طارق سعد يكتب: جرائم ياسمين عبد العزيز


طارق سعد يكتب: جرائم ياسمين عبد العزيز

 

 

“البت بتاعة الجيلي كولا” .. كانت هذه الجملة ملاصقة للبنت الشقية التي ظهرت أواخر الثمانينات في عدد من الإعلانات أشهرهم كان إعلان منتج “جيلي كولا” الذي خطف أنظار المشاهدين ومع تكراره تعلقوا بها كباراً قبل صغاراً بسبب حركاتها وأدائها الشقي في الإعلان بجانب أغنيته التي اجتذبت المشاهدين خاصة أن تلك الفترة كانت الإعلانات محدودة وليست بالغزارة الموجودة الآن فكان من السهل أن تظهر وتلمع وينتظر أيضاً الجمهور إعلانها ويظل الإعلان عالقاً في الأذهان ما يقرب من 30 سنة وأكثر حياً بين هذا الجيل الذي مازال يتحدث عنه ويتداوله ويغني أغنيته حتى هذه اللحظة.

 

لم يعرف الجمهور اسم البنت الشقية بطلة الإعلان .. فقط خفة ظلها وشقاوتها وإعلاناتها المتعاقبة التي جعلتها بطلة إعلانات تلك الفترة بعد تهافت المعلنين عليها لنجاحها الساحق وجماهيريتها الغفيرة التي جعلت المشاهد يترقب جديدها ويبحث عنها ويتشوق لمعرفتها في وقت كان ذلك صعباً جداً لانعدام التطور التكنولوجي الموجود الآن والذي يتيح لك بضغطة زر أن تأتي بتاريخ من تريد وتتعرف على كل تفاصيله .. ظل الجمهور يتابع ويترقب حتى انتقلت للمرحلة التالية فكانت الإعلانات “كوبري” للتمثيل عبره قبلها كثيرات أشهرهن “نيرمين الفقي و جيهان نصر” وحققتا في هذا الوقت نجاحات وجماهيرية كبيرة وأصبحتا على رأس البطولة لأعمال فنية عديدة حتى الأطفال انطلقت منهم الطفلة “شيري” لتصبح الآن النجمة “شيري عادل” فيفاجأ الجمهور ببطلته الشقية مع النجمة الكبيرة “سميرة أحمد” في مسلسلها “امرأة من زمن الحب”  في أول تعارف رسمي مع “البت بتاعة الجيلي كولا – ياسمين عبد العزيز”.

 

حققت “ياسمين عبد العزيز” في هذا المسلسل أول نجاح رسمي لها باسمها وبنفس أدائها الذي أحبه الجمهور وبخفة ظلها وهو ما لم يكن متوافراً وقتها خاصة أنها في سن صغير فتعلق بها جيل بأكمله رأي أن “دمها خفيف” وبدأ المنتجون يفتحون لها أبوابهم للاستفادة من هذا النجاح المختلف الذي تقدمه “ياسمين” فتركت الإعلانات وانطلقت للتمثيل وانتقلت بين الدراما والسينما والمسرح ليخدمها في ذلك النقلة الفنية التى صعَّدت من الشباب للصف الأول “هنيدي – السقا – هاني رمزي – منى زكي – كريم عبد العزيز –أحمد حلمي” وغيرهم فكانت الساحة مفتوحة وصُنفت “ياسمين” كممثلة كوميدية وأصبح الجميع يتعامل معها بهذه الصفة وبدأت أعمالها تحمل أيضاً نفس الصفة فعمل لـ “ياسمين عبد العزيز” يعنى أنه عمل كوميدي تنافس به نجوم الكوميديا حتى أصبحت الأعمال تُكتب لها خصيصاً أو كما يقال “بتتفصلَّها” باعتبارها البطلة “الكوميديانة” الأنثى الوحيدة على الساحة وأمام ذلك تم توفير كل السبل المتاحة لتتربع “ياسمين” على قمة الكوميديا النسائية منفردة ليتم صناعة اسم “ياسمين عبد العزيز” حرفياً.

