طارق سعد يكتب: سر العتاولة


أكثر ما يجذب المشاهد دائماً هي الأعمال الفنية التي يجد فيها نفسه وما يشبهه سواء في الموضوع أو التفاصيل أو الشخصيات فيجد ضالته في الأعمال الاجتماعية أو الإثارة والتشويق والحركة أو الشعبي وهو اللون الأقرب والمُفضل للجمهور الذي يجد فيه الشارع بتفاصيله ينتقل إلى الشاشة ..

أما الأذكى في صناعة عمل أن تضع فيه مقادير الخلطة كلها وتضيف له من بهاراتها فتصنع وجبة فنية شعبية متكاملة يتزاحم عليها الجمهور ويضعها على القمة.

“العتاولة” أحد أهم وأقوى الوجبات الشعبية التي تم تقديمها منذ سنوات طويلة .. وجبة كاملة متكاملة مليئة بكل ما يعشقه المشاهد ويبحث عنه بداية من الفكرة وموضوعها مروراً بتفاصيلها وصياغتها أما أبطالها فهم أكبر مغناطيس جذب لا يقاوم وإخراج يفهم كل هذه التفاصيل والأدوات المتوفرة له فيحقق بها الهدف ويتحول “العتاولة” من مجرد مسلسل إلى ملحمة شعبية لا تتمنى انتهائها.

المنتج “صادق الصباح” بذكائه عرف سر الخلطة مبكراً منذ سنوات وقرر صناعتها ببهاراته الخاصة وأجاد تماماً صناعة عمل شعبي جماهيري يجمع الجمهور حول الشاشة ويتصدر به المشاهدات فالخبرة هنا تحسم الموقف وتقتنص عوامل النجاح وتوظفها أفضل توظيف وهو ما يكمله المنتج “أنور الصباح” بنفس الذكاء فيجمع إنتاج “الصباح” في عمل واحد “عتاولة النجوم” ونجحت الكتابة لـ “هشام هلال” في احتوائهم كمساحات أدوار شبه متساوية لتتحقق بطولة جماعية نادرة نجومها كلهم أبطال العمل في أعلى درجات قوتهم وبريقهم وتركيزهم في مباراة للأداء ولا أروع يقودها مخرج مهاري “أحمد خالد موسى” المعروف بين القلائل الذين يجيدون إخراج أفضل ما في الممثل ليعيد بـ “العتاولة” اكتشاف كل نجومه بلا استثناء مع اكتشاف نجوم جدد .. من المفترض أنهم وجوه جديدة ولكن الحقيقة هم نجوم استطاعوا استكمال الصورة مع الكبار بأداء مبهر ومفاجئ يبشر بدماء جديدة متميزة في سوق الدراما.

“العتاولة” الذي استطاع اكتساح الموسم الرمضاني بل وكل الأعمال الشعبية منذ سنوات لن يمر كمسلسل ناجح فقط ولكنه سيبقى في واجهة صناعة الأعمال الدرامية لوحة شعبية بديعة تحمل في تفاصيلها لوحات ساحرة لكل لوحة منها عنوانها ……

  • لوحة “أحمد السقا – نصار فتيحة” ــ (السقا بتاع زمان رجع) :

    عودة بريق “السقا” وحيويته وشقاوته أهم مكاسب المسلسل وواضح أنه يلمع بقوة مع المخرج “أحمد خالد موسى” بوجود “كيميا” خاصة بينهما تجعله يمد يده ويأتي بـ “السقا” الذي نعرفه وهو نفسه يظل يبحث عنه كثيراً فـ “السقا” أهم نجوم الجيل الذي أعاد إحياء السينما بأدواره وشخصيته.

  • لوحة “طارق لطفي – خضر فتيحة” ــ (الحاوي):

    لأول مرة يقدم “طارق لطفي” الشعبي البلطجي ولا يتوقع أحد تقديمه .. فاجأ الجميع وفاجأ نفسه بأداء غير متوقع يكشف أن هذا النجم الهادئ الرصين حتى وإن قدم الشر من قبل إلا أن “خضر فتيحة” إعادة اكتشاف لقدراته الفنية وأبعاد جديدة يعيد الانطلاق منها إلى مرحلة جديدة تماماً تعاد فيها صياغته وكأنه “حاوي” .. أما إعادة توظيف “إيفيهات” فيلم “صعيدي في الجامعة الأمريكية” فأضافت بهجة مفاجئة.

  • لوحة “باسم سمرة – عيسى الوزان” ــ (يالللا بينا):

    يجتمع الجمهور والصناع والنقاد ورجل الشارع البسيط على تصنيف “باسم سمرة” وحشاً للشاشة والأقوى والأهم منذ وفاة “عادل أدهم” فهو الوحيد الذي يجمع كل المتناقضات في خلطة سحرية يقدمها كاملة في مشهد واحد .. الشرير الذي يستحيل مقاومته لخفة ظله الخارجة عن المنافسة فبالرغم من أن “باسم” خارج تصنيف الكوميديا إلا أنه يمتلك القدرة على انتزاع الضحكات بقوة وبمنتهى السلاسة أقوى من كثير من الكوميديانات .. “عيسى الوزان” أحد الأسباب الرئيسية لنجاح “العتاولة” العابر لكل حدود ويحتاج “باسم” بعده لوقفة حساب كبيرة مع نفسه لإعادة صياغة وجوده الفني بالقدر الذي تستحقه إمكانياته .. يحتاج أن يسحبها قائلاً “يالللا بينا” ويعيد الحوار معها بجدية.


