الأبواب بالسلاسل المجنزرة لتصل إلى امتناع الجميع عن مساندتها لتصبح مطربة تستمتع بموهبتها وتستثمرها فتٌضرب أحلامها في مقتل من أجل شقيقتها النجمة اللامعة التي منعتها بكل السبل من تحقيق حلمها بل وصل بها الأمر إلى إنكارها من الأساس كما تردد من جميع المقربين لتصاب “غنوة” بحالة من القهرة بسبب الظلم الذي يعصف بها من كل اتجاه … فقط حتى لا تكون موجودة على الساحة وكأن اسم العائلة لن يتحمل اثنتان!

 

فقدت “غنوة” حلمها بطعنات غادرة ولم تفقد إيمانها بموهبتها وظلت تترقب فرصة صغيرة من هنا أو هناك وتزوجت وأنجبت ابنها الصغير وانفصلت وظلت متمسكة بحلمها لا ترى غيره ولا ترى نفسها إلا بطلته وعلى الجانب الآخر تُبني المتاريس وحوائط الصد وتدهورت العلاقات العائلية وطالت الأب الموسيقار الكبير لتظل “غنوة” وحيدة “تعافر” بذراعيها دون أية مساندة.

 

فقدت “غنوة” حلم الشهرة والجمهور ولكنها لم تفقد الأمل فبعد اختفاء عادت فجأة تلمع كممثلة في مسلسل” الأب الروحي – ج2″ والمفاجأة أنها حققت نجاحاً ولفتت الأنظار من أول مشهد وكانت فرحة جميع من يعلم الشقاء الذي رأته وعاشته لإزاحتها من الطريق لا تقل عن فرحتها بوصولها أخيراً لنقطة بداية جديدة تنطلق منها وتوفر منها مصدر رزقها لتؤمن حياة كريمة لابنها الصغير بعدما حققت حلمها أخيراً ودخلت في بؤرة الأضواء إلا أن هذه المرة فقد الحلم نفسه “غنوة” في لحظة خاطفة لتترك الحياة بكل حروبها وشرورها وتتحول لحظات فرحها إلى مأتم فلعل النفوس تستفيق من غفوتها ولكنه وقت لا ينفع فيه الندم ولا تستطيع الدموع تكفير الذنب أو غسله.

 

الغريب أن الجميع تذكر فجأة “غنوة” وموهبتها وأحلامها وطموحاتها فأين كانوا هؤلاء وهي تصارع الحياة وحيدة بخنجر مسموم في ظهرها؟! لماذا استكثروا عليها فرحة تعيشها في حياتها بتحقيق حلمها؟! لماذا لم ترى “غنوة” هذا الحب الجارف الموجود على صفحات التواصل الاجتماعي على حياة عينها؟

 

لماذا حرمتم “غنوة” من الغنوة؟!

 

مؤكد هي الآن لا تملك “واي فاي” في مرقدها لتتصفح وتشاهد مشاعركم واعترافكم بها وبموهبتها وأيضاً مزايداتكم … هي وغيرها ممن تتذكرونه فجأة بعد رحيله في حين أنكم تركتموه وابتعدتم وهو بينكم ولكنكم في غفلة!

 

مؤكد أيضاً أن هذه النهاية لن تترك مجالاً لتصديق أحاسيس ومشاعر ملكة الإحساس فى أغنياتها بعدما كان الزيف والقسوة عنواناً وحيداً للحقيقة.

 

يا كل من يمتلك مصائر المواهب وتحقيق أحلامهم وطموحاتهم .. إعطوهم فرصهم التي يستحقونها .. إعطوهم حقهم في الحياة طالما يستحقونه .. لا تمنعوا عنهم فرصهم مقابل المصالح والـ “شلليلة” .. لا تنتظروا حتى يرحلون وتترحمون عليهم وتتحفونا بذكرياتكم معهم …. ربما تحلمون يوماً أنتم أيضاً بحلم وتستميتون عليه ويمنعه غيركم فترحلون دون تحقيقه .. فالعجلة تدور والميزان لا يختل.

 

رحلت “غنوة” ولكنها ستترك بصمة فى قلوب الجميع مغلفة بمرارة الظلم والقهر التي ذاقتها لكي تعلن فقط عن نفسها ويبقى العمل الفني الرئيسي والأهم في حياة الموسيقار الكبير “محمد علي سليمان” على مدى الدهر ناقصاً .. اكتملت فيه الـ “أنغام” ولم تكتمل الـ “غنوة”.

 

رحلت “غنوة” ولم تحقق حلمها الوحيد بالغناء لتبقى نفسها “غنوة” …. غنوة لم تكتمل!