طارق سعد يكتب: دكتور شقة 6


تخطف الأنظار دائماً الأعمال التي تعتمد على التشويق والإثارة خاصة عند تغليفها بالغموض والأسرار في أمر متعارف عليه وهي الخطفة الأولى للمشاهد أثناء تسويق هذا العمل ولكن هناك عوامل أخرى تتكامل لتحقق النجاح فليس بالغموض وحده تنجح الأعمال الفنية.

وجود المنصات الإلكترونية ساهم في توفير فرص لإنتاج وعرض أفكار كثيرة ومتنوعة بشرط جودتها وهو ما حقق إنتاجاً غزيراً في الفترة الأخيرة يُحسب لهذا التطور وتفاعل الجمهور معه وصنع أيضاً نجوماً من الفنانين والأعمال الفنية المتنوعة.

مسلسل “شقة 6” أحد الأعمال التي حققت هذه المعادلة بين الغموض والتشويق ومعه النجاح الذي فاق التوقعات بما فيها توقعات صناعه أنفسهم كما أثبت أن “روبي” تستطيع المرور بأي عمل مهما كان نوعه أو محتواه أو جودته وأنها فعلياً “في حتة تانية”.

النجاح الكبير والمثير للجدل الذي حققه “شقة 6” يرجع ل 4 عوامل أساسية تبدأ بالفكرة ثم إحكام الكتابة ثم الإخراج ليتوج كل ذلك الإنتاج والتسويق بالعرض على أكبر منصة فيضمن أكبر انتشار وأكبر نسبة مشاهدة خاصة أنه مسلسل مختلف عن النوعيات المعروضة.

النجاح الأكبر والحقيقي هو الإعلان لأول مرة بشكل واضح وصريح وعملي عن مهمة معالج السيناريو “script doctor” والذي لجأت إليه الشركة الداعمة لإنتاج المسلسل بما لها من باع طويل وخبرات ونجاحات كبرى في مجال الإنتاج على مستوى الوطن العربي لإضافة القوة للورق المكتوب وسد كل الثغرات وإحكام ترابط الأحداث وإجراء كل التعديلات الممكنة مع حقنه بفيتامينات فنية تضمن له القوة والصلابة قادراً على شراسة المنافسة ليخرج بشكل مبهر ويحقق النجاح المطلوب وتضمن به الشركة الداعمة بعقلية المنتج “صادق الصباح” أن ينضم “شقة 6 ” لقائمة أعمالها كاملة النجاح كما تعود الجمهور من أي عمل يحمل اسم شركته.

لكن للأسف ولأن دائماً “الحلو ما يكملش” كانت مجموعة الشباب الجديد مؤلفو المسلسل والذين يقدمون تجربتهم الأولى بشكل رسمي احترافي بمساندة جميع المحيطين لهم لعبور هذه البوابة دون أدنى مسئولية فقرروا بدلاً من الاحتفاء بهذا النجاح واستثماره لما هو قادم أن يهدموا المعبد على أدمغة الجميع ومنذ بداية العرض نصبوا منصات صواريخهم تجاه الشركة الداعمة للمسلسل والسبب الرئيسي في خروجه للنور لاستعانتهم بالكاتبة والناقدة “دعاء حلمي” في مهمة الـ “script doctor” كرؤية إنتاجية لتقوية كل مواطن الضعف في العمل لما تملكه “دعاء” من خبرات كبيرة في هذا المجال بل قام هؤلاء الشباب حديثو العهد بالتأليف المحترف بإطلاق صواريخهم العشوائية نحو “دعاء” نفسها واتهامها بسذاجة وسطحية أنها سطت على عملهم و”رمت شغلهم في الزبالة” ودمرت لهم مجهودهم وأفشلت لهم عملهم فتقف مذهولاً مندهشاً ضارباً كفاً بكف .. إذا كان هذا النجاح الكبير وتصنيف المسلسل برقم 1 على منصة العرض “شاهد” أمام كل الأعمال الضخمة المعروضة عليها هو تدمير وإفشال مقابل المال كما وصفوا يكمل لسان حالك .. “أمال النجاح يبقى إيه؟!”

الأغرب أنهم رغم وجود أسمائهم على تتر المسلسل كمؤلفين بشكل واضح وصريح لا تخطئه العين ويحفظ كامل حقوقهم وينسب النجاح لهم إلا أنهم سعوا لإزاحة اسم “دعاء” من التتر بكل شراسة في جبروت عشوائي ضال مسعور لينتهي الحال باسم “دعاء” متواجداً بحجم صغير للغاية في إحدى اللوحات تحت المسمى المهني “script doctor”!

