طارق سعد يكتب: نيللي وعيسى .. والوجه العكر


لم تعد “نيللي كريم” مجرد ممثلة صاحبة قبول وطلة خاصة فقط ولكنها أصبحت النجمة الأولى في جيلها وربما تكون النجمة الأولى التي تباع الأعمال الدرامية باسمها وضمانه منذ تقديمها مسلسل “سجن النسا” و”ذات” فتنتظرها الجماهير بحفاوة حتى وإن انزلقت بـ “سقوط حر” يتلقفها بحب دون غضب عليها ويكون سنداً لها لتعاود الوقوف والانطلاق مرة أخرى.

“نيللي” تخطت مرحلة النجمة وجمهورها وأصبحت فرداً منهم يشاركونها أحداث حياتها وتشاركهم بخفة ظلها “بوستات وكومنتات” صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي فتتحول لنجمة جماهيرية وإحدى علامات رمضان المميزة والمنتظرة في السنوات الأخيرة.

“فاتن أمل حربي” وهو اسم عملها الجديد واسم الشخصية التي تلعبها وتناقش بهما إحدى أهم قضايا المجتمع الشائكة وهي العنف الزوجي ضد المرأة وعن جدارة كان اختيار “نيللي” غاية التوفيق لكل العوامل السابقة والتي تخص علاقاتها بقواعد الجماهير بجانب ملامحها البريئة التي ستكسب بها التعاطف المطلوب والالتفاف حول العمل دون أي مجهود أو عناء وهو ما حدث تماماً وتحولت “تونة” وقضيتها إلى قضية رأي عام تصنع صخباً يجبر الجهات المعنية على التحرك لتعديل قانون الأحوال الشخصية.

والحقيقة أن رغم هذا النجاح في إثارة الجدل حول هذا النوع من القضايا من خلال المسلسل إلا أن هذا العمل لم يكن ليحقق نجاحه لولا وجود “نيللي كريم” السبب الأول والأخير لمتابعته وعدم الانصراف عنه بعد عدد من الحلقات اكتُشف بعدها أنه يدور في حلقة مفرغة ومشتتة عامل الجذب الوحيد فيها هو “نيللي” بشحمها ولحمها دون النظر لثغرات المحتوى.

كعادة “إبراهيم عيسى” الذي قرر فجأة ترك كتابة المقال واتجاهه لكتابة السيناريو جاءت كتابته مشتتة بلا بناء درامي أو خلفيات درامية لا للأحداث ولا للأبطال لينسج سيناريو مهترئ لا يختلف عن مستوى مقالاته الخالية من أي هدف أو مضمون سوى التشكيك في ثوابت الدين والضرب في الفقهاء والعلماء والعبث بمحتوى القرآن لخلق ثغرات يزرع لك بها في اللاوعي حالة من التمرد على الدين ومحاولة الهروب منه من خلال تلك الثغرات الماهر في صناعتها ليفرغك من المحتوى الإلهي ويعيد تعبئتك بمحتوى التوجه الجديد باحترافه التشتيت والتشكيك بسطحية يستغل بها جهل البعض وربما الكثير من العقول وخاصة الشباب بالتفسيرات القرآنية والدينية وتفاصيلها الجديدة ليمرر لهم ما يحلو له بكل ثقة وفجور.

ولنعطي “عيسى” حقه فهو شديد الحرفية في التلاعب بالكلمات والألفاظ والمعاني ويجيد تلفيقها باقتدار ليصنع منها جملاً عائمة تحقق له غرضه وعند توقيفه يفسرها لصالحه وهو دهاء يتميز به “عيسى” المهموم دائماً بتشتيتك وبعثرة أفكارك ليعيد ترتيبها من جديد بما يخدم مصلحة هدفه في نفض عباءة الدين وتنصيب نفسه تنويرياً كما أطلق على المفتي الشاب في المسلسل “شيخ تنويري” ليمرر مصطلح “التنوير” وربطه بالدين معتمداً على المعنى الخارجي الذي سيفهمه العامة مخبئاً غرضها الخبيث.

التنويريون أو جماعات التنوير يذهبون إلى حرية الفكر بلا قيود ويدَّعون أنه سبباً في التطور والنهضة وهو أسلوب دس السم في العسل بالترغيب والتزيين وهذا لا يتماشى مع الدين فإن كان هناك تنويراً ينسب للدين فهو الجمع بين العلم والإيمان والعقل والدين فليس هناك تحرر أو شرود أو تخلص من ثوابت كما يحلو لـ “عيسى” دائماً الضرب فيها وتشويه صورة العلماء والشيوخ كما أظهر الشيخ الشاب كـ “مفتي ديلفيري” يلهث وراء “فاتن” في كل مكان ويغرقها بنظرات الهيام ويصطحبها إلى منزله ليعرفها على والدته التي تفطن لغرض ابنها فتعاملها بجفاء!

انتفاض الأزهر وإصداره بياناً شديد اللهجة ضد “عيسى” وكتابته شفى غليل الكثير من الغيورين على الدين ويرفضون تشويهه بأي مبرر والعارفين ببواطن الأمور ومتيقظين لـ “عيسى” وسوابقه وأهدافه وتوجهاته .. أما أتباعه فاستنكروا بيان الأزهر وأنكروا حق الأزهر من الأساس في الاعتراض بل ذهبوا لأبعد من ذلك باتهام الأزهر بأنه رجعي ويعود بنا للعصور الوسطى!

المضحك المبكي أن يتصدى الدكتور “سعد الدين الهلالي” للهجوم المشروع على محتوى المسلسل ويقر بأنه قام بمراجعته فقهياً فيعلن لنا أن “عيسى” استعان بفقيه لضرب الفقهاء!

الأزمة لمن يعي ليست في التناول الديني فقط والدفاع عنه من الشواذ دينياً ولكنها في أسلوب الطرح على لسان الأبطال .. لغة الحوار المدسوسة والتي تفتح أبواب الانفلات على مصراعيه .. يبرع “عيسى” في التحايل ولكن لم يشفع له تقديم نموذج “عبدالله رشدي” المخلوع من إمامة مسجد السيدة نفيسة فكل خلطة “إبراهيم عيسى” تصب في إناء واحد فقط مستخدماً قضية المسلسل ستاراً لتمرير أفكاره كعادته وإظهار الشيوخ وعلماء الدين في صورة التخبط والسذاجة و”الحافظ مش فاهم” بتعمد التشويه فيخرج بالمسلسل عن هدفه الرئيسي لللتركيز على أهدافه هو الفكرية!

أما طلة “بثينة كامل” فهي بلا لون ولا طعم ولا رائحة وغير مقبولة من الأساس ليس فقط لما تملكه من ثقل ظل ولا تملكه من أ- ب أداء تمثيلي .. ولكن لن تُنسى ولن تُغفر لها أفعالها ضد الجيش والشرطة أثناء مؤامرة 2011 فلا مبرر لهذا الوجود الساذج في الأحداث بلا أي تأثير ولا هدف إلا المجاملة بين رفقاء سنوات الخراب “عيسى” و”بثينة”!

حاول “عيسى” صاحب أشهر “حمالات” في العصر الحديث أن يحقق أهدافه ويخدم عليها بكل ما يملك من أدوات صنع منها “حمالات” للمسلسل للمرور به واختراق الجمهور ولكن كل هذه الأدوات لم تسعفه لحمل عمله إلى البر المنشود ليبقى الجمهور متابعاً لـ “نيللي” فقط …..

وتبقى “نيللي” هي “حمالاته” الوحيدة!