بين الجمهور ونجومه علاقات مختلفة ومتباينة .. قليل من هؤلاء النجوم الذي يرتقي في هذه العلاقة لتخرج عن الشاشة ويضيفهم الجمهور إلى عائلته وأسرته كفرد أصيل منهم ويراهم ويتعامل منهم من هذا المنطلق الذي يصنع خصوصية كبيرة لهذه العلاقة ويبني لها أساسات قوية لتظل ممتدة رغم تغير الأحداث والزمن.
“مي عز الدين” من أهم النجمات التي وضعها الجمهور في هذه الدائرة شديدة الخصوصية في علاقته معها منذ تعارفه الأول على “ماهيتاب عز الدين” الوجه الجديد الذي قدمه النجم “محمد فؤاد” بطلة أمامه في فيلمه “رحلة حب” لتحقق نجاحاً كبيراً ويراها بعد ذلك “مي عزالدين” في الدراما والسينما تحقق نجاحاتها فنانة شابة ثم نجمة ويرتبط بها الجمهور ارتباطاً حميمياً فيراها جزء منه .. أخته – صديقته – حبيبته – قريبته جارته .. يتفاعل معها ويتأثر بها .. ولها أيضاً.
نجاح “مي” في استمرار هذه العلاقة لم يكن بنجاحها الفني فقط ولكن بنجاحها الشخصي في الحفاظ على صورتها عند جمهورها فطوال مشوارها على مدار 24 عام لم يسمع عنها ما يؤذيه أو يصله أخبار عنها لا ترضيه .. طوال الوقت تظهر “مي” فقط في أعمالها حتى أنه لا يراها في تجمعات ولا مناسبات إلا قليلاً من التكريمات .. نجحت “مي” في بناء مساحة احترام بينها وبين جمهورها جعله دائماً مرتبطاً بها ويبحث عنها .. يدعمها ويبقى دائماً السبب الرئيسي في نجاحها واستمرارها .. يختلف معها أحياناً في بعض الأدوار أو الأعمال كأي علاقة صحية بين الجمهور ونجمه المفضل ولكنه اختلاف “حب” طمعاً في أن يراها دائماً في الأفضل كما تستحق ولكنه دائماً ما يحتويها وينتظرها وينتظر نجاحها ويشاركها فيها .. وفي أزماتها أيضاً.
علاقة “مي” بجمهورها جعلت دقات قلبه تتسارع مع دقات قلبها في محنة مرض والدتها .. قلق عليها .. سأل عليه .. غابت “مي” .. شعر الجمهور بأنها “وحشته” .. عادت “مي” بمشهد واحد في نهاية مسلسل “كوبرا” مع “محمد إمام” ليحتفي بها الجمهور بشكل غير عادي وينافس مشهدها كل أعمال رمضان ويستحوذ على صفحات الـ “سوشيال ميديا” .. ربما صدم رد الفعل هذا “مي” وربما لأنها لم تكن تتوقع حجم مكانتها لدى الجمهور ومكانها الذي يحفظه لها فكانت المفاجأة والدهشة مما يحدث .. هذا الجمهور نفسه الذي يهاجم كل الفنانين الذين يشاركون في موسم الرياض لم يقترب من تجربة “مي” خاصة أنها كانت بطلة في عرض الأزمة الشهير بين “بيومي فؤاد ومحمد سلام” وبرغم كل الصخب المصاحب إلا أن الجمهور ضلل على “مي” وخرج بها في ممر آمن حباً لها ومساندة في محنتها وهو يدعو لوالدتها لأنه يعلم قوة الترابط بينهما ويشفق عليها من هذه المحنة .. وأشفق أكثر بعد رحيل الأم.
مفاجأة “مي” في عودتها بطلة لمسلسل “قلبي ومفتاحه” تحمل أحزان الدنيا في قلبها وعينيها .. الجمهور يراها ويشعر بها وبنبضات قلبها الغير منضبطة وهو يستقبلها بمنتهى الفرح والبهجة .. هكذا دائماً انطباع ظهور “مي” ولكن لم تكن المفاجأة في العودة بل في المستوى الرائع من الأداء الذي قدمته وكأنك ترى فنانة جديدة تماماً وبالتشريح الفني ستجد أن “ميار – قلبي ومفتاحه” هو أفضل أدوار “مي” على الإطلاق فكل شيء فيها جديد ومختلف ومميز والحقيقة أن اختيار “مي” تحديداً لهذا العمل هو السبب الرئيسي في نجاحه .. ونجاح “مي” بعودة جديدة تماماً مناسبة لتشوق الجمهور لها بعد غياب فـ “ميار” في المسلسل تحمل بداخلها مشاعر متضاربة تعاني من انكسار داخلي وحزن دائم وقلق وتخوف مستمر وانعزال عن العالم المحيط منغمسة في أزمتها .. تشعر دائماً بأنها في ورطة لا تجد لها حل فهي غير مسئولة عنها ولا صنعتها ولكنها فُرضت عليها وفًرض عليها التعامل والتعايش معها .. نفس ما يدور بداخل “مي” وتعاني منه تماماً بعد فقدانها لوالدتها .. الاستغلال الأمثل لحالة “مي” المتشابهة تماماً مع حالة “ميار” ذكاء كبير جداً من “تامر محسن” فهو المؤلف والمخرج .. الوحيد الذي يعيش تفاصيل الشخصية كاملة فكان نجاحه مع “مي” نجاحاً مكتملاً.
تخيل أن “مي” تخرج على جمهورها وهي لا تدرك حجم نجاحها لتعتذر له أنها ليست في مستواها المعهود ولم تقد لجمهورها ما ينتظره فقط لأنها تشعر بالمسئولية ولا تعلم أن سبب نجاحها هو أن الجمهور استقبل منها ما لم ينتظره وتفاجأ بأداء جديد تماماً بالرغم من أنه يرى أطنان الحزن والهم في عينيها ويشعر بها في كل تفاصيلها فكان حماسه لها أكبر ودعمه لها أكبر .. “مي” قالت أن “تامر محسن” احتواها وقدمت له الشكر وأهدته كلمات رقيقة .. فماذا ستهدي جمهورها الذي يحتضنها ويساندها ويقويها؟
“حمدالله عالسلامة يا مي” ..
أما بعد ..
عودتك قوية مبهجة ومفرحة .. حققتي أحد أهم نجاحاتك .. الجمهور متشوق وفي انتظارك ..
“شدي حيلك وقوي نفسك وارجعي اشتغلي” في انتظارك دراما وسينما وابني القادم من هذه النقطة ..
“قلبي ومفتاحه” بداية جديدة تليق بـ “مي عز الدين” لمرحلة جديدة.