  • لوحة “فريدة سيف النصر – سُترة العترة” ــ (رمانة الميزان):

    لمعت بشدة وقدمت نفسها بشكل جديد .. صنعت “فريدة” التوازن بين خيوط “العتاولة” في واحد من أهم وأقوى أدوارها على الإطلاق .. قوة وجبروت وشر غير معهودين من “فريدة سيف النصر” التي كشفت أنها مازالت تمتلك الكثير جديد “بالكرتونة” لم تقدمه لنا .. ولا لنفسها.


  • لوحة “صلاح عبدالله – عم خميس فتيحة” ــ (الكبير كبير):

    بالرغم من أن مساحة “عم خميس” في الأحداث ليست كبيرة لكن بأدائه المخضرم الممتع كعادته جعلك “عم صلاح” تشعر بوجوده بطول الأحداث أما مشاهده مع “السقا” و”لطفي” فبها خلاصة الخبرة والكاريزما مع الثنائي ووجوده أضاف طعمه ومذاقه الخاص بخفة ظله ليؤكد أن “الكبير كبير”.


  • لوحة “زينة – حنة” ــ (زينة والله زينة):

    تظل “زينة” دائماً العنصر النسائي صاحب التركيبة السهلة الممتنعة فهي تجمع بين خليط من الموهبة والشقاوة والقوة والبساطة وخفة الظل التي تغلف بها أدائها باستمرار معتمدة على موهبتها التلقائية جواز مرورها منذ بدايتها ووضع تفاصيل حركية ولغوية للشخصية تجعلها منها لحم ودم وتضيف البهجة لأصعب المشاهد فهي “زينة” اسم ووصف .. والجميل في “زينة” أنها بطلة نفسها سواء كبطلة صريحة أو مشاركة في البطولة ستبقى بطلة دورها .. محترفة بروح هاوية تكسر بنجاحها كل القواعد.
     
  • لوحة “مي كساب – عايشة” ــ (حبيبة الكل):

    من النادر أن يتفق الجمهور بأكمله على حب فنان بلا أي خلاف وهي حالة “مي كساب” منذ ظهورها في أغنية “غمض عينيك” مع المطرب “مجد القاسم” حتى ظهورها وهي تصول وتجول في “العتاولة” وكأن “مي” تحولت فجأة فتتفجر منها طاقات جديدة وغير معهودة وتعيش حالة من الإبداع مختلفة تماماً أعلنت فيها عن ممثلة من العيار الثقيل متمكنة وتشربت من كل الخبرات لتقدم أفضل أدوارها على الإطلاق.
  • لوحة “محمد التاجي – فوزي” ــ (صانع البهجة):

    بصمة مختلفة ومميزة يتركها القدير “محمد التاجي” في كل عمل يتواجد فيه .. حالة خاصة جداً صعبة التكرار .. قادر على صنع البهجة بمجرد ظهوره بملامحه الطفولية البريئة وخفة ظله التي تم توظيفها وسط “العتاولة” ليقدم سيمفونية عزف منفرد ينتقل بها بين الكوميدي والتراجيدي فشخصية الرجل الكبير المتصابي بخفة ظله أضافت مذاقاً خاصاً للأحداث وانتزعت الضحكات من القلب.


  • لوحة “ميمي جمال – نجاة” ــ (قطعة جاتوه):

    وسط الأجواء “الحِرشة” التي تسيطر على منطقة “العتاولة” تطل بكل بساطتها وبشاشتها “ميمي جمال” فتشعر بأنها “قطعة جاتوه” فاخرة لا تحتاج لأي مجهود في تمثيلها ولا أي مجهود لإقناعك .. تذهب للقلب مباشرة وتجد نفسك مبتسماً مع كل ظهور لها فرصيدها الصافي الكبير طوال مشوارها هو ظهيرها الأول.

  • لوحة “نهى عابدين – ديحة” ــ (الصاروخ):

    انطلقت تفجر طاقاتها التمثيلية المكبوتة فأعلنت عن ممثلة موهوبة من العيار الثقيل مكانها الطبيعي في الصفوف الأولى .. “نهى” في أعلى موسم فني لها منذ بدايتها و”العتاولة” أهم “برواز” لإمكانيات نجمة قفزت تزاحم نجوم رمضان على القمة بعدما أصبحت نجمة الجمهور الأولى هذا الموسم.


