طارق سعد يكتب: دربوكة شلبوكة


“هاللا هاللا .. عالفانلة” … آخر أشهر “إيفيهات” نجم التعليق والإعلام الرياضي “مدحت شلبي” والذي ظهر به في إعلان رمضاني لأحد المنتجات القطنية الشهيرة وحقق كعادته اكتساح جماهيري للدرجة التي جعلت الجملة لا تخرج من أذهان الجمهور وأصبح ترديدها بشكل تلقائي ولا إرادي وهو النجاح المصاحب لـ “مدحت شلبي” منذ ظهوره على الشاشات وفي الأصل هو نجاح لقدرته على صناعة نفسه بشكل وأسلوب وأداء ومذاق خرج به عن المألوف واستطاع به ابتكار شكل جديد في التعليق الرياضي وكذلك في تقديمه للبرامج مما جعله يقص شريط فكرة ساعات البث المفتوحة والتي كانت تمتد ليوم كامل أحياناً ومع ذلك يجلس أمامه الجماهير العاشقة لهذه الشخصية ذات المكونات المبتكرة وصاحبة خلطة سحرية لم ولن يستطيع أحد منافستها أو تكرارها بسهولة أو حتى تقليدها وهي المعادلة السهلة المستحيلة التي ابتكرها “مدحت شلبي” وحول بها الشاشة بخفة ظله ومهارته إلى “كرنفال”.

 

“شلبوكة” كما تناديه الجماهير كتب صفحة خاصة تحمل اسمه في تاريخ التعليق الرياضي فخرج من دائرة المعلقين ومقدمي البرامج وتحول لنجم شباك وهو ما جعله على القمة وتواجده على أية شاشة يضمن لها العلامة الكاملة في المشاهدة ليصبح أيضاً الأعلى أجراً بلا منافس كما كتب من ناحية أخرى صفحة خاصة جداً مع جماهير “النادي الأهلي” التي عشقته وجعلت منه تميمة الحظ في المباريات الهامة التي يقوم بالتعليق عليها وينتظرون صوته ليضمنون الفوز وهي حالة فريدة بدعها “شلبوكة” أصبح بها وجهاً جماهيرياً آخر لـ “الفانلة الحمراء”.

 

علاقة “شلبوكة” والجماهير علاقة وطيدة فهو رجل المباريات الهامة والحاسمة ومصطلحاته وتركيبات جمله أصبحت من مكونات اللغة الحديثة والتي سيظل بها أحد أهم علامات الإعلام الرياضي لعقود طويلة فبالرغم من تنقله بين جميع الشاشات تقريباً إلا أنه ظل متماسكاً بكامل قوته وبريقه حتى انفتحت له طاقة جديدة عندما تم افتتاح محطة فضائية رياضية يملكها المستثمر السعودي الأول في هذا المجال “تركي آل الشيخ” ليظهر “مدحت شلبي” على رأس المجموعة العائمة على كنز من الدولارات بلا حساب بشكل جديد ومختلف تماماً عما عرفه جمهور “شلبوكة”.

 

الطبيعي أنك تلتمس العذر في أن يدين أحدهم بالولاء لمن يعمل عنده فصاحب أي مؤسسة أو عمل كثيراً من يعتبره “ولي النعمة” طالما يصرف ببذخ ويقدم ليس السبت فقط ولكن الأسبوع كله إلا أن “شلبوكة” انفلت زمامه وانبرى في مدح “ولي النعمة” فأخرج من “شوال” مصطلحاته وتعبيراته ما لم يخطر على البال ومارس كل أساليب الهجوم السام ضد خصوم الرجل لتصفية الحسابات واغتيالهم معنوياً خاصة أن مالك المحطة امتلك فريقاً ينافس به في الدوري فما كان من “شلبوكة” إلا أن يلجأ أيضاً لأساليب الكيد والمعايرة والخروج عن كل الحدود فيلقب إحدى الصفقات التي ساهم في جلبها لـ “الأهلي” باسم الرجل ويظل طوال المباراة يؤكد أنه من الآن لن يصبح اسمه “صلاح محسن” بل “صلاح تركي” واستمر طوال المبارة وقتها يعلق بـ “صلاح تركي” ممتدحاً مالك المحطة والنادي ومعدداً في مميزاته في وصلة تطبيل هي الأحدث في فئتها كما عودنا “شلبوكة” بابتكاراته لتتأكد أن “شلبوكة” مسك “الدربوكة”!

