سبل الخروج من الأزمة الحالية على وقع التلاعب في سعر الدولار في السوق السوداء في “ضروري نحكي”


من معاناة اللبنانيين في معيشتهم وفي ظلّ الأزمة الاقتصادية المالية الخانقة التي يمّر بها لبنان، انطلقت أمس حلقة جديدة من برنامج “ضروري نحكي” مع الإعلامية داليا داغر عبر شاشة الـOTV، حيث إستضافت الخبير المالي والإقتصادي سامر سلامة وبحثت معه سبل الخروج من الأزمة الحالية على وقع التلاعب في سعر الدولار في السوق السوداء وما يترافق معه من تضخّم في أسعار السلع. وفي سياق الحلقة، كانت مداخلات مع رئيسة مصلحة حماية المستهلك في الشمال لمى علم الدين، ومستشار وزير الشؤون الاجتماعية د.عاصم أبي علي. كما جرى مناقشة آخر التطورات السياسية مع عضو تكتل “لبنان القوي” النائب جورج عطالله.

مقدّمة الحلقة:
ألا تحتم هذه الظروف التي نعيش بها تعالياً عن الأنانية والحقد والكراهية والإصرار على الانتقام السياسيّ؟
ألا تحتم هذه الظروف إيقافاً فورياً لهذا الإصرار الرهيب على الاستفراد العبثيّ بالسلطة ومحاولة إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل عام 2005.
هل هو الوقت المناسب فعلاً للتمسك بأحادية الحكم، كما يطرحها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، من دون مشاركة أحد باستثنائه ورؤساء حكوماته؟
آلينا على أنفسنا منذ شهور عدم الانجرار إلى السجالات السياسية العقيمة لأن تراشق الاتهامات كما الحملات الإعلامية لن يشبعوا جائعًا أو يحلوا أزمة أو يغيروا واقعاً بائساً. الوضع اليوم لا يحتاج لمن يصب الزيت على النار إنما الوطن يحتاج لمن يبني الجسور بين أفرقائه ويوصل ما تقطع بين مختلف أبنائه.
نحن اليوم بحاجة إلى التفكير بمصلحة وطننا أولاً لا مصلحة أوطانهم. نحن اليوم بحاجة إلى إيقاف هذا السلوك العنجهي المتمادي كأن الفلتان الأمني سيميز بين شارع وآخر أو بيت وآخر. نحن اليوم بحاجة لمن يسأل نفسه عما يمكن أن يقدمه لتخليص وطنه بدل أن يسأل عما يمكن لوطنه أن يقدمه له. وقد كنا في السابق نمتلك ترف الوقت، فحلت التجاذبات محل المشاريع واختلفنا لسنوات على القشور بدل المضمون، حتى تبخر الوقت ولم يبقَ لدينا إلا القليل القليل. أليس هذا هو الوقت المناسب ليسأل كل مواطن نفسه، أياً كان موقعه، ما إذا كان عليه الاستمرار في الطريق نفسه الذي يقودنا إلى الهاوية أو يعود خطوة إلى الوراء؟
هذا وقت العقل، لا العواطف ولا الغرائز. هذا وقت الواقعية، لا الأحلام ولا الشعارات. هذا وقت التفكير بأولادنا، بأهلنا وبكل واحد منا. وليس المسؤول هنا معنيّ أكثر من غيره. أبداً. كل مواطن منا مسؤول عن إيقاف هذا الاندفاع الجنونيّ الأعمى نحو الهاوية. والمشهد مخيف فعلاً، فها نحن أمام انقسامات على كل المستويات بين الأحزاب السياسية، وبين الأحزاب والمجتمع المدني، وبين المجتمع المدني والمجتمع المدني، وبين القوى الأمنية والمجتمع المدني، والأحزاب والقوى الأمنية، والناس والمصارف، والناس والتجار وغيرها من الانقسامات التي لا تنتهي. والمؤسف أنها انقسامات من دون أفق، حيث لا يمكن إيجاد أي فائدة منها في نهاية المطاف. فهل نمضي قدماً؟ هل نكمل الطريق صوب الهاوية؟ هل هذا ما نريده فعلاً لأنفسنا وأهلنا ووطننا؟

في حلقتنا الليلة نواجه على طريقتنا؛ نبحث عن الضوء لنثبت أن الخروج من النفق ما زال ممكنًا إذا تراجعوا عن الإصرار على الاستفراد بالسلطة أو تعطيلها.

سامر سلامة: اذا توقف سعر الصرف هذا العام عند الـ20 الف ليرة سيكون جيّدا.
لفت الخبير المالي والاقتصادي سامر سلامة الى انّه منذ تشرين الثاني 2019 اعلن انّ لبنان قد أفلس وانّ “عندما انفجرت الأزمة المسؤولون استغربوا كما اللبنانيين وعدد كبير منهم لم يفهم ماذا حدث وما هو الوقع الذي تركته الأزمة على ارض الواقع”. وقال: “اذا توقف سعر الصرف هذا العام عند الـ20 الف ليرة سيكون جيّدا بالنسبة للبنانيين ايّ انّ الوضع قد يسوء أكثر وبنسبة كبيرة؛ وما حصل على صعيد سعر الصرف في نهاية الأسبوع الفائت هو نتيجة التلاعب في سوق الصرف”.
واستبعد سلامة ان ينخفض سعر الصرف مع تشكيل ايّ حكومة مقبلة: “ان ينخفض سعر الصرف عند تشكّل الحكومة هو بمثابة توهّم”، مشيرا الى انّ “سعر الصرف في السوق السوداء ليس هو السعر الحقيقي للدولار اليوم ولا يمكننا في الوقت عينه معرفة السعر الحقيقي لليرة اللبنانية”.
ودعا سلامة مصرف لبنان والمصارف الى دعم الشركات ودعم من خلالها الاقتصاد اللبناني من تجار ومزارعين وصناعيين لكي نتمكّن من الصمود في وجه هذه الأزمة، مؤكّدا انّه “أصبح من السهل اليوم أن تسيطر الطبقة السياسية الفاسدة على الفقراء والمحتاجين”.
وشدّد في سياق الحلقة على انّه “لن تأتي أيّ أموال من الخارج في الفترة المقبلة، ولكي نحصل على دعم من صندوق النقد الدولي على الدولة ان تقدّم خطة متكاملة”.

علم الدين: التهريب ليس من صلاحياتنا
بدورها، أكّدت رئيسة مصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد في الشمال لمى علم الدين عبر “ضروري نحكي”، انّه “يجب ان تكون أسعار السلع معلنة بشكل واضح للمواطن لكي نتمكّن من مراقبتها في الأسواق والمحلات؛ ولا يمكننا التأكيد ان كلّ السوبرماركات تلتزم بتخفيض الأسعار عندما ينخفض الدولار والتهريب ليس من صلاحياتنا”.

أبي علي: موارد الوزارة اقلّ بكثير من حاجة المواطنين
وأشار مستشار وزير الشؤون الاجتماعية د.عاصم أبي علي الى انّهم في الوزارة يقيّمون اليوم أوضاع اكثر من 400 الف عائلة لبنانية وفق آلية يتخلّلها تعبئة استمارات مؤلفة من 50 سؤالا، وزيارات منزلية من اجل مشروع دعم العائلات الاكثر فقرا، لافتا الى أنّ “في الوزارة برامج متكاملة يستفيد منها مثلا ذوي الاحتياجات الصعبة والنازحين السوريين والحاجة اليوم اكبر بشكل هائل من الموارد الموجودة لدينا”.
وأكّد أبي علي انّ “امكانياتنا تتراجع سنة بعد سنة وموازنة الوزارة لا تزال نفسها في ظلّ ارتفاع عدد المحتاجين او المستفيدين من برامجنا، ويجب ان ننهض من هذه الازمة بخطة اقتصادية متكاملة مبنية على دعم القطاعات الإنتاجية”.

عطالله: ما اقترفه الحريري خطيئة و”ولدنة سياسية”
وفي السياسة، ذكّر النائب جورج عطالله بخشية التيار الوطني الحر أنّ مهما قدّم رئيس الجمهورية ميشال عون من تسهيلات للرئيس المكلف سعد الحريري فلن يتمكّن الأخير من تشكيل الحكومة لانه يضع شروطا على نفسه بإنتظار ما ستجنيه زياراته الخارجية. وأكّد عطالله انّ “ليس لدى التيار ايّة مطالب في الحكومة المقبلة ولكن فقط ان تتشكّل بالتوافق والتعاون بين الرئيس عون والرئيس المكلّف”، مشدّدا على انّ “للرئيس عون الحق الكامل بكل اسم وكل حقيبة يتمّ طرحها في مسار تشكيل الحكومة”.
ورأى انّ “بغياب امكانية سحب التكليف في ظل الوضع القائم نحن أمام ضرورة العمل على تفعيل الحكومة المستقيلة، ويجب على دياب مقاربة هذا الموضوع بطريقة مغايرة عن السابق”، معتبرا أنّ “التسريب الذي حصل خطيئة وولدنة سياسية، والخطأ الاكبر الذي إقترفه الرئيس المكلف هو تسريب وثائق كانت سُلّمت له سابقا لتضليل الرأي العام”.