طارق سعد يكتب: سهر الصايغ … قسمت بالله قادرة


مصر- طارق سعد

 

في عهود التمثيل الأولى لم تكن هناك ألقاب للفنانين فلم يكن الممثل من الأصل ممثلاً ولكنه كان “مشخصاتي” وهو الوصف الذي يلتصق بأي من ما كانوا يقفون أمام الكاميرات أو على خشبة المسرح ليؤدون أدواراً تمثيلية وهو الوصف الحقيقي لعمل الممثل فهو الذي يتنقل بين الشخصيات المختلفة في الأعمال الفنية يتقمصها ويتعايش معها ويؤدي بروحها فالتمثيل أساسه التشخيص.

 

عمالقة التشخيص تعددوا بين الأزمنة فكان منهم”يوسف وهبي وبديع خيري ونجيب الريحاني ثم إسماعيل يس وفؤاد المهندس ومدبولي وشكري سرحان وحسن يوسف” مرورا بمفصل التشخيص بين الأجيال “عادل إمام” وصولاً لنجوم الزمن الجديد … ومن تاء التأنيث كانت “مارى منيب وزينات صدقي وسعاد حسني وشويكار ونادية لطفي” ثم “سهير البابلي وإسعاد يونس” وغيرهم ممن حفروا أسمائهم فى خانة الـ “تشخيص” بأسماء من نور.

 

أن تكون ممثلاً هو الأسهل … أما أن تكون “مشخصاتي” فهو الأصعب والأعقد ويحتاج أدوات محترفة وغير تقليدية لتتنقل بين جميع أنواع الشخصيات دون “عطل فني” وأن تجد هذه الأدوات متوفرة في نجوم شباب فهو ما يلفت الانتباه ويدعو للتفاؤل والبهجة.

 

“سهر الصايغ” واحدة من أهم من تمتلكن تلك الأدوات بحرفية شديدة وتتعامل معها وتستخدمها بمنتهى السهولة والإتقان فتراها بريئة رقيقة ولكنها في الحقيقة “وحش” تمثيل كاسر فبمجرد وقوفها أمام الكاميرات تسترجع معها عبق عمالقة الـ “تشخيص” وهو ما يندر وجوده في ظل الزحام بين محترفات التمثيل والباحثات عن الشهرة وتصاريح التمثيل!

 

“سهر” التي كتب لها القدر بداية مع الكبار منذ نعومة أظافرها بتجسيدها لطفولة “أم كلثوم” في المسلسل الذى جسدت فيه “صابرين” قصة حياتها ثم احترفت التشخيص وتنقلت بين الشخصيات المختلفة سنوات طويلة لتكتب اسمها على رأس قائمة الـ “مشخصاتية” المحترفين لتعود بعد كل هذه السنوات لتقف مرة أخرى أمام “صابرين” تواجهها مباشرة في مسلسل “فكرة بمليون جنيه” لتقدم معها مباراة في الأداء تكشف فيه عن وجهها الكوميدي بشكل صريح وتنتزع الضحكة من أعماق القلب بكل سلاسة وبمنتهى الاحترافية دون “أفورة” أو “شغل أراجوزات” لتؤكد “سهر” أن التفاصيل الدقيقة التي تهتم بها دائماً فى كل أدوارها التى تقدمها قادرة على جذب المشاهد وتعايشه مع ما تقدمه حتى لو كان إضحاك فتتم المهمة على أكمل وجه وبـ “شغل نضيف”.

 

الحقيقة أن المتابع لمشوار “سهر” سيكتشف أنها تتطور بسرعات متزايدة وتنضج نضوجاً سريعاً وهو ما وضح تماماً في السنوات الأخيرة عندما وقفت أمام “يوسف الشريف” في مسلسل “كفر دلهاب” ومن قبله عندما شاركت فى بطولة مسلسل “عيون القلب” مع “رانيا يوسف و ماجد المصري” وأيضاً بطولتها لإحدى حواديت مسلسل “نصيبي وقسمتك-ج1” أمام هاني سلامة.

تتمرد “سهر” على الأدوار الدرامية وتستمع لنداءات أشارت لها إلى المساحة الكوميدية التى تمتلكها فى شخصيتها ليقتنصها المنتج “صادق الصباح” ويقدمها فى مسلسل “ولاد تسعة” والتي صالت وجالت فيه وكأنها تقدم الكوميديا منذ بدايتها وهو الاحتراف “زي الكتاب ما بيقول” لتصبح “سهر الصايغ” نجمة كوميديا العمل التي تبرد من سخونة أحداثه المشتعلة على مدار 60 حلقة ثم يقدمها نفس الإنتاج بعده في مسلسل “سك على اخواتك” وهو من النوعية الكوميدية لتقدم فاصلاً جديداً يرتفع بها درجة أخرى في سلم الكوميديا ويدق جرس الانتباه بقوة أخيراً عن صعود “كوميديانة” جديدة للساحة تلعب فى مساحة تخصها فقط دون منافسة ليعود نفس المنتج الذي كتب شهادة ميلاد جديدة لـ “سهر الصايغ” ويضيئها بمشاركتها بطولة مسلسل “فكرة بمليون جنيه” بشخصية “شيماء” التي أكدت أننا أمام نجمة “مشخصاتية” من العيار الثقيل قادرة على انتزاع ضحكاتك من أعماق القلب وفي نفس اللحظة تستطيع أن تدغدغ مشاعرك وتتساقط دموعك أمام أدائها الدرامي.

 

“سهر” أثبتت خلال الأعمال التي شاركت فى بطولتها أنها قادرة على صناعة التفاصيل سواء على مستوى الشكل أو الأداء وتفاصيل الشخصية خارج الورق المكتوب وهو ما تمتاز به “سهر” بشكل يجعلها تغرد منفردة بحكم شخصيتها وعملها كطبيبة أسنان وظهر بشكل واضح في “يونس ولد فضة -رمضان كريم – الزيبق – الدولي” وهو ما جعلها تصنع الفارق بقوة في كل الأعمال التى صعدت لتشارك في بطولتها أما “شيماء” التي قدمتها في “فكرة بمليون جنيه” كتبت لها صفحة جديدة في كتاب الكوميديا عنوانها “سهر الصايغ” وكشفت عن قدرتها على صناعة “الإيفيه النضيف” ليجعل من أدائها بـ “شيمو” امتداداً طبيعياً لنجمة الكوميديا وصاحبة السعادة “إسعاد يونس”.

 

كل من يراقب “سهر الصايغ” أصبح واثقاً أنه أمام مشروع “بطلة” تستحق وعن جدارة المغامرة وتصعيدها لأدوار البطولة بما يناسب القالب فقد أصبحت “سهر” قادرة على تصدر عمل يستفز قدراتها الفنية ويخرج من منجم مواهبها كنوزاً عديدة ومتنوعة فبلغة السوق الدرامي “سهر قادرة تشيل مسلسل” وباستحضار لازمتها الشهيرة على لسان “شيمو” …. قسمت بالله قادرة.

 

“سهر الصايغ” ثمرة فنية ناضجة من حدائق عمالقة الـ “تشخيص” تنتظر قطفها ووضعها فى الصدارة.

 

“سهر” تستحق البطولة … “سهر الصايغ” قادرة …..  قسمت بالله قادرة.