طارق سعد يكتب: أحمد زاهر … الكنز المفقود


مصر- طارق سعد

 

أكبر الأخطاء التي يقع فيها صناع الدراما المصرية والتي تنسحب إلى الخطايا هي الاستسلام في استغلال قدرات النجوم الفنية فأغلب صناع الدارما يلجأون دائماً لترشيح النجوم فى أدوار تدور في أفلاكهم فتعرفت على قدرات نجم من أدوار شاهدتها له في أعمال مختلفة فعند تحضيرك لعمل جديد به هذا الـ “جو” تقوم بترشيحه فوراً بشكل تقليدي ولكن قليلون من يبحثون وراء النجوم ويغوصون في قدراتهم لاكتشاف أوجه جديدة ومختلفة لهم وهو ما يظلم الكثير من نجوم التمثيل .

 

“أحمد زاهر” أحد أهم النجوم التي تعرضت قدراته الفنية لظلم كبير من هذا النوع فمن يعرف “زاهر” ويتابعه يتأكد أنه يمتلك من القدرات الفنية ما يصعب على كثير من صناع الدراما استيعابها طالما استسلموا للفكر التقليدي وهو ما يؤكده “زاهر” عملاً وراء الآخر ويؤكد أنه صاحب “قماشة” كبيرة جداً لم يستغل منها صناع الدراما إلا الـ “شراشيب”!

 

ظهور “زاهر” بشخصية المحامي “جمال لبة” كضيف في الحلقات الأخيرة في مسلسل “ولد الغلابة” وأمام نجم بحجم “السقا” بشكل لا يتوقعه أحد وربما هو شخصياً وتحقيقه نجاحاً جماهيرياً كاسحاً انتزع الآهات والتصفيق من أول مشهد يثبت أننا أمام فنان من النوع الفريد الذي يندر تواجده كثيراً ويتعطش الوسط الفني له فهذا الرجل يملك في جعبته ما لم يعلن عنه حتى الآن فقط يحتاج لعين مماثلة لعين الـ “جواهرجي” تقدر قيمة قدراته كما فعل المخرج “محمد سامي” وفاجأ به الجماهير بجميع فئاتها والتي انتهت من مشاهدة الحلقة لتلهث وراء مشهد “جمال لبة” على مواقع الإنترنت لتمنح “زاهر” ثقة جديدة

في تقبل مهاراته وصلاحية تامة لاستقبال ما يكتنزه ويختزنه من قدرات تمثيلية يستطيع الآن إخراجها في حراسة جمهور عاشق لـ “اللعبة الحلوة”.

 

الحقيقة أن نوعية “زاهر” عندما تتألق بهذا الشكل تسبب حرجاً كبيراً لصناع الدراما لتثبت أننا أمام مجموعة تبحث فقط فى دفاترها وقت الترشيحات دون بذل قليل من العناء في صناعة العمل إلا من رحم ربي من فئة قليلة تتمرد على هذا الوضع وتستفيد بأعين خبيرة من قدرات اللاعبين المهرة فى الملعب الدرامي وتغير مراكزهم فيتحررون ويقدمون فاصلاً من المراوغات الفنية من مستودع مهاراتهم ويحرزون أهدافاً قاتلة يستمتع بها الجمهور وتقلب الموازين.

 

نحن الآن أمام حالة خاصة تحمل اسم “أحمد زاهر” وأصبحنا أمام مهمة جديدة وضرورية جداً مطلوبة من صناع الدراما وعلى وجه السرعة وهي إعادة صياغة هذا الممثل والنظر إليه بشكل مختلف يستوعب حجم ما يمتلكه من موهبة وقدرات فنية تمنحه جواز المرور إلى أدوار البطولة  التي يحمل كل مقوماتها مباشرة دون لجان أو تفتيش وتستحق أن تخرج إلى الجمهور والتي من المؤكد ستستفز زملائه للتطوير والتنقيب بداخلهم ما سيشعل الأعمال الدرامية بأداء ناري ويثريها ويصب في مصلحة الجمهور الذي سيربح به صناع الدراما تلقائياً.

 

بشكل صريح وقاطع أثبت “أحمد زاهر” أنه يستطيع أن يكون بطلاً مستقلاً حتى ولو ببضعة مشاهد في عمل يحمل اسم نجم وبطل من العيار الثقيل إلا أن “زاهر” دائماً اللاعب المهاري الذي تنتظر الجماهير لمساته فبلمسة ساحرة يستطيع تغيير الملعب تماماً وتهتز حوله مدرجات الجماهير.

 

“جمال لبة” الذي قدمه “زاهر” ببراعة أثبت أننا أمام نجم كبير يحمل بداخله كنز مفقود ينتظر من يعثر عليه ويقدمه بما يتناسب مع قيمته الحقيقية ويؤكد أنه هو نفسه “أحمد زاهر” … الكنز المفقود.