طارق سعد : الأمير .. كرارة


طارق سعد : الأمير .. كرارة

 

الوصول للقمة سهل .. وقد يكون ضربة حظ .. أما الحفاظ عليها فهو الصعب والاستمرار هو الأصعب.

 

جملة تقليدية ودباجة ثابتة دائماً للحديث عن النجاح الساحق أو احتلال أحدهم للقمة سواء كان العمل أو نجمه ولكن هناك جزء مهم يتم إغفاله دائماً وهو أن الوصول للقمة أساسه التعب والجهد والمحاولات والفشل أحياناً فى محطات وأحياناً “سف التراب” وقد يستهلك ذلك وقتاً طويلاً يصل صاحبه فيه للقمة تدريجياً ونتيجة هذا التعب والإصرار على النجاح يتلاقى مع نقطة التحول التى تغير حياته وتوجهه للقمة طالما استمر فى الحفاظ على تركيزه ومجهوده وإصراره.

 

“أمير كرارة” أهم نموذج فى جيل القمة الجديد فالمتابع لمشوار “أمير” وخاصة بداياته من الصعب أن يتكهن يوماً بما وصل إليه ومؤكد هو أيضاً لم يتوقعه ولم يخطط له ولكنه اتخذ القرار الأهم وهو الاحتراف ليمر “أمير كرارة” بمحطات كثيرة ومتنوعة وعينه غير منشغلة إلا بشيء واحد فقط .. النجاح والتواجد المؤثر فـ “أمير” نجاحه الحقيقي بدأ منذ أن قرر المزاحمة وأن لا يكون مجرد “كمالة عدد” وهو ما ستتأكد منه وتبصم عليه “بالعشرة”عندما تسترجع أدائه فى البرنامج الشهير “ستار ميكر” نقطة تحوله الرئيسية ثم تشاهده وهو يصول ويجول سينمائياً فى “كازابلانكا”.

 

النجاح الدرامي له معادلة مختلفة تماماً عن النجاح السينمائي فالدراما تذهب “ديليفري” للجمهور فى عقر داره محكومة بشكل تليفزيوني مناسب لأجواء المنزل وقليلاً ما تخرج “برة الصندوق” أما السينما فالجمهور يذهب إليها ويختار النجم بإرادته ويدفع مقابل اختياره وهو لن يفعلها إلا لو كان الدافع قوى وهو حضور ونجاح النجم وثبات أقدامه وشعور الجمهور وهو خارج من منزله أن هذا النجم يستحق أن يقتطع من أمواله ليشاهد ما يقدمه فتصبح الثقة هى مفتاح العلاقة بينهما.

 

“أمير كرارة” استطاع بذكاء وحنكة أن يقبض على هذا المفتاح ويجعل أساس التعامل مع جمهوره هو الثقة فأصبح هذا الجمهور منذ سنوات يثق فى منتج “أمير” قبل أن يشاهده فيصبح “كرارة” واحداً من القلائل الذين أصبحوا هم أنفسهم مصدر الثقة لجودة العمل وليس العكس فهناك كثير من النجوم مبنى نجاحهم على “عمل يشيلهم” وهو ما رفضه “أمير” منذ اختياره من جهات الإنتاج ليتصدر الأعمال الفنية واثقاً من قدراته وكان اختياره الأول والأخير تقديم عمل فني بمحتوى يحترم المشاهد فكانت كلمة السر التى صعدت به تدريجياً حتى قبض على القمة بخبرة وذكاء جعلا من اسم “أمير كرارة” جواز مرور عمله للجمهور.

