المصارف.. الحكومة والوضع الإقليمي المتفجّر على طاولة ضروري نحكي


في حلقته الأولى في مطلع العام الجديد ناقش برنامج ضروري نحكي مسار العلاقة بين المصارف والمودعين، وآخر المستجدات على صعيد تشكيل الحكومة الجديدة، وما إن كانت حكومة التكنوقراط  قادرة على مواكبة الوضع المتفجِّر الإقليمي الجديد مع رئيس منظمة جوستيسيا الحقوقيةالدكتور بول مرقص، والمحامي الناشط بالحراك الشعبي واصف الحركه والصحافي غسان سعود.

 

مقدمة ضروري نحكي

استهلت الاعلامية داليا داغر الحلقة بالقول: “من الآخر.. في أولِ السنة: الوضع ليس على ما يرام: لا ماليًا ولا نقديًا ولا معيشيًا ولا حياتيًا ولا حكوميًا … إنها ” سنةُ اللاءات ” بامتياز…ولنَقُلْها بكلِّ صراحةٍ: ما تتخذُه المصارفُ من إجرءاتٍ هو نتيجةٌ وليس سببًا : ليست المصارف مَن تضعُ السياسةَ الماليةَ والسياسةَ النقديةَ للبلد.. السياسةُ الماليةُ تضعُها وزارةُ المال بالتوافقِ مع مجلسِ الوزراء والسياسةُ النقديةُ يضعُها مصرفُ لبنان دورُ المصارفِ هنا هو تنفيذُ تعاميم مصرفِ لبنان ، وما اتخذَتْه من مبادراتٍ فردية، كجمعيةِ مصارف ، كان الهدفُ منه المحافظةَ على القطاع.. أكثر من ذلك ، بقيت المصارفُ هي الممولَ الرئيسيَ للدولة ، فما هو الذنب الذي ارتكبته ؟ لكن في المقابل، كانت الأحداثُ السياسيةُ والأزماتُ أكبرَ من لبنان احيانًا وأكبرَ من القطاع المصرفي”.

وأضافت: “لم يحصَل ان يقعَ لبنانُ بكامله ، من أقصاه إلى أقصاه ، تحت حصارِ الدولار .. المقيمُ تحت الحصار لأنه يخضعُ عمليًا للـ capital control، والمغتربُ تحت الحصارِ بسبب الحصارِ الداخلي لأنه غيرُ قادرٍ على التحويل لعائلته لأن المصرفَ يسطو على التحويلةِ ويدفعُها بالليرة اللبنانية، فيما هي تصلُ بعملة البلدِ التي حُوِّلَت منه، يُخشى ان تكون  الأزمةُ الراهنة قد تسببت في تصدعِ القطاعِ المصرفي في لبنان،  مَن يجرؤ بعد اليوم على وضعِ وديعةٍ في أيِّ مصرفٍ من المصارف ال 63 العاملةِ على الاراضي اللبنانية ؟ اليوم ماذا يفعل بعضُ المصارف وليس جميعُها ؟ غرروا بالمودعين بالفوائدِ المرتفعة ، وعند ساعةِ الحقيقة : أين الودائع ؟”.

وأكدت داغر في مقدمة البرنامج أنه “مطلوبٌ من مصرف لبنان أن يصارحَ اللبنانيين بحقيقةِ الوضعِ النقدي، مطلوبٌ من جمعيةِ المصارف في لبنانَ أن تصارحَ المودعين بمصيرِ ودائعِهم مطلوبٌ من النيابةِ العامةِ المالية ان تتحرك ، مطلوبٌ من القضاء وضعَ يدِه على الملف”.

وختمت: “ما هو مؤكدٌ أن كلَ قرشٍ معروفٌ مسارُه: من لحظةِ دخوله إلى المصرفِ حتى لحظةِ خروجِه منه، المصارفُ تلقت الصدمةَ لكنها ليست المسؤولة عنها، فكيف تتوزعُ المسؤوليات ؟”.

 

د. بول مرقص

في الفقرة الأولى ناقشت داغر معضلة المصارف والمودعين والقانون مع رئيس منظمة جوستيسيا الحقوقية الدكتور بول مرقص، الذي أكد أن “التدابير التي اتخذتها المصارف هي للحفاظ على الودائع وعدم التفريط بها وتفادي انهيار القطاع المصرفي، ولا بد من وقف النزيف المستمر اليوم، وعلى ادارات المصارف ان تنظر بواقعية اكثر لهذه الطلبات أي طلبات الناس التي تحتاج فعلياً لأموالها، ولو أن الدولة تدخلت بتنظيم فعلي ومفصلي في كل ما حصل في موضوع السيولة والمصارف لكنا تفادينا كل هذه المشاكل”.

وأضاف مرقص: “ما يحصل في لبنان شبيه جداً بما حصل في اليونان التي اعتمدت سياسة تمديد الازمة، لتوهم بأنها لا تزال على قيد الحياة واعتماد المسكنات التي تُطيل عمر المريض ولا تشفيه، فلبنان بحاجة اليوم لاستئصال و تدخل سريع من اهل اختصاص وليس لأبر مسكنات”.