  • لوحة “أحمد كشك – السبتي” ــ (دماغ عالية):

    صاحب أداء مختلف ومميز ومجتهد جداً في صنع حالة خاصة به ونجح في تحقيقها وأصبح وجوده له بصمة .. “كشك” يملك قبولاُ وحضوراً وخفة ظل وسرعة بديهة وتركيز أيضاً فمع كل عمل يظهر فيه “أحمد كشك” يصلك إحساس مباشر “الراجل ده دماغه عالية” ولن تبذل مجهود في تفسيره.

  • لوحة “زينب العبد – قطة” ــ (اللي جت تطل):

    أحد أهم الوجوه الجديدة المبشرة والموهوبة بشدة التي تركت علامة بارزة .. ينطبق عليها المثل الشعبي الشهير “اللي جت تطل غلبت الكل” وهو حال “زينب العبد” حرفياً التي أشاد الجميع من المحيط إلى الخليج بقوتها وحضورها الطاغي وأدائها الـ “عتويل” الذي كتب شهادة ميلادها رسمياً وقذف بها للصفوف الأولى مع الكبار.


  • لوحة “هدى الأتربي – دينا رفارف” ــ (مفاجأة):

    تحول كبير في أداء “هدى” أضاف لها بريق شعر به الجمهور وظهورها في “العتاولة” هو الأقوى والأجمل .. هدوء واتزان وتركيز ونعومة غير مبالغ فيها أضاف لها كثيراً وجعل “العتاولة” هو بدايتها الحقيقية.


  • لوحة “مصطفى أبو سريع – عاطف” ــ (الأداء الحلال أهو):

    بالرغم من الأداء النمطي لـ “مصطفى” إلا إنه استطاع به أن يصنع لنفسه شكل وقالب مضحك وخفيف ويصبح “كراكتر” يستحسنه الجمهور .. مازال عنده مساحات تمثيلية لم يكتشفها أو يغامر بها.


  • لوحة “مريم الجندي – شادية” ــ (ابن الوز عوام):

    ورثت الموهبة الكاريزما وبراءة الطلة من والدها الراحل “محمود الجندي” .. صاحبة حضور جذاب وهادئ .. أدائها يشعرك بالثقة .. مازالت قماشتها الفنية بخيرها تنتظر استغلالها بما يناسب مقومات موهبتها وحضورها.


  • لوحة “أمير عبد الواحد – خرطوشة” ــ (البشوش):

    نجم برنامج “الدووم” موهوب وتلقائي وخفة ظله طبيعية .. مزيج من العبقري الراحل “عبد المنعم إبراهيم” و”أحمد مكي” الذي يشترك معه في بعض الملامح في بداياته .. “أمير” يملك قدرة خطف الجمهور وهي مصدر قوته الرئيسية المدعمة لموهبته .. “العتاولة” وضعته مع الكبار وحملته مسئولية كبيرة في القادم.


  •  لوحة “منة بدر تيسير – يسرا” ــ (نجمة البِلَس 90):

    ظهرت “منة” في النصف الثاني من المسلسل بعدد من المشاهد المهمة والمؤثرة في تحول الأحداث ولأنها محترفة استطاعت وسط سخونة والتهاب الأحداث منذ بداية المسلسل أن تخطف الأنظار وتقدم أداء ناضج وأكثر من رائع أشبه بأهداف الدقائق الأخيرة “البِلَس 90”.


  • لوحة “فاتن سعيد – نورا” ــ (آخر العنقود):
    أجمل وأقوى الوجوه الصاعدة في الموسم الرمضاني وربما لأبعد من ذلك .. “فاتن” التي تمتلك براءة الملامح وهدوء جمالها تملك موهبة كبيرة وقوة وثبات وثقة جعلها رأساً برأس أمام الكبار ومشاهدها أمام “طارق لطفي” و”باسم سمرة” بخفة ظلها التلقائية بكل جدية بجانب واحد من أهم مشاهد
    الـ “ماستر سين” للمسلسل أمام “السقا وطارق لطفي ونهى عابدين” إضافة إلى مشاهدها المتفرقة أعلنت عن مشروع نجمة متكاملة ينتظرها مستقبل كبير فـ “فاتن سعيد” آخر عنقود الموهوبين الجدد أهم هدية قدمها “العتاولة”.  

أيضاً كل المشاركين في الأدوار الثانوية من الكبار والوجوه الجديدة الواعدة من أكاديمية الفنون مع الطفل “أحمد ميدان – فارس” أضافوا لـ لوحة “العتاولة” لمسات جمالية كجزء لا يتجزأ من حالة الإبداع التي نبحث عنها منذ فترة طويلة.

سر “العتاولة” في هذا الحجم من النجاح الذي فاق كل التوقعات هو “أصل الشغلانة” بأضلاعها الثلاثة ..

سيناريو مُحكم بالجودة – إخراج مُبدع يجيد السيطرة وتسكين النجوم في الشخصيات والتعامل مع إمكانياتهم وله رؤية وإيقاعه رشيق يجتمعا بإنتاج ماهر يجيد اللعبة محترفاً لتبقى النتيجة في النهاية محسومة …

“عتاولة .. والضربة بجولة”