طارق سعد يكتب: إسعاد يونس .. ماما المجال تصنع التاريخ


من السهل أن تعمل في مجال تحبه وتنجح فيه ومن السهل أيضاً أن تصبح نجماً ومع الجهد والخبرة تصنع تاريخك الشخصي فيه .. ولكن الصعب أن تصنع تاريخاً لهذا المجال وتصبح أنت كوده.

منذ بداية القديرة “إسعاد يونس” واحترافها التمثيل بعد العمل بالإذاعة استطاعت أن تكون شخصية مختلفة ومميزة في الأعمال التي شاركت فيها محققة نجاحات متصاعدة حتى وصلت لصناعة ختم جديد ومختلف للكوميديا عندما قررت المغامرة بكتابة مسلسل كوميدي تشارك في بطولته مع أستاذة كوميديا من نوع خاص خارج المنافسة “سهير البابلي” وهي مغامرة محسوبة لثقتها في قدراتها ورؤيتها التي سبقت الجميع فتصنع من “بكيزة وزغلول” علامة فارقة في تاريخ الكوميديا الدرامية مستمراً في تحقيق النجاح لـ 35 عام منذ عرضه الأول حتى كتابة هذه السطور وسيمتد لأجيال قادمة وهي الأيقونة التي صنعتها “إسعاد يونس” بذكاء وبساطة لتضع حجر الأساس في تاريخ الكوميديا الحديثة ويظل “بكيزة وزغلول” من شاشة الدراما لشاشة السينما نجاحاً استثنائياً وتحول لقماشة مضمونة يُنسج منها أعمالاً مبنية على نفس الـ “تيمة” حتى وقتنا هذا.

لم يختلف الأمر كثيراً بعد مرحلة الترقي التي صنعتها “إسعاد يونس” لنفسها وانتقالها من التمثيل للإنتاج السينمائي وهي الخطوة الأهم في تاريخ “إسعاد” وتاريخ صناعة السينما نفسها فما حققته هذه السيدة صاحبة الذكاء والنظرة الثاقبة في سنوات إنتاجها وتوزيعها السينمائي صنع تاريخاً للسينما الحديثة ستتناقله الأجيال كجمهور لنجوم هذه المرحلة الفارقة في صناعة السينما والتي وضعت اسم “إسعاد يونس” في واجهة الـ “كادر”.

توقفت “إسعاد” عن الإنتاج ولكنها لم تتوقف عن “الإسعاد” فكانت المراوغة الكبرى لتفاجئنا على الشاشة الصغيرة في طلة مختلفة على كرسي المذيع .. وعندما تجلس “إسعاد يونس” في هذا المكان لن تحتاج أي مجهود لتتوقع أن “صاحبة السعادة” ستصنع تاريخاً جديداً لهذا الكرسي ومع قليل من التركيز تكتشف أنها خرجت بسعادتها تحلق بعيداً عن أية منافسة وهو الامتياز الذي منحته لها خبرتها في الصناعة.

استطاعت “صاحبة السعادة” أن ترتقي بحواراتها وتنتقي ضيوفها وتظهرهم لجمهورهم بعيداً عن الصورة التقليدية في البرامج بل ذهبت للأبعد بتقديم نجوماً في مجالات مختلفة بجانب نجوم الفن بأسلوبها ليتعرف عليهم الجمهور ويتعرف على نجاحاتهم وتفاصيلها قبل أن يخرجوا من ستوديو “صاحبة السعادة” نجوم مجتمع.

لم تغفل أيضاً “صاحبة السعادة” عن فرد مساحات للنجوم الجديدة من الشاب وتقديم مواهب لها حضور وكذلك تكريم نجوم كبار أصحاب عطاء فني كبير على رأسهم الراحلة “سهير البابلي”.

وسيُذكر أنها أعادت “بهاء سلطان” للغناء بعد مصالحته على منتجه “نصر محروس” وفك الحظر عنه.
لم تكتفي “إسعاد” بهذا الكم من “الإسعاد” ولكنها قررت دعم الاقتصاد الوطني والصناعة المصرية واستضافت المسئولين عن الشركات الوطنية في صناعات مختلفة لتقدم إنتاجها للجمهور لتعطي لهذه الشركات قبلة الحياة من جديد ويعاد إحيائها مرة أخرى وتحقق أرباحاً خيالية بعد خسائر دامت لسنوات طويلة وهي الرسالة القاسية التي وجهتها للجميع بأن الكل يستطيع المساعدة والدعم من موقعه بأدواته بما لا يستلزم وجوده على كرسي رسمي لتفتح الباب على مصراعيه أمام مبادرات الصناعات المصرية والترويج للمنتج المصري وإقبال الجمهور عليه بشكل كبير.

ولأن النجاح طرقه كثيرة ومتفرعة ومطمع قررت “صاحبة السعادة” أن تلقي بظل سعادتها على الرياضة بضيوف من نجوم الملاعب والتدريب في الأندية المصرية ثم تنتقل لنقطة فارقة بتقديم نجم مصر “محمد صلاح” للجمهور في ثوب جديد فرداً من عائلة كل مشاهد وهو اللقاء الأصعب فبالرغم من استضافة زملاء نفس الكرسي له إلا أن “صاحبة السعادة” استحضرت “صلاح” الإنسان الذي حقق نجاحاته بأدواته التي قدمها للجمهور كروشتة مضمونة للوصول للهدف.

وفي سبق جديد تصل “إسعاد” للعالمية فتحاور نجم الكرة الإيطالية الشهير “فرانشيسكو توتي” في مفاجأة جديدة تثبت أنها وحدها “صاحبة السعادة” لتعود وتجمع بين نجم نادي الأهلي “مؤمن زكريا” صاحب المحنة المرضية الأشهر في الوسط الرياضي ونجم الغريم التقليدي “شيكابالا” لاعب نادي الزمالك صاحب أكبر رصيد من المشكلات التي تثير التعصب بين الناديين وكان هدفاً لها “مؤمن” في وقت سابق أثناء وجوده في الملاعب فتعرض حلقتها وسط “معمعة” من الانحدار الأخلاقي الرياضي لتنزع بها فتيل الفتنة في “تغفيلة” من الجميع بمهارة خاصة وتسديدة قوية تسكن المرمى منتزعة آهات الجماهير وهي تهتف لـ “صاحبة السعادة”.. ومازال القادم أسعد.

لم يعد برنامج “صاحبة السعادة” مجرد برنامج تليفزيوني ترفيهي ولكنه أصبح تاريخاً جاهزاً للأجيال القادمة يؤرخ لفترة زمنية سيصبح به البرنامج أكبر أرشيف وقاعدة معلومات عن النجوم والأعمال الفنية وأيضاً عن نجوم المجتمع والصناعة والرياضة ..

ولم تعد “إسعاد يونس” مجرد نجمة قديرة أصبح اسمها في السنوات الأخيرة نفسه لقباً لا يحتاج أن يسبقه أي لقب ولا تعريف بل تحولت بحرفيتها في مجال الصناعة الفنية من صانعة محتوى إلى صانعة تاريخ تجمعه وترتبه وتوثقه وتغلفه كنزاً جاهزاً لتتناوله أجيال قادمة مرجعاً هاماً موثقاً بمهنية وحرفية وإتقان عالٍ لتثبت “إسعاد يونس” أنها خرجت من إطار كونها نجمة عضوة في هذا المجال لتصبح “إسعاد يونس” هي “ماما المجال”.