 

الغريب والمحزن بل والمخزي أن الرجل خرج بعد المباراة عاتباً على “مدحت شلبى” فيما قاله مؤكداً أنه لا يستحق أن يحمل أحداً اسمه إلا أولاده في رد مفاجئ بالضربة القاضية لمجهود “شلبوكة” في ابتكار إيقاعات جديدة للـ “تطبيل” وتقديمه تقسيمة فريدة من نوعها لتنفضح فجأة بأنها نشاز فيخسر “شلبوكة” صورته بشكل مخجل ومهين أمام الملايين من محبيه ويسحب وجهه الآخر من رصيده لديهم الكثير بعد الصدمة التي تسبب فيها ولكن “شلبوكة” لم يتعظ ولم يتعلم من الدرس الموجع بل تمادى ووصل إلى مبارزة مع الجمهور الأحمر لعدم وفاقه مع “ولي النعمة” لأمور تخصه مع ناديه فيدخل “شلبوكة” على خط النار ويطاله وابلاً من طلقات الجماهير فيقرر التصدر للمعركة بصدره والوقوف أمام جمهوره الرئيسي الذي صنع منه أسطورة مقابل الخزائن المفتوحة له من مالك القناة والنادي فهجر عشاق العمر الطويل بوصلة “ردح” غير معهودة واستبدلهم بـ “فانلة” وليدة في فصل جديد عنوانه “هاللا هاللا .. عالفانلة”!

 

للأسف لم يلتفت “شلبوكة” لخسائره التي ينزفها واستمر في طريقه لا يرى إلا “شوال” الدولارات التي أصبح يعبئها وأمامه يضيع تاريخاً طويلاً اجتهد في تسطيره وجاء بالمستشار المثير للجدل ليكتب له كلمة النهاية لبرنامجه والقناة كاملة بل واستثمارات مالكها في مصر فيخسر “ِمدحت شلبي” كل كروت اللعبة دفعة واحدة ويصبح منبوذاً من الجميع فيأخذه الرجل للتعليق على مباريات الدوري السعودي ويختفي “شلبوكة” عن الأنظار.

 

فجأة يعود “شلبوكة” بدون مقدمات ليقدم اعتذاره ضيفاً ببرنامج رئيسي عبر إحدى الشاشات الكبرى محاولاً تبرير مواقفه وتجميل صورته وتأكيد عشقه للجمهور الأحمر وباقي الجماهير بمختلف ألوانها ويقر بأنه أخطأ ولكنه قصد فئة معينة مندسة بين الجمهور الذي يبادله حالة عشق كبيرة فيبدو “شلبوكة” حالماً متخلياً عن الـ “دربوكة” واستبدلها بـ “كمنجة” لتكون مناسبة للحالة التي خرج بها.

 

الحقيقة أنه لا أحد ينكر جماهيرية “مدحت شلبي” الغفيرة ومذاقه الخاص سواء فى تعليقه على المباريات أو تقديمه للبرامج أو حتى وجوده كضيف متخصص ولا أحد ينكر أيضاً ارتباط الجمهور بـ “إيفيهاته” وصوته وأدائه المميز ورصيده الكبير رغم خسارته منه كثيراً ولكن في نفس الوقت لن تستطيع أن تدير وجهك عن الصورة المشوهة الصادمة التي ظهر بها “شلبوكة” أمام جماهيره معتقداً أنه بمزيد من الـ “هاللا هاللا عالفانلة” سيضمن مكاناً مميزاً في القلب لتجد نفسك أمام سؤال واحد يطرح نفسه فرضاً “وماذا بعد؟!” في استفسار عن مصير “شلبوكة” الجماهيري بعد انتهاء المعركة!

 

للأسف خرج “مدحت شلبي” من حسابات القنوات الفضائية التي رتبت مقاعدها ولم يحمل أحدها اسم “شلبوكة” ليتفاجأ الجمهور بانضمامه للقناة الرياضية بالتليفزيون المصري وهى خارج المنافسة تماماً رغم حجة التطوير التي تم الاستعانة بـ “شلبوكة” لها.

 

بالتأكيد وجود “مدحت شلبي” الآن بالتليفزيون المصري هو الرهان الأخير على قوته خاصة أن ظهوره الأول سيكون بالتعليق على مباراة “الأهلي” المنتظرة أمام فريق “ولى النعمة” السابق فماذا أنت فاعل يا “شلبوكة” .. هل تعيد الجماهير لمشاهدة النيل للرياضة أم تكون هي بوابة انضمامك لصفوفهم مشاهداً مميزاً بالتاريخ والخبرة؟!

أخيراً .. وبعد فشل إيقاعات “دربوكة شلبوكة” وتقاسيمها الجديدة في طرب الجماهير يَثبُت أن الدرس المستفاد من الحكاية والرواية هو أن “فانلة المنتخب” هي الوحيدة التي تستحق إيقاعات الـ “دربوكة”

والـ “هاللا هاللا .. عالفانلة”.