 

أخذت “ياسمين” كل شيء ولم تعطى .. وتدريجياً اكتشف المشاهد أن نظرة “ياسمين” للكوميديا محدودة فقد توقف نبض أدائها بنفس حركاتها وأسلوبها وردود أفعالها “الشويتين اللي بتعملهم” ولم تتطور ولم تقدم أي جديد وكانت نتيجة طبيعية أن يتغير المنحنى من الصعود للهبوط وأصبحت تعاني في كل عمل تقدمه ويشعر المشاهد بهذه المعاناة وهو يعاني معها من محاولاتها الإضحاك بكل الطرق في إطار “الشويتين بتوعها” وانقلب الإضحاك إلى مجرد “زغزغة بالعافية” أرهقت المشاهد وقرر تدريجياً الابتعاد عنها فكانت النتيجة انخفاض إيرادات أفلامها حتى وصلت للعدم في آخر ظهور سينمائي بـ “الأبلة طمطم” وعندما عادت للدراما بعمل من المفترض أنه كوميدي كان البطل أمامها “مصطفى خاطر” أفضل وأمهر أبطال مسرح مصر ليتم العرض في رمضان وفي توقيت مميز كعرض أول وإعادة إلا أن الفشل الذريع فتك بالمسلسل ولم ينجو منه إلا “خاطر” الذي لولا وجوده لانعدم التحميل على إشارة المحطة وقت عرض المسلسل!

 

جريمة كبرى ارتكبتها “ياسمين عبد العزيز” في حق نفسها قبل جمهورها فقد قبلت بالتجمد والاستسهال لسنوات طويلة وبدلاً من تطوير أدائها ومراجعة أخطائها والتعلم منها إلا أنها ألبست نجوميتها “الاستظراف” كـ “حزام ناسف” انفجر بها قبل أن تصل لهدفها وجعل من تلك النجومية مجرد أشلاء مبعثرة هنا وهناك ما يربط بينها فقط اسم “ياسمين عبد العزيز”.

 

الغريب أن “ياسمين” بدلاً من أن تتستر على جريمتها قررت ارتكاب جريمة أخرى أكبر وهي التعالي فكان ذلك من نصيب أهل الصحافة والبرامج الفنية  الذين يقطعون المسافات لتغطية عملها والاحتفال به ليس عن اقتناع ولكن كنوع من واجب العمل إلا أن “ياسمين” كانت تقابل ذلك بكل “جليطة” وعدم احترام للكاميرات الموجودة في المكان خاصة في مسلسلها الأخير “هربانة منها” الذي أثبت بالفعل أنها “هربانة منها” بعدما تسببت بسوء معاملتها الغير مبرر لمن جاءوا للترويج لها أن يتخذوا قرارهم باعتزالها تماماً هي وأعمالها لتخسر “ياسمين” ظهيراً قوياً وهو همزة الوصل الرئيسية بينها وبين جمهورها الذي أصبح لا يستطيع تقبل فشل أعمال أخرى لها وأحجم عن الإقبال عليها بعدما فقد الثقة في نجمته التى دفعت الجميع يسأل في حيرة عن سبب “التناكة” والأسلوب المتعجرف في جملة واحدة عميقة وناجزة … “بأمارة إيه”؟!

 

الخسائر التي حققتها “ياسمين عبد العزيز” بالجملة على المستوى الفني والإعلامي والجماهيري جعل الجميع لا يتعاطف معها في خبر طلاقها من زوجها رجل الأعمال الشهير بعد زواج دام 17 سنة أثمر عن بنت وولد خاصة أنه تردد أن الطلاق بسبب زميلة لها في نفس الطول تقريباً وتردد أيضاً أن زواجاً سرياً تم دون علم “ياسمين” فلم يشاركها أحد الموقف بل تم تحميلها الذنب والتأكيد على عدم أحقيتها في هذا الغضب بعد تذكيرها أنها أيضاً تزوجت نفس الشخص كزوجة ثانية رغم أن له أولاد إلا أنها ارتضت بهذا الوضع ليدور الهمس أنها كان يجب أن تتوقع وهي الثانية أن تصبح يوماً ما ثالثة ولا يجب عليها اللوم على زميلتها واعتبار ما فعلته جريمة لأنها أتت بنفس الجُرم سابقاً.

 

الحقيقة أن “ياسمين عبد العزيز” الآن تقف وحيدة في مفترق الطرق وأصبحت في موقف لا تحسد عليه يلزمها بوقفة حاسمة مع نفسها ومراجعة جرائمها التي ارتكبتها في حق نفسها وجمهورها ومحبيها وإصلاح ما أفسدته منتبهة لتعيد الثقة بها وتسترد المكانة التي وضعها بها جمهورها وإلا سيكون القادم أسوأ بكثير لن تتحمله وهي في صفوف المشاهدين متبقي منها فقط … الـ “جيلي كولا”.