ولم يستبعد ارتباط أزمة الدولار بتهريبه الى سوريا “لكن لا يمكن إنكار مساهمة اللبناني بالبيع والشراء والاستفادة من فارق الصرف” ولفت إلى أن “هناك نوعان من الصيارفة بعضهم خاضع للقانون وبعضهم  الآخر غير خاضع له وبالتالي لا يخضعون لهيئة الرقابة المصرفية”.

ورأى رئيس منظمة جوستيسيا الحقوقية أن “الحل بعقلنة السياسة وتدخلها السريع للاستفادة من الطاقات والخبرات في انتاج حلول استئصالية لهذه المشاكل، وقبل كل شيء نحن بحاجة لحكومة استثنائية بقدر استثنائية الظرف وليس أقل”.

“ومن الحلول إعادة الجدولة وفترات سماح للناس غير القادرة على دفع ديونها وإعادة ترتيب للفوائد، وبنفس الوقت المحافظة على استمرار المصارف، وتشريع الـcapital control  من قبل الدولة بطريقة مدروسة عبر اختصاصيين واصحاب كفاءات”.

وختم مرقص: “نحن أقوياء كثيراً، ولكننا لم نشعر بعد حتى الآن أننا بحاجة للتضامن والتوحد وتوظيف طاقاتنا في بلدنا ونبتعد عن المحسوبيات والمحاصصات التي أوصلت البلد الى ما هو عليه اليوم”.

 

المحامي واصف الحركه

وفي الفقرة الثانية اكد المحامي والناشط في الحراك الشعبي واصف الحركه أنه “يجب تحييد الثورة وحكومة الاختصاصيين عن أي تجاذبات سياسية إقليمية وعدم استعمال النظرية نفسها التي تتكرر منذ التسعينات كلما يكون لبنان أمام استحقاقات تهم الناس، وهي أن خيار بلدنا ليس بيده بل مرتبط بتوازنات خارجية… فلا يحق لهم أن يقولوا لنا توازنات خارجية، فلو أن لبنان دولة قوية لكانت علاقاته مع كل الدولة مرتبطة بالمصالح. هم أضعفوا الدولة وربطوا مصيرنا بالخارج”.

واشار الحركة الى ان هناك تقارير تقول أن “أرباح الصيارفة تجاوزت الـ 200 مليون دولار وان هناك 160 الف موظف طردوا من وظائفهم وباتوا عاطلين عن العمل… السلطة السياسة بكل قواها وحاكم مصرف لبنان والمصارف دخلوا في لعبة كان ضحيتها اللبناني، والمعركة هي مع هذا النظام فعندما يتغير وتتغير سياسته يكون كل الباقي سهل لأن كل ما نعيشه هو نتائج هذا النظام وليس اسباب”.

وأضاف: “بالضغط على المصارف نحاول إعادة صياغة المفهوم المالي وعقود القروض مع المواطنين، وألا تكون الفوائد متراكمة وهي دعوى مؤقتة حتى يتغير هذا المفهوم المالي، فتخيلوا أن فوائد القروض على المزارعين وصلت للـ 11 و 12 في المئة، نحن لسنا امام ورشة عادية بل أمام إعادة تأسيس البلد”.

واكد أن “الثوار انقياء حتى يثبت العكس، وكل مسؤول هو مسؤول حتى يثبت العكس، أما الشعب الكبير الذي تحمل لسنوات هذه الطغمة الحاكمة سيتكافل ويتضامن ولن يسمح بحصول مجاعة”.

 

الصحافي غسان سعود

وبدوره رأى الصحافي غسان سعود أن “صفحة جديدة وخطيرة جداً فُتحت مع بداية العام باغتيال سليماني، لكن الجيد أن المعني جدياً بهذا الملف وهو السيد حسن نصر الله كان جازم بأن الرد سيكون على القواعد الاميركية، ولا وجود للقواعد الاميركية في لبنان وبالتالي وضع المعركة عسكرياً خارج لبنان”.

“نصر الله لم يأخذ البلد الى حيث كان هناك تخوف من أن يذهب، بل كان هناك تقدير ووعي للظرف الامني والاقتصادي في لبنان، فأخذ اللبنانيون نفَس بعد كلمة أمين عام حزب الله وعرفوا انهم غير معنيين بما يحصل، ولكن إن كنا اطمأنينا لجهة حزب الله لكن لا يمكن أن نطمئن لجهة اسرائيل وأميركا”.

وعن الحكومة أكد سعود أنه “في حال حصول رد من إيران وتفاعل أميركي على الرد لا اعلم كم ستكون حكومة الأخصائيين قادرة على ان تقوم بما يتطلب منها من إنقاذ اقتصادي في ظل الحاجة لإنقاذ أمني”.

وشدد على أنه “لدى الحراك الشعبي شركاء شجعان في الاحزاب السياسية في البلدية وفي مجلس النواب وفي القضاء مستعدون لمحاربة الفساد فلماذا سياسة التعميم وظلم شخصيات فعليا هي اقرب بأدائها لطموحات المتظاهرين من أي مستقل”

وأضاف: “الاولوية اليوم هي لبرنامج الحكومة الجديدة وما يتوجب عليها ان تفعله في المرحلة المقبلة، أما إذا كانت ستأتي لتكمل ما كان فالأفضل عدم تأليفها، وعلى الثورة أن تخرج من ردود الفعل والانفعالات لتعطي لمطالب الناس الزخم المطلوب”.