 

نجاح “أمير” فى السينما هو الأصعب فمواصفات هذا النجاح تختلف وكذلك مواصفات نجومه فنجاحه الدرامي كان مقلقاً للسينما ولكن أهم ما يميزه هو دراسة خطواته وحسابها جيداً وهو ما جعله يحقق أعلى إيرادات فى السينما المصرية بفيلم “حرب كرموز” فيأتي “تامر حسنى” ليكسر الحاجز بفيلمه “البدلة” ليعود “كرارة” ويحقق أعلى من أعلى إيرادات فى السينما المصرية بـ “كازابلانكا” فيتفوق على “تامر” ويتفوق على نفسه هو شخصياً مع تحقيقه أعلى مشاهدة بأجزاء مسلسل “كلبش” ليبقى “أمير كرارة” نفسه شفرة ولكنها سهلة الفك بأقل مجهود.

 

وصول “أمير كرارة” لهذه النقطة فى القمة هو نتاج عمل متواصل وحب لهذا العمل بعيداً عن حسابات تجارية لا تحقق إلا خطوة حالية ليس لها مستقبل ف” كرارة” كان سيد قراره واختار طريقه من البداية وهو دقة الاختيار سواء فى نوعية العمل الذى سيقدمه أو النجوم المشاركين له فى العمل وكذلك الشكل المناسب لهذا العمل … كلها أمور احترافية سرعت من خطوات “أمير” إلى قلوب الجماهير التى حملته لتضعه على القمة وتحيطه بحب غفير لا يتكرر كثيراً.

 

قد تندهش عندما تعلم أن هناك من أعمال “كرارة” الدرامية قد يكون حقق نجاحاً جماهيرياً ونال ثنائهم والنقاد أيضاً ولكن “أمير” بداخله لا يشعر بالرضا الكامل لمجرد رؤيته أنه كان هناك أفضل يمكن تقديمه فلم يتغنى برأي الجمهور ولكنه يتعامل باحتراف ليطور القادم.

 

“أمير” اختار أن يكون إنساناً قبل أن يكون فناناً وهو ما يظهر فى كل تعاملاته داخل وخارج الوسط ويشهد له الجميع بجانب حبه لعمل الخير .. فـ “أمير” يرى نفسه ببساطة أنه على الطريق ولم ينته منه فيظل فى كامل تركيزه وكامل حميميته مع جمهوره وهو راجع لعوامل تكوين شخصيته منذ الصغر والتى صنعت منه رجلاً أصيلاً “ابن بلد” قرر بعد انتهاء تصويره مسلسل “كلبش3” فى أيام رمضان الأخيرة أن يمنح كل العاملين معه تقديراً خاصاً وهو التصوير مع الجميع من أصغر عامل بالمسلسل حتى رأسه وهو المنتج اعتباراً أن كل هؤلاء شركاء فى صناعة هذا النجاح وهو يعرف أن مجرد صورة لعامل بالمسلسل أو فني أو مساعد مع نجم بحجم “أمير” هى بالنسبة لهم كنز يُفتخر به وببساطته أعطاه لهم متطوعاً بلا تأفف أو تعالٍ ليعطى دون قصد درساً قاسياً للجميع عنوانه … “كيف تكون إنساناً”!

 

عندما ترى نجماً على القمة لا تبحث فقط فى أعماله أو مستوى إنتاجها .. ولكن اجعل من بحثك أكثر عمقاً خلف كواليس هذا النجم لتصل إلى مكوناته التى وضعته على هذه القمة وتؤهله للاستقرار عليها مطمئناً دون مزاحمة أو حتى إزعاج.

 

نجاح “أمير كرارة” فى كل ما قدمه من برامج ودراما وسينما يضعك أمام نموذج حي لمكونات البطل الجماهيري ممتد العمر والمفعول لتتعلم منه الأجيال الجديدة والتى تطمح فى النجاح والشهرة السريعة .. تتعلم الدرس جيداً فلن يصل ولن يستمر إلا المخلص فى عمله محترماً نفسه وجمهوره.

 

 

النقطة التى وصل إليها “أمير كرارة” مانحاً للجميع الثقة بالوصول إلى أبعد منها بمراحل وخطوات سريعة تجاوزت باسمه لتحوله إلى وصف وتمنحه له لقباً ليصبح عن جدارة “الأمير ــ كرارة”.