طارق سعد يكتب: البُعد الثالث في محنة ياسمين عبد العزيز


لا تعتبر “ياسمين عبد العزيز” مجرد ممثلة في طابور نجمات التمثيل ولا يصلح مقارنتها بأحد سواء في القدرات التمثيلية أو نجاحات الأعمال فـ “ياسمين” تعتبر حالة خاصة جداً .. حالة تملك حصانة ليست من التقييم ولكن في وجودها داخل قلوب جماهير جيلها فهي من تصلح أن تحمل لقب “نجمة الجيل” الحقيقية.

“نجمة الجيل” من بدأ معها جيلها منذ بدايات وجود الشاشة المتطورة فظهرت فتاة الإعلانات الصغيرة الشقية في بدايات عالم الإعلان الحديث منتصف الثمانينات لتحصد جماهيرية جارفة غير مسبوقة وحملت صفحات المجلات الفنية صورها لتخرج وتتصدر أغلفتها وتبقى حديث كل البيوت المصرية وتصبح فرد رئيسي منها للدرجة التي دفعتهم لانتظار إعلاناتها التي سيطرت بها على معظم السوق الإعلاني وانتشرت معروفة بالاسم في وقت وزمن مختلف تماماً في كل شيء يحمل فيه التليفزيون قناتين فقط والثالثة تتجمع موجاتها بصعوبة .. زمن خالٍ من كل التطور الذي نعيشه بلا أقمار صناعية ولا محطات فضائية ولا دش ولا ريسيفر ولا إنترنت ولا محمول … فقط تليفزيون يصاحبه إيريال معدني خارجي ويؤنسه تليفون أرضي بقرص دوار.

“ياسمين عبد العزيز” التي صنعت نجوميتها في زمن بلا مشاهدات ولا تريندات ولا لجان إلكترونية بمجرد إعلان 30 ثانية وأصبحت معشوقة الكبار قبل الصغار وكبر معها جيلها يقفز السنوات وراء الأخرى وهو يشاهد نجمته تنتقل من الإعلان للتمثيل وتحقق نجاحات مختلفة في الدراما والسينما كتبت بها حكاية جيل ارتبط بها وبصورتها واسمها حتى وإن أخفقت في بعض الأعمال أو تراجعت قليلاً وهو وارد كقدر فني تظل “ياسمين” ثابتة متربعة في قلب جمهورها تحافظ على مكانها به وينتظر منها الأفضل بعدما تعلق بها أيضاً جيل جديد منهم لتتأكد أنها تخطت فكرة النجومية وتحولت لحالة خاصة جداً.

الحقيقة أن مكانة “ياسمين عبد العزيز” هذه هي من دفعت الجمهور لأن ينتفض فور سماعه بأزمتها الصحية وتعرض حياتها للخطر بسبب مضاعفات تلك الأزمة .. انتفاضة جاءت من خفقان القلب على نجمة لا تعرف غير الابتسامة وتخصصت في تصديرها .. يدعو لها بكل لهفة وخطفة .. يتابع ويبحث عن تطورات حالتها ثانية بثانية .. كسرت كل الحواجز فيشعر أنها فرد من أسرته أو عائلته ينتظر الاطمئنان عليه بفارغ الصبر .. يتعاطف مع زوجها “أحمد العوضي” في هذه المحنة ويشفق عليه منها ويحمل هم حزنه ويقدر حبه الجارف لها فهو من كان أحد أهم جمهور جيلها منذ بدايتها وحقق له القدر حلمه لينتقل إلى خانة الزوج لتظل “ياسمين” حالة خاصة في كل تفاصيلها.

محنة “ياسمين عبد العزيز” كشفت جماهيريتها الحقيقة .. ثقلها الحقيقي ووضعها عند جمهورها الذي وقف لها كحائط صد أمام الهجمات الشرسة التي تعرضت لها بدافع انتقامي نابع من “كيد نسا” .. حائط صد تحطمت أمامه كل التجاوزات والإشاعات والهجمات الخبيثة .. حائط خرجت منه أسلحته ليحارب عن “ياسمين” ويصد كل الهجمات المعادية ويسقط أصحابها صرعى ليبقى هذا هو البُعد الأول في محنة “ياسمين عبد العزيز”.

البُعد الثاني هو فضيحة بكل المقاييس بعدما سمح بعض الأطباء لأنفسهم بخيانة القسم وكشف أدق أسرار حالة “ياسمين” على الملأ دون أي احترام لخصوصية المريضة لا مهنياً ولا إنسانياً وكأنهم قاموا بتعريتها ليتركوها فريسة ينهش فيها القاصي والداني ومرتعاً للإشاعات بعدما تسابق هؤلاء الأطباء لركوب “تريند” نجمة صاحبة شعبية يضمن لهم تواجد أسمائهم تحت الضوء وعمل دعاية مجانية فمنهم من قفز على مقعد المصدر ليوزع من تفاصيل الحالة على الصحافة سواء بمعلومات صحيحة أو “متحبشة” ومنهم من تفرغ للكتابة عبر صفحات التواصل ليشرح ويخوض بلا مبرر ولا إذن كتابي من المريضة للخوض في حرمة أدق تفاصيلها الأنثوية على مرأى ومسمع الجميع وهو ما يستدعي تدخل فوري وحاسم من نقابة الأطباء للسيطرة على هذه المهزلة ومعاقبة كل المتجاوزين بإفشاء أسرار مرضاهم والخوض في تفاصيلهم الصحية بلا صفة.

أما البُعد الثالث في محنة “ياسمين عبد العزيز” هو سقوط غريمتها وأتباعها بالضربة القاضية أمام أزمة “ياسمين” الصحية التي خصمت من رصيد الغريمة لدى الجمهور والنقاد وكل المتابعين حتى النفاذ فكل هذا العداء غير المبرر والهجوم الشرس الذي تعرضت له “ياسمين” قبل أزمتها الصحية وصل حتى إطلاق شائعات بتعذيب خادمة هو حرب غير مفهومة يُستخدم فيها أقذر أنواع الأسلحة المحرمة إنسانياً.

لم تنتبه الغريمة ومحرضتها للبُعد الإنساني ولا الديني ولا حتى الذكاء الاجتماعي فكان التجاهل التام لأزمة “ياسمين” وهي نجمة الجيل رغم اهتمام رئيس الجمهورية بنفسه بحالتها الصحية وتكليف فريق طبي خاص لها فلم يكن هناك احتراماً لهذا الظرف بقدر قليل من الذكاء تحافظ به على التواجد وتكسب به نقاط حتى ولو على حساب أزمة “ياسمين” بالدعاء لها في هذه المحنة فتظهر بمظهر راقي أمام الجماهير الغفيرة وتطفئ النيران المشتعلة بلا مبرر إلا أنها فضلت استكمال طريقها الضال وتغلبت فيها الغيرة والكيد على المشاعر الإنسانية لتخسر آخر ما تبقى لها عند الجمهور.

الأغرب والأدهش في هذا البُعد من محنة “ياسمين” هو موقف زوجها السابق والد أبنائها الذي تجاهل حتى الإشارة لما تمر به أم أبناءه دون مراعاة لمشاعر الأبناء وهو ما يُفسر بمحاباته لزوجته الجديدة على حساب كل الحسابات الأخرى لينكشف الجميع أمام الجميع.

ربما مرت “ياسمين عبد العزيز” بمحنة حقيقية كادت أن تفقد فيها حياتها إلا أن الأكيد أنه كان انتصار القدر لـ “ياسمين” بمنحة حقيقية تبدأ بها حياة جديدة.