عفريت محمد رمضان!


بقلم – طارق سعد

( 1000 قضية و1000 رزية تجينى يوماتى … من احبابى ومن اصحابى واللى جابونى … ليه عشان إيه … أصلى مؤدب … ييجى واحد يستفرد بيا مغرور فاهم نفسه خفيف .. وعليه دم بيلطش 100 وينكت وأسمع يا لطيف … ليه عشان إيه .. أصلى مؤدب )

إنه الـ”كول تون” القادم من العالم الآخر بصوت ثلاثى الأبعاد للـ “الأسطورة” الذى صنع الكوميديا لتعيش عبر الأزمنة سارية المفعول بضحكات طازجة دائماً  .

“إسماعيل يس” من أحد منولوجاته “أصلى مؤدب” من أصل مجمل أعمال يثبت بها أن النجم  الحقيقى يرحل بجسده فقط ولكنه يظل متواجداً بأعماله التى تستحق المشاهدة بنفس المتعة لـ 100 عام أخرى.

النجومية الحقيقية ليس بقيمة الأجر ولا الإيرادات ولا “الدوشة والهيصة” .. النجومية الحقيقية مسئولية فنية وشخصية للأسف لا يعيها معظم من يسبقهم لقب “النجم” الآن فإيقاع الحياة السريع ونشوة النجومية والإحساس الزائد بالذات جعلهم يسقطون فى الفخ ولا ينتبهون لما سيتركونه للأجيال القادمة وما ستحتفظ به ذاكرة الفن بأسمائهم بل انساقوا وراء التركيز على حفر لقب “النجم” أولاً وأخيراً لمضاعفة أجورهم وتضخيم إيراداتهم وعمل “شوو” مستمر لإثبات جدارتهم بتلك النجومية وأنهم خطفوا القمة ممن سبقوهم فتنزلق أرجلهم فى حُفَر عميقة تأخذ من مجهودهم الكثير للخروج منها.

على رأس هؤلاء “محمد رمضان” الذى حققاً نجاحاً كبيراً لم يكن يحلم به أو يتخيله وفى وقت قصير استطاع أن يضع نفسه فى الصفوف الأولى مع الكبار وعلى مايبدو أنه لم يشعر بالراحة المُشبِعة فقرر أن يقوم بعملية “مونتاج” لتلك الصفوف كاملة بكل من حوله ليترك مقعداً واحداً فقط يراه باسم “محمد رمضان”!

 

إنه “عفريت محمد رمضان” الذى التبسه منذ أن سبق اسمه لقب “النجم” فقرر أن يؤرقه ويريه الدنيا بشكل مختلف كى لا يهنأ بهذا النجاح وأعطاه لقب “الأسطورة” حتى لا يرى أحد من حوله فأصبح يرى فقط وجوده على القمة التى ليس بها إلا مكاناً واحداً يليق به وحده وأنه السابق لكل السابقون واللاحق لكل اللاحقون فرغم حداثة عهده الفنى الذى لم يكمل عدد أصابع اليدين إلا أن هذا الـ “عفريت” جعل منه إله التمثيل عند الفراعنة والإغريق البطالمة والرومان وبلاد الواء الواء!

 

لم ينتبه “رمضان” لهذا الـ “عفريت” وأفعاله بل ترك نفسه فريسه له ليزداد نفوذه مع كل خطوة يخطوها “رمضان” فيخرج بأفعال أو تصريحات غير مبررة تثير الجمهور ضده وتخصم من رصيده لديهم ليعود ويحاول إصلاح ما أفسده وهو ما تحمله الجمهور مرات عديدة واضعاً العديد من المبررات أهمها عدم الخبرة ونشوة النجاح والنجومية ولكن بعد كل مرة يمررها الجمهور لـ”رمضان” يعود مرة أخرى ليصدمهم حتى ضاقت صدورهم من تلك الصدمات المتتالية ومازال “رمضان” يبرر ويعتذر .