ما حدث طوال عرض المسلسل من تطاول وصل لأدنى المستويات للأسف هو مهزلة بكل المقاييس تستحق التوقف أمامها لخلوها من أية معايير مهنية وسلوكية وافتقارها لأدنى مستويات الذكاء!

قد تندهش مما تراه أو تسمعه ولكن يمكن أن تعزي ذلك لقلة الخبرة لديهم أو ربما انعدامها في هذا المجال بشكل احترافي فرغم أن كل النجاح منسوب لأسمائهم كمؤلفين للعمل في صدارة التتر والبوستر الرسمي إلا أنهم هم بأنفسهم من أخبروا كل الكوكب أن هناك شخصاً آخر هو السبب في هذا النجاح بما أنقذ به العمل من تعديلات غيرت مساره!

في المقابل تجد الطرف الآخر يلتزم الصمت يحفظ حقه في مجهوده في العمل دون المساس بحق مؤلفيه ودون تخطي حدود اللياقة وبالرغم من تصرف بعد الصحفيين بشكل تلقائي عندما تعاملوا مع “دعاء” كمؤلفة للمسلسل كان ردها صريحاً قاطعاً بأن هناك 4 شباب قاموا بالفكرة والتأليف وأنها قامت بالتعديلات التي استدعتها الشركة لها من أجل تنفيذ مهمتها بزيادة جودة العمل ليصدمك المقابل لهذا الاحترام والتقدير بافتراشهم لناصية شارع “شقة 6” وتقديم فاصل من “الشرشحة والتلقيح” بلا سبب مقنع فقط هو انعدام الخبرة الذي شوه صورتهم في الوسط الفني في أول ظهور رسمي لهم ووضعهم في كادر سيء لن يناسب طموحهم.

رغم أن مهنة الـ “script doctor” تتم في الخارج بمنتهى الأريحية بفهم ووعي وتكاتف للوصول بالعمل لأعلى درجات الجودة وتتم أيضاً في الداخل منذ سنوات طويلة من الباطن فيأتي من يقوم بتعديلات السيناريو وضبطه دون الإشارة إليه في عملية “نحت” سريعة تنسب كل النجاح للمؤلف الأصلي دون إعطاء صاحب التعديل حقوقه الأدبية ثم تطورت إلى فكرة ورش الكتابة المعترف بها والتي يستغل فيها المؤلف مجموعة مواهب في الكتابة والتعديل ثم يضع اسمه على العمل في صورته النهائية بكل أريحية أو ورش الكتابة غير المعترف بها أو المعروفة والتي يقوم فيها المؤلف قليل الموهبة بالاستعانة بأحد المواهب في الكتابة والتعديل ثم لصق اسمه في النهاية على العمل بنفس الأريحية “ولا من شاف ولا من دري” ورغم تواجد مقابلها في الكيانات الفنية والإعلامية الكبرى تحت مسمى “مطور محتوى” إلا أن شباب “شقة 6” اعتبروا ما قامت به الشركة الداعمة لإنتاج المسلسل من تعديلات بواسطة “دعاء” اختراعاً عجيباً تأتي به البشرية لأول مرة بل صنفوه اختراعاً فاسداً من وجهة نظرهم المحدودة لأدنى درجة!

الحقيقة أننا أمام كارثة فنية وأخلاقية حقيقية صنعها هؤلاء الشباب بلا مبرر في غياب تام عن الوعي والبصر والبصيرة فكان من الأولى بهم إن كانوا لديهم مسحة صغيرة من الذكاء الاجتماعي والمهني أن يحتفوا بهذا النجاح ويسوقوا لأسمائهم ويقدموا الشكر للشركة التي وافقت على دعم المسلسل ونفذته برؤيتها المهنية الصحيحة وأيضاً توجيه الشكر لـ “دعاء” على مجهودها معهم وعمل كتلة واحدة من النجاح تنتهي بتسويق أنفسهم للوسط الفني والجمهور بشكل احترافي وتصدير النجاح لاقتناص فرص جديدة أكبر تحمل أسمائهم ويمر العمل بنجاحه دون “شوشرة” بلا صراعات مختلقة ولا يشعر الجمهور والنقاد بمهزلة لن تدر عائداً على أصحابها بل فداحة خسائرها أقسى.

السؤال الأهم الآن والذي ينهي هذه المهزلة من جذورها …..

هل يمتلك هؤلاء الجرأة لعرض السيناريو الأصلي الذي قدموه للشركة ورفضت شراء تنفيذه مع المشاهد التي تم تصويرها كمسلسل مقابل ما شاهده الجمهور بأم أعين لـ “شقة 6” في شكله النهائي ويبقى الحساب “على عينك يا تاجر”؟

كان الفرح منصوباً هناك .. ولكن أصحابه أرادوه خراباً بضرب كرسي في كلوب “شقة 6”!