د.طارق سعد يكتب: أحمد أمين .. عارفين ليه سموه النُص؟


نجوم قليلة تجد هناك إجماع عليهم من جموع الناس بمختلف أعمارهم والأطفال حتى الرُضَع أيضاً وهي منحة من الله يصرفها لفئة من هذه النجوم تجعلهم مختلفين عن كل أقرانهم.

أهم ما يميز “أحمد أمين” هو الاختلاف فمنذ ظهوره وهو صاحب فكر وصياغة وأداء مختلفين سواء في برامجه التي قدمها أو أعماله الفنية فيقترن اسم “أحمد أمين” دائماً بغير المتوقع وغير المألوف وأصبح اسمه مجرداً عامل جذب لا يقاوم وبدلاً من أن يفرض الجمهور ذوقه على النجم ويجبره على تقديم ما يحلو له استطاع “أمين” أن يفرض بصمته وفكره على الجمهور ويقدم لهم وجبة طازجة صحية لن تجدها في أطباق منافسة.

مسلسل “النُص” الذي قرر أن ينافس به “أحمد أمين” في رمضان ينضم لسلسة توجهات خياله وفكره ففي الوقت الذي يتنافس الجميع بين الصعيدي والخيانة والقتل والشعبي والـ “تجعير” قرر “أمين” أن يخرج من هذه المنافسة تماماً ويبحر وحده في الماضي ويرتدى الطربوش ويعيد صياغة “مذكرات نشال” مع المنتج المخضرم “تامر مرتضى” الذي يبحث في إنتاجه دائماً عن شيء مختلف فكان الذكاء بتقديم عمل بعيد تماماً عن كل المعروض ويأكل بعضه ليلتف الجميع حول شاشة “أحمد أمين” ليشاهد “نشال” من زمن فات يخوض مغامرات ويكشف أسرار ويعرض صورة بصرية تفصل المشاهد عن هموم العصر الذي يعيشه وتعود به لعبق الماضي البعيد ليشاهد معالمه ويغرق في تفاصيله ويصاحب شخصياته وهو ما جعل الـ “نُص” يتربع على قمة منفردة صنعها بنفسه لنفسه.

قوة “أحمد أمين” في سلاسته وسهولته يعتمد على الكوميديا الهادئة بدون ضجيج أو افتعال فكوميديا “أمين” تبدو سهلة في عرضها لكنها منتهى الصعوبة في تفاصيلها فهذا النوع من الكوميديا يحتاج لإمكانيات خاصة لمن يقوم بها أهمها سرعة البديهة والأداء المقنع لأن هناك من سياق الحوار ما يُضحك وفي الحقيقة هو كلام عادي لكنك تضحك لأنه من “أمين” بأسلوبه وأداءه وصوته في نفس الوقت أن هذه الجُمل نفسها لن تضحكك إذا سمعتها من غيره وهنا تبقى البصمة.

يحسب لـ “أحمد أمين” أنه شخص جماعي غير مبتلى بالأنانية فيستعين بشركاء في العمل لهم جاذبية وجماهيرية وأصحاب أداء أيضاً فكثير من النجوم يبحثون عن الكاميرا لأنفسهم في هذه اللحظة لكن “أمين” يبحث عن نفسه في العمل فتجده يقف أمام العبقري “حمزة العيلي” المتوحش أداءً بمنتهى السهولة والسيولة أيضاً التي يقدم بها الكثير من التفاصيل في مشهد واحد فقط وهي سمات خاصة لـ “حمزة” جعلت منه نجماً لمنطقة لا يشبهه فيها أحد وجعلت الجمهور يذهب ركداً للعمل الذي يحمل اسمه بين أبطاله فقدراته على تفجير الضحك من أبسط المواقف والكلمات تضعه في مكان منفرد وهو مدرسة فنية مستقلة لا تشبه مدرسة “أحمد أمين” الذي صنع معه ثنائياً مبهجاً على مدار الحلقات تشعر فيه بالحب والتعاون والتفاهم بلا أي تنافس في مركب واحد يحمل الجميع ويبحر بهم سلامتهم من سلامته.

تقديم الوجوه الجديدة أيضاً تشغل “أمين” في كل عمل فكما قدم كثي منهم سابقاً على رأسهم “حاتم صلاح ورحمة أحمد” يقدم أيضاً “عبد الرحمن محمد – زقزوق” و”ميشيل ميلاد – إسماعيل” وهي وجوه واعدة مستقبلها كبير.

النجاح الكبير الذي حققه “النُص” سببه الرئيسي بساطته وهدوء نجمه الذي يجتهد كثيراً قبل بداية أي عمل في التفاصيل الدقيقة التي قد ترهقه كثيراً ولكنه يخلص فيما يقدمه للجمهور لأنه يحترمه وقبله يحترم نفسه ويحافظ على جودته لذلك ينتظره الجمهور بشغف.

بين كل هذه التفاصيل وهذا النجاح للـ “نُص” تبقى المفاجأة وتكتشف الحقيقة أن “النُص” ليس لقب “أحمد أمين” في المسلسل .. لكن الـ “نُص” هو لقب “أحمد أمين” الحقيقي …

عارفين ليه سموه الـ “نُص”؟!

“علشان طول عمره ما بيقبلش بالـ نُص”!

“أحمد أمين” لا يقبل بـ “نُص” فكرة ولا “نُص” تنفيذ ولا “نُص” أداء .. “أحمد أمين” لا يقبل بالـ “أنصاص” .. “أحمد أمين” لا يقبل بـ “نُص” تواجد ولا “نُص” نجاح …

عرفتوا ليه سموه الـ “نُص”!