كيف تعمل مضادات الاكتئاب وكيف يمكن التوقف عن تناولها!


يتساءل كثيرون حول حقيقة مضادات الاكتئاب، ومن يجب أن يتناولها؟ وما الآثار الجانبية لها؟ وهل هناك طرق أخرى أكثر ملاءمة للعلاج؟ في هذا الصدد كشف تقرير لصحيفة صنداي تايمز عن أن مضادات الاكتئاب تؤثر في نشاط النواقل العصبية في الدماغ، فتخفف من الأعراض.

وقد أجاب خبراء عن عدد من الأسئلة التي تساعد في فهم طبيعة هذه الأدوية وآلية عملها، والتي جاءت كما يلي:

1 – ما مضادات الاكتئاب؟

مضادات الاكتئاب أدوية يمكن أن تساعد في تخفيف أعراض الاكتئاب وتستخدم في علاج بعض الحالات الأخرى، وتم تطويرها لأول مرة في الخمسينيات من القرن الماضي وتم استخدامها بانتظام منذ ذلك الحين. في حين أن هناك ما يقرب من 30 نوعاً من مضادات الاكتئاب، فإن معظم المرضى يتناولون إما مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية وإما مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنورادرينالين. «السيروتونين أحد الناقلات العصبية الكيميائية العديدة الموجودة في الدماغ التي تحمل إشارات بين خلايا عصبية موجودة في الدماغ تُسمى الخلايا العصبية».

2 – كيف تعمل؟

وفقاً للكلية الملكية للأطباء النفسيين، تؤثر مضادات الاكتئاب في نشاط بعض المواد الكيميائية في الدماغ والتي تسمى النواقل العصبية والتي تنقل الإشارات من خلية دماغية إلى أخرى. والنواقل العصبية الأكثر تأثراً بمضادات الاكتئاب هي السيروتونين والنورادرينالين. تم تطوير هذه الأدوية الأحدث في الثمانينيات فهي فئة من الأدوية فعالةٌ في علاج الاكتئاب، كما تستخدم مثبطات استرداد السيروتونين والنورابينفرين أحياناً لعلاج حالات أخرى، مثل: اضطرابات القلق والألم (المزمن) على المدى الطويل، وخاصة آلام الأعصاب، ومن المفترض أن تكون لها آثار جانبية أقل.

والسائد أن مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية تعمل عن طريق زيادة مستويات السيروتونين في الدماغ، وفقاً لهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية. وحتى الآن، ومع وجود تقنيات مسح الدماغ الأكثر تطوراً وبعد سنوات من البحث، فإن الطريقة الدقيقة التي تؤثر بها مضادات الاكتئاب في كيمياء الدماغ غير واضحة وغير مفهومة بشكل جيد، حتى في أروقة علم الأعصاب.

يقول الدكتور مارك هورويتز، وهو طبيب نفسي بريطاني: «لقد قيل للناس إن هذه الأدوية تصحح اختلالاً كيميائياً مثلما يساعد الأنسولين مرضى السكري. وهذا يعني أن مضادات الاكتئاب تعالج المصابين بالاكتئاب، وهذا مجرد تسويق من جانب شركات الأدوية». مشيراً إلى أن هذه الأدوية تعمل عن طريق تخدير عواطف الناس عن طريق تعطيل الأداء الطبيعي للدماغ.

3 – لمن توصف مضادات الاكتئاب؟

تقول إرشادات هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية: إن مضادات الاكتئاب موصى بها للبالغين الذين يعانون اكتئاباً متوسطاً إلى شديد وليس أولئك الذين يعانون اكتئاباً خفيفاً. ومن الناحية المثلى، يجب أن يكون ذلك جنباً إلى جنب مع العلاج بالكلام «العلاج المعرفي السلوكي». وتشمل أعراض الاكتئاب ما يلي:

  • اضطراب النوم
  • التعب أو فقدان الطاقة
  • الانفعال أو التباطؤ
  • ضعف التركيز
  • انخفاض الشهية أو زيادة الوزن
  • انعدام القيمة أو الشعور بالذنب
  • الأفكار أو الخطط الانتحارية

لا ينبغي استخدام مضادات الاكتئاب للأطفال والمراهقين، إلا إذا لم يستجب اكتئابهم للعلاجات الأخرى أو كان شديداً بشكل حاد. لكن في الواقع توصف الأدوية أيضاً للاكتئاب الخفيف وبشكل متزايد للأطفال، بسبب اعتقاد الأطباء بفعاليتها، وافتقارهم إلى الخيارات والوقت القصير الذي يقضونه مع المرضى. ويمكن وصف مضادات الاكتئاب أيضاً لبعض الحالات الأخرى مثل القلق الشديد ونوبات الهلع، واضطراب الوسواس القهري، والألم المزمن، واضطرابات الأكل، واضطراب ما بعد الصدمة، وفقاً للكلية الملكية للأطباء.

4 – ما المدة التي يجب تناولها فيها؟

عادةً، يستغرق الأمر ما بين أسبوعين وأربعة أسابيع لمعرفة ما إذا كانت مضادات الاكتئاب فعالة. بالنسبة لمن يعانون من أفكار انتحارية، قد تكون هذه الأدوية ضرورية في البداية. ويقول كيث ليسلي، رئيس منظمة Samaritans: للأدوية دور، خاصة لمن يعانون من اكتئاب حاد، حيث تمنحهم فرصة لالتقاط أنفاسهم وإجراء تغييرات في حياتهم أو تلقي الدعم. وهناك إجماع متزايد على أن مضادات الاكتئاب لا تعالج السبب الأساسي للاكتئاب، بل تخفف الأعراض فقط.

5 – ما مخاطر الاستخدام الطويل الأمد؟

كشفت دراسة أجرتها جامعة بريستول عام 2022 على أكثر من 200 ألف شخص أن الاستخدام الطويل الأمد قد يضاعف خطر الإصابة بأمراض القلب.

كما أن التوقف عن تناولها يصبح أكثر صعوبة كلما طالت مدة استخدامها.

6 – ما الآثار الجانبية؟

يعاني بعض المرضى من آثار جانبية، وقد أشار تقرير الكلية الملكية للأطباء النفسيين إلى أن البعض يعاني من آثار غير مريحة للغاية. ومن بين الآثار الجانبية ما يلي:

  • الشعور بالقلق أو التوتر.
  • الغثيان واضطرابات الجهاز الهضمي مثل الإسهال أو الإمساك.
  • فقدان الشهية والدوخة والأرق أو النعاس.
  • الصداع وانخفاض الرغبة.

7 – ما البدائل المتاحة؟

يعتقد معظم الناس أن مضادات الاكتئاب تعالج الأعراض أكثر من الأسباب الجذرية. لذا، هناك بدائل أخرى مثل العلاج النفسي، حيث أثبتت الدراسات فعالية العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، رغم أن نجاحه يعتمد على استمرارية المريض فيه، بينما يتوقف الكثيرون عن متابعته. وهناك أيضاً مجالات جديدة ناشئة، مثل الطب النفسي الغذائي وتأثير الطعام في المزاج.

8 – هل الرياضة ضمن العلاج؟

كشفت دراسة نُشرت في BMJ عام 2024 أن التمارين الرياضية يمكن أن تكون علاجاً فعالاً للاكتئاب، حيث تبين أن المشي أو الركض، واليوغا، وتدريبات القوة أكثر فعالية من غيرها، خاصة عند ممارستها بكثافة. لهذا السبب، غالباً ما يجمع الأطباء النفسيون بين الأدوية واستراتيجيات أخرى مثل التمارين.

9 – ماذا عن مشاكل التوقف عن مضادات الاكتئاب؟

أجرى الدكتور جيمس ديفيز، وهو معالج نفسي وباحث، قبل ست سنوات مراجعة منهجية حول معدلات أعراض الانسحاب، ووجد أن ما يصل إلى %25 من الأشخاص الذين يتناولون مضادات الاكتئاب يعانون أعراض انسحاب شديدة. وتشير الكلية الملكية للأطباء النفسيين إلى أن ما بين الثلث والنصف ممن يتناولون مضادات الاكتئاب سيعانون من هذه الأعراض بدرجات متفاوتة، لكن لا يمكن التنبؤ مسبقاً بمن سيصاب بها.

10 – كيف نميز بين أعراض الانسحاب وانتكاسة الاكتئاب أو القلق؟

الأمر ليس سهلاً، لأن الاكتئاب والقلق قد يكونان حالتين مزمنتين ومتكررتين. ولكن وفقاً للكلية الملكية للأطباء النفسيين، هناك بعض العلامات التي تساعد في التفريق بين الحالتين، مثل:

1 – توقيت الأعراض: تبدأ أعراض الانسحاب عادةً بعد أيام أو أسابيع قليلة من خفض الجرعة، بينما تستغرق عودة الاكتئاب أو القلق وقتاً أطول.

2 – نوع الأعراض: بعض أعراض الانسحاب، مثل «الزابات» (الشعور بصدمة كهربائية في الذراعين أو الساقين أو الرأس)، لا تحدث مع القلق أو الاكتئاب.

3 – تحسن الأعراض بعد استئناف الدواء: إذا تحسنت الأعراض فوراً بعد إعادة تناول الدواء، فمن المرجح أنها كانت بسبب الانسحاب وليس بسبب انتكاسة المرض نفسه.

11 – ما الطريقة الآمنة للتوقف؟

الدعم الطبي ضروري أثناء التوقف عن مضادات الاكتئاب، ويجب اتخاذ جميع القرارات بالتشاور مع الطبيب. ولا قاعدة ثابتة حول مدى سرعة التوقف، حيث يعتمد الأمر على مدة استخدام الدواء، وينصح بما يلي:

  • إذا ظهرت أعراض الانسحاب، توصي الكلية الملكية للأطباء النفسيين بخفض الجرعة ببطء شديد، بحوالي %10 من الجرعة الأخيرة كل شهر.
  • يجب أن تصبح تخفيضات الجرعة تدريجية حتى الاقتراب من الصفر.
  • من الأفضل استخدام التركيبات السائلة من الدواء، حيث يمكن التحكم في الجرعة بشكل أدق.