وفاة الناقد المسرحي د. حسن عطية


توفى الناقد المسرحى حسن عطية داخل غرفة العناية المركزة بمستشفى المعادى قسم الأورام، بعد صراعه مع مرض ‏السرطان و تدهور حالته الصحية .‏

 وكان مقربون قالوا إن عطية يحتاج إلى نقل دم على وجه السرعة، وهو ما حاولت المستشفى توفيره في ‏الساعات الأخيرة، لكنه لقي ربه بعد تدهور حالته.‏ 

وكانت حالة عطية الصحة تدهورت في الفترة الأخيرة وتم إيداعه غرفة العناية المركزة بإحدى المستشفيات ‏الخاصة، وذلك بعد أيام ‏من خروجه من مستشفى قصر العيني ‏الفرنسي.‏‎ ‎

كان عدد من المسرحيين أبرزهم الدكتور علاء عبد العزيز رئيس مهرجان المسرح التجريبي والمخرج مازن الغرباوي والفنانة ‏فاطمة ‏محمد علي، قد طالبوا بالدعاء للناقد الكبير بالشفاء العاجل‎ .‎

وأصدر اتحاد المسرحيين الأفارقة برئاسة الناقد الفني هيثم الهواري، بيانا نعى فيه الكاتب والناقد الفني د. حسن عطية مستشار الاتحاد  الذي وافته المنية مساء أمس الاثنين.
وقال الفنان المغربي عبد الكبير الركاكنة نائب رئيس اتحاد المسرحيين الأفارقة إن المسرح الإفريقي فقد رمزا كبيرا من رموزه والذي كان سببا كبيرا في نجاح عدد كبير من فعالياته  بدعمه الكبير.

 يذكر أن الناقد حسن عطية حصل على الدكتوراه من العاصمة ‏اﻹسبانية مدريد، عمل سابقا كعميد المعهد العالي للفنون الشعبية، ‏وعميد ‏المعهد العالي للفنون المسرحية، ونشر له العديد من ‏الإصدارات منها (الثابت والمتغير: دراسات في المسرح والتراث) ‏و(سناء جميل: ‏زهرة صبار قمرية) و(نجيب محفوظ فى السينما ‏المكسيكية) و(ألفريد فرج: صانع الأقنعة المسرحية – المجلس ‏الأعلى للثقافة – 2003 ‏م) و(عزت العلايلي: ملح الأرض ‏وحلوها.‎

وكان قد صدر كتاب للناقد المصري والعربي المعروف أ.د.حسن عطية، الموسوم (دليل المُتفرج الذكي إلى المسرح والمُجتمع)، الصادر بعام 2019 عن الهيأة المصرية العامة للكتاب في القاهرة، ليُقدم نفسهِ بوصفهِ مدخلاً إلى المسرح والمُجتمع يضعهُ أمام المُتفرج الذي دعاهُ بـ(الذكي) في إشارة حصيفة للدور المحوري الذي يلعبهُ هذا المتفرج في إكمال عقد العملية المسرحية بشكلها العام.

يعي د. حسن عطية بوصفهِ واحدا من أبرز النُقاد العرب المُعاصرين حضورًا في المشهد المسرحي العربي المُعاصر وأكثرهم إدراكًا للحالة المسرحية وإرهاصاتها وتموجاتها وقضاياها وأسئلتها المعرفية، أن دور المُتفرج ليس فقط في صفة الإكمال، وإنما يتعداهُ إلى المُبتغى لكُل نتاج إبداعي الذي يجب ألا ينفصل عن بيئتهِ الاجتماعية من وجهة نظر د. حسن عطية الذي عُرفَ بغزارة نتاجهِ النقدي لا سيما قدرتهِ الساحرة على مُقاربة العروض المسرحية وتقديم وجبات نقدية تطبيقية آنية تجد طريقها للنشر في مُختلف الصُحف والدوريات والمجلات والدوريات فضلاً عن المواقع المسرحية الإلكترونية، وهذا ما أكدتهِ تجربتهِ النقدية الثرة التي دائمًا ما تنحى منحى مُقاربة جميع النتاجات الإبداعية الثقافية بشكل عام والمسرحية بشكل خاص سيسيولوجيًا ولعلَ واحدة من مثابات هذهِ التجربة هي اتخاذ «النقد السيسيولوجي» نسقًا خاصًا بها ومُميزًا لها عن بقية تجارب النُقاد الآخرين. وفي كتابهِ هذا الذي يقع في (459) صفحة من الحجم المُتوسط يؤكد الناقد د.عطية أن العالم الغربي قد تقدم واستنار ونجح في العقود الأخيرة في صياغة رؤى جديدة للعالم، معبرة عن متغيرات حياتها وطموحاتها، ومغايرة ومناقضة للرؤي التي هيمنت على العالم في الأزمنة الفائتة، ولكنه يظل (عالمًا غربيًا) وليس كل (العالم) الذي نعيشه، وتضحى رؤاه للعالم الذي يراه هو من زاويته، أي «رؤى غربية للعالم»، وليس العالم الذي يراه الشرق الأقصى أو المتوسط أو أميركا اللاتينية، وفقا لثقافة كل مجتمع وموروثاته وطموحاته الخاصة، مهما انفتح العالم على بعضه البعض، وصار أقرب للقرية الكونية التي تذاب فيها الهويات الوطنية في هوية واحدة، وتطمس فيها الثقافات القومية لصالح ثقافة متعولمة، أو ثقافة متدينة بالمقابل، وتدان فيه كل الآيديولوجيات ويمنح القدح المعلي لآيديولوجية واحدة تعلي من شأن الفرد وتطيح بأية عدالة اجتماعية، أو ترسخ لهيمنة الماضى البعيد على الحاضر الراهن، ويُضيف د. حسن عطية: “إن مشروع الحداثة الغربية الذي اقتدينا به وسرنا على دربه منذ بداية القرن التاسع عشر، وكان مسارا جيدا لنا في أكثر من وجه له، هو في المنتهي مشروع ثقافي حضارى ظهر في أوروبا مع الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، وهى التي مكننت الصناعة محولة المعرفة بالعلوم إلى تكنولوجيا، ومحركة البنية الاجتماعية، خالقة معها طبقة جديدة تؤمن بالإنسان باعتباره مُنتج ذاته وعالمه، وصائغ هويته وباحثا عن اليقين في كل ما يحيط به، منطلقا من الشك المنهجي، متمسكا في ذلك بالعقل والعلم، وعاملا على أنسنة الطبيعة، وفصل الدين كمطلق عن أمور الدولة النسبية، مسقطا في طريقه مشروع ما قبل الحداثة الذي ساد في العصور الوسطى الأوروبية، والقائم على عالم الأوهام والخرافات والأساطير وخضوع الإنسان لتصوراته الذاتية عن نفسه وعن العالم، وللمقدر والمكتوب ولنبوءات الكهنة والسحرة المتحققة رغما عن أنف البطل الدرامي. وقد تداخل المشروعان، الحداثي الغربي، والماقبله الشرقي في مشروعنا الثقافي العربي، فأعجزنا عن تطوير مشروع حداثي مستقل عما قبله الكامن في عمق ثقافتنا والبادي في سلوك مجتمعاتنا، وعما وفد إليه في ذات الوقت من خارج جغرافيته، فحاولنا التوفيق بين ما أسميناه الأصالة والمعاصرة، ووصلنا لنتيجة فاسدة حينما وضعنا الدواء العلمي في قنينة زيت القنديل الخرافية، مما أصابنا بالهزائم المستمرة، وسهل للأفكار الصحراوية والقبلية والميتافيزيقة غزو عقولنا تسللا من قنينة الزيت التي تدثر بها الفكر المستنير، وجذب المجتمع إلى الخلف وكأنه لم يتمدين لحظة، وشوش عقل المثقف الراهن بين حداثة لم يمتلكها جيدا وما بعد حداثة زلزلت الأرض تحت قدميه”.