ملف النفط على طاولة “ضروري نحكي”


لبنان يدخل نادي الدول النفطية، حلمٌ بات حقيقة، فماذا يعني بدء التنقيب عن النفط والغاز في المياه الاقليمية اللبنانية، ما هي الفائدة المالية والانعكاسات القريبة والبعيدة على الاقتصاد اللبناني المهترئ؟ ضروري نحكي فتح في حلقة هذا الأسبوع ملف القطاع المُستجِد والطرق الأكثر أماناً لمقاربة تشعباته، مع رئيس هيئة قطاع النفط وليد نصر، الخبير بصناعة النفط ربيع ياغي، والنائب سليم عون، وتطرّق للحديث عن فرص العمل التي سيؤمنها هذا القطاع، تأثير التجاذبات السياسية والإقليمية عليه، وضرورة تغليب المصلحة العامة لتصل بنا بواخر التنقيب الى برّ الامان المالي والاقتصادية.

مقدمة ضروري نحكي
استهلّت الإعلامية داليا داغر برنامجها بالقول: “بعد تسييس الفن والألوان والعلاقات الاجتماعية والشهادة وغيره وغيره ها نحن في أسبوع واحد نُسيس النفط و… المرض. فبدل أن يكون الحفر لاستخراج ثروتنا النفطية موضع تقدير جماعيّ، خرجت الأصوات الغريبة لتحاول التنغيص على اللبنانيين بفرحتهم، لتبلغ في حقدها وكراهيتها حد التمني أن لا نجد غازاً”.
وأضافت: “وفي الوقت نفسه، سيّس الكورونا، بين من يدعو إلى ترك اللبنانيين حول العالم ليواجهوا مصيبتهم لوحدهم، ومن يؤيد أو يعارض الإجراءات الحكومية في مواجهة المرض تبعاً لتأييده أو معارضته للحكومة. حتى في الملفات العلمية مئة بالمئة باتت العصبيات هي من تحكي وتحكم وتتحكم، على حساب المنطق دائماً. وإذا كان النفط بكل إيجابياته والكورونا بكل مخاطرها قد عجزوا عن جمعنا، فما حال الشهداء الذين اعتادوا على من يستقبل جثامينهم بحب وتقدير لمواجهتهم التكفيريين بشجاعة، ومن يهلل لقاتلهم ويهنئه على ارتكاباته لمجرد أنه يختلف سياسياً مع حزبهم”.
“أما المصلحة الوطنية فيتناساها البعض في ملف، ويستفيق عليها في ملف آخر. علماً أن المرض العابر للحدود كما النفط وقوافل الشهداء أعادوا التذكير باستحالة عزل البلد عما يحصل في العالم. فها نحن عملياً في وسط الخارطة التي لا ينتهون من رسمها حتى يعاودون رسمها مجدداً، من بغداد إلى أدلب، وكل ما بينهما: كيف سترسم الحدود هذه المرة؟ وكيف سيوزع النفوذ؟ وكيف ستكون ردة فعل الخاسرين؟ علماً أن من يشحن اللاجئين ليبتز بهم الأوروبيين عند حدود اليونان، يمكن أن يشحن أدوات أخرى ليبتز بهم آخرين عند حدود السراي الحكومي. وإذا كان السؤال مبهماً عم يريده التركي من تحريك بعض المتظاهرين في بيروت قبل بضعة أسابيع، فإن الجواب اليوم بات واضحاً. ولا بدّ من التذكير هنا أن المعركة طاحنة اليوم بين التركيّ والسوريّ، لكن ثمة معركة إقليمية أكبر بكثير بين التركيّ والقطريّ من جهة، والسعودي والإماراتيّ من جهة أخرى. ولا شكّ أن الحرب السورية – التركية تُسرع من وتيرة التقارب السوري – الخليجي”.
وأكدت داغر في مقدمة ضروري نحكي أن: “عودة الانقسام المحلي على جميع المستويات تزامن مع انكفاء واسع لذوي المطالب الإصلاحية المحقة، فيما خلص وزير الخارجية ناصيف حتي بعد زيارته باريس إلى أن ما من نية لمساعدة لبنان بالمفرّق أو بمبادرة شخصية من هذه الدولة أو تلك، إنما عبر قناة رسمية تتمثل بمجموعة الدعم الدولية للبنان. ولا بدّ بالتالي من ترقب ما تعده حكومة حسان دياب التي يفترض أن تولي اهتماماً أكبر بقلق الرأي العام وحاجته لمعرفة ما يطبخ، خصوصاً على صعيد الخطوات المالية – المصرفية التي من شأنها تهدئة هلع المودعين”.
وختمت: “الأزمة المعيشية والكورونا غطتا على التقدم اللبنانيّ الكبير في ملف التنقيب عن النفط. لكن القرار الذي وقعه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في أول جلسة وزارية في عهده ترجم أخيراً ببدء الحفر، في انتظار مؤشرات إيجابية سيكون لها تداعياتها الإيجابية على الاقتصاد. ومن يرى ما تفعله شركات النفط في قبرص