عادة لا يتحمل الجمهور التطاول على نجومه المفضلين خاصة الكبار ومن أصبحوا رموزاً فهو دائماً يميل لتقديرهم ولا يقبل الانتقاص منهم ويقف بشراسة لمن يفعلها وللأسف فعلها “رمضان” وهذه المرة معقدة جداً فقد فاق الجمهور فى نهار ليجد هجومه على “الأسطورة” الكوميدية “إسماعيل يس” ووصفه بأن أفلامه تسئ للجيش المصرى ….

ياخبر !!! “سمعة”!! وبيسئ للجيش المصرى!!! … يا دهوتى #”بصوت سمعة”!!

نجم من المفترض أنه فنان أكاديمى ويملك قدراً كافيًا من الثقافة الفنية المتعلقة برموز الفن وتاريخهم لا ينتبه للدور الذى قدمه “إسماعيل يس” فى تلك الفترة ولا يملك معلومة أن أفلام “إسماعيل يس” فى الجيش كانت بتوجيه من الدولة لزيادة شعبية الجيش وإظهاره كجزء من الشعب ببسطائه بعدما وجدت نجومية “سمعة” تخطت المصرية وأصبحت عربية بل وقدمت رئاسة الوزراء فى عام 56 خطاب شكر صادر من مكتب الرئيس لـ “سمعة” ومعه الكاتب “أبوالسعود الإبيارى” لتقديمهما مبلغ 2000 جنيه و750 مليم مساهمة منهما فى تسليح الجيش المصرى وهو مايعادل الآن ما يزيد عن ربع مليون جنيه.

 

وإن غابت الثقافة الفنية فلا يجب أن تغيب “البديهية” فكيف يقدم فناناً سلسلة أفلام فى الجيش المصرى مسيئة له فى دولة رئيسها رجل عسكرى قام بثورة وأصبح رجل الجيش الأول بل وزعيماً مصرياً وعربياً مناطحاً لزعماء العالم وفى فترة كانت تشتهر بمراكز القوى فيقدم هذا الفنان أعماله فى صمت من رجال الدولة برئيسها وجيشها دون حرف اعتراض واحد فى انتظار من يأتى بعد أكثر من نصف قرن ليدلو بدلوه ويقرر بحسب رؤيته أن يعترض على الإساءة للجيش بتلك الأفلام … اى عقل ومنطق يستوعب هذه المهاترات الجوفاء؟!

 

محاولة “محمد رمضان” للاعتذار هذه المرة لم تكن مجدية فقد خرج على جمهوره فى مشهد سخيف بمظهر اللا عالم بتاريخ فنه بسبب قلة خبرته وفى محاولة للهروب من رد الفعل لهذه السقطة ألصقها بمن اختار عنوان الحوار الذى أجراه وتناسى محتوى الحوار فى الجزء الذى يخص “إسماعيل يس” والذى يعتبر عنوانه أرحم بكثير من كارثة الحوار نفسه فى مشهد عبثى لا يصدر من فنان وضع نفسه كنجم أول .

 

هذه السقطة التى ورط “رمضان” نفسه فيها جعلت الجمهور يقرأ كلامه عن “إسماعيل يس” والجيش مستفَزاً وهو يتسائل ما هو الإنجاز الذى قدمه “رمضان” بتأديته الخدمة العسكرية التى يؤديها مثله آلاف وآلاف الشباب سنوياً ليطل علينا يتحدث وكأنه أحد القادة العسكريين مثلاً فى حين أن القادة الحقيقيين يشاهدون أفلام “سمعة” مئات المرات مستمتعين بضحكاتهم الصافية … فهل ترك “رمضان” الفن وضحى بالملايين ليهب نفسه للجيش ويضعها تحت تصرفه مثلاً؟!

 

المضحك المبكى أن  يذكر “رمضان” فى نفس الحوار فى أنه كان يفكر فى التأخر فى التقدم لتأدية الخدمة العسكرية حتى يتم سن الإعفاء القانونى الذى يخرجه من دائرة التجنيد بغرامة مالية بناءاً على اقتراح بعض المحيطين لولا أن والدته أيقظت ضميره الوطنى وأوضحت له أنه مستقبلاً لن يستطيع التحدث فى أمور وطنية وهو لم يؤدِ خدمته العسكرية بالتحايل!

“عفريت محمد رمضان” الذى يسكنه ويرفض أية مزاحمة “أسطورية” لصاحبه وضعه فى مرمى الهدف كعادته وأصبح فى مواجهة الجميع بمفرده يعتذر ويبرر ويبرر ويعتذر أمام موجة غضب عارمة ترد غيبة نجم عاش ورحل معشوقاً للصغار قبل الكبار فكان سؤال الجمهور ببراءة عن حجم تاريخ “رمضان” الفنى أمام تاريخ “سمعة” وما قدمه من نوعية أعمال لتشاهدها الأجيال القادمة مستقبلاً كما نشاهد اليوم أفلام “سمعة” التى تخطت النصف قرن بسنوات عديدة!

هذا المأزق الذى وقع فيه “رمضان” بنفسه يجبره على وقفة مع النفس يراجعها مراجعة قاسية ويشكر الله على نجاحه وهبة حب الجمهور له ويحافظ على هذه الهدايا الربانية التى يختص بها أشخاصاً يختارهم لحكمة تخصه ولا يفرط فيها حتى لا تصيبه لعنتها وهو ما بدأ يظهر فى تواضع إيرادات أفلامه الأخيرة رغم طرحها فى مواسم العيد بعدما كان يتصدر شباك التذاكر لوجوده منفرداً دون منافسة حقيقية والآن وبعد عودة كبار النجوم أصبحت المنافسة شرسة وتحتاج تركيزاً أكبر ليقدم نوعية أعمال مختلفة تساعده على الاستمرار مع الكبار بدلاً من اختلاق العداوات يوماً وراء الآخر حتى انتقلت مؤخراً من الجمهور إلى المنتجين والقنوات الفضائية بسبب تعدد تعاقداته مع أكثر من جهة وتضاربها ليدفعوا ثمن تضخيمهم لبورصة أجور الفنانين بلا معايير أو مقاييس.

على “محمد رمضان” أن يعيد حساباته وينظر لمكانته التى يريدها مستقبلاً وكيف ستتحدث عنه وتقيمه الأجيال القادمة إذا أراد حقاً أن يصبح جزءاً من تاريخ هذا الفن ويدرك أن أمامه سنوات عمل طويلة تعطيه من خبرتها الحق فى التقييم والتنظير ولا يكتفى بنبرة التعالى وجملته الشهيرة “اللى هيركز معايا هيتعب” بل الأولى أن يركز هو مع نفسه حتى يوفر على جمهوره مجهود التركيز معه إلا فى أعماله الفنية فقط.

الحقيقة قد يكون لـ”رمضان” جوانب شخصية رائعة كحبه للأعمال الخيرية والمساعدة إلا أنه يجب أن ينتبه إلى تصرفاته الصادمة كل فترة والـ”شوو” المصاحب لها والتى قد تُفقد مصداقيته لدى الجمهور ولن يجدى تكوين “لوبى” صحفى وإعلامى للدفاع وتجميل الصورة لأن هذا الجمهور أصبح واعياً ورده سيكون فى الملعب “دور العرض بشباك التذاكر”.

على “محمد رمضان” أن يتخلص من هذا “العفريت” الذى أصبح مسيطراً عليه بكل قوته قبل أن يفتك به.

إنه “عفريت محمد رمضان” الذى يؤرقه دائماً ويحرمه من بناء تاريخ فنى حقيقى يفتخر به أبنائه وأحفاده بعد عمر طويل والذى أصبح أشد خطراً عليه من أعدائه …..  فمن يصرفه؟

 

إن الآراء الواردة في هذه المقالة تمثل رأي صاحب المقالة ولا تعكس بالضرورة رأي موقع بيروتكم .