هناك أنواع من الفنانين يبذلون جهداً كبيراً حتى يصلوا إلى الجمهور بين محاولات للفت النظر واختلاق حكايات ليظلوا فى الصورة ويلهث ورائهم جمهورهم ومؤخراً مع التطور التكنولوجي أصبح هؤلاء يجندون جيوشاً إلكترونية لتسويقهم والـ “زن” بالتواجد المستمر وللأسف هناك الكثير منهم لا يتخطى الحملة الدعائية التي يستنفذ طاقته فيها وبمجرد التوقف يلتف الجمهور حول غيره فيصبح بلا تأثير.
وهناك نوع مميز من الفنانين صنعوا تواجدهم بالجهد والعمل والنجاحات المتتالية وتغيير جلدهم الفني بين عمل والآخر إضافة إلى صفاء قلوبهم ونقائها فيتحولوا لنجوم فى فترة قصيرة وعنصر رئيسي من الإبهار فى أي عمل يشاركون فيه ويجتذبوا الجمهور تلقائياً دون أي مجهود أو خطط مسبقة ويصيبون محبتهم فى سويداء القلب فيلاقوا احتفاءً كبيراً وصاخباً مع كل عمل يعرض لهم.
“روجينا” استطاعت وبكل جدارة أن تحجز مقعدها الدائم فى صفوف النجوم المميزين حتى استطاعت القفز لصدارتها بكل ثقة واقتدار وبمنتهى السلاسة أيضاً دون أن تبذل مجهوداً فى ذلك .. فقط تقدم لك فى كل طلة ما يجبرك على احترامها ومتابعتها بشغف وتشعر بانبهار وكأنك فى كل مرة تراها لأول مرة حتى استطاعت من خلال مشاركتها فى مسلسل “البرنس” أن تصبح فجأة “حديث المدينة”.
“فدوى” التى تصول وتجول فى مسلسل “البرنس” تجعلك تفرك عينيك أكثر من مرة متفاجئاً لتتأكد أن من تشاهدها وتراها هي فعلاً “روجينا” فما وصلت إليه بأدائها فى هذه الشخصية تحديداً فاق كل التوقعات لتجد نفسك من فرط الإعجاب والاندهاش تتساءل .. “معقول .. دي روجينا؟” فتجد الرد بلسانها .. “هي يا عمري”.
فجأة ودون مقدمات أصبحت “فدوى” أسلوب حياة ومقولاتها تتناقل على الألسنة وانتشرت انتشاراً غطى على انتشار فيروس “كورونا” فمستحيل تتصفح فى السوشيال ميديا دون أن تقابل مشاهدها وصورها و”كوميكس” على أحداث مختلفة بطريقة وأداء “فدوى”.
النجاح الساحق لشخصية “فدوى” التى قدمتها “روجينا” فى مسلسل “البرنس” يضعك أمام نجمة من العيار الثقيل ربما لا تعلن عن نفسها وربما لا تلتفت هى نفسها لنفسها ولكن الواقع أنك تواجه “مشخصاتية” محنكة بدرجة “صنايعية تمثيل” فالتفاصيل التى عملت عليها “روجينا” من حركات الجسد ونقلات طبقات الصوت إضافة إلى أخطر وأهم تفصيلة وهى تقلبات تعبيرات العين وهي الأصعب والأجدد على الإطلاق ففى جزء من الثانية تجد عيون “فدوى” تغيرت بتعبير جديد حسب نغمة الحوار وإحساس اللحظة وهو ما يجب أن تتوقف عنده وتدرسه جيدا … ماذا تفعل “روجينا” هذه المرة ومن أين أتت بكل هذا الجبروت الفني المرعب وكأنك أمام “شغل عفاريت”.
“فدوى” ختمت وبصمت أن مارد “روجينا” خرج من الـ “قمقم” منطلقاً بلا سيطرة ولن يعود له مرة أخرى بعدما انطلق أول مرة فى مسلسل “حكايات زوج معاصر” مع النجم “أشرف عبد الباقي” فى بداية الألفينات وقدمت فيه مجموعة مختلفة من الشخصيات على مدار الحلقات التى شاركت فى بطولتها لتنطلق بعدها بشكل جديد ومختلف على مدار كل هذه السنوات تقدم أفضل ما عندها وتثقل الأعمال التى تشارك بها حتى أصبحت “وتد” وهو ما ظهر واضحاً فى مسلسل “الطوفان” ثم “البرنس” ففى كل مرة تطل عليك “روجينا” تجدها مختلفة وتراها من جديد وكأن فى كل شخصية تؤديها تحضر “عفريتاً” جديداً لا يمت لـ “روجينا” بصلة تبهر وتسرق الأضواء ثم تعود لتفوق من تأثيرها بعد انتهاء العمل لتجد نفسك أمام نجمة محترفة يكملها المخرج الواعي الذى يرى جوانب كثيرة لم تظهر بعد ويستنفرها ويخرج عفاريتها “تتنطط على الشاشة” تسحر وتسيطر وتضع “روجينا” فى منطقة منفردة تحمل اسمها بشكل حصري.
رغم كل هذه العفاريت الفنية التى تحضرها “روجينا” وتبهر بها المشاهد بجبروتها إلا أنك عندما تقترب منها وتعرفها تجد نفسك أمام “قطة سيامي” رقيقة خجولة بسيطة و”جدعة” لتضرب كفاً على كف مندهشاً من هذا التلون والتحول على الشاشة حتى وصلت لتقديم الشر والإجرام أيضاً لتتأكد أنك بالفعل أمام “مشخصاتية من بتوع زمان” شغلها الشاغل الفن دون البحث عن “دوشة” حولها مخلصة فى عملها وتفاصيله لا تعرف إلا النجاح بالعلامة الكاملة ولا تبحث عن “سوكسيه” زائف وزائل .. فقط تبحث عن الجودة وهو ما يجبرك مع كل عمل على الوقوف لها احتراماً.
قطار “روجينا” قطع محطات طويلة حتى وصل لأعتاب محطة البطولة وهى ما تستحقها “روجينا” عن جدارة وتملك كل مقوماتها وتستحق أيضاً أن يكتب لها أعمال خاصة بمواصفات خاصة مؤكد ستكون مضمونة النجاح شرط الاهتمام بصناعتها بشكل احترافي يحافظ على الحالة “الروجينية” التى تكونت ونضجت نتاج خبرات متنوعة وشخصية مستقلة ليست لها شبيهة.
“روجينا” علامة مضيئة من علامات الدراما ننتظر أن تزيد إضاءتها فى المكان الذى تستحقه ويستحقها فى مساحات جديدة بـ شنطة شخصيات جديدة من “عفاريت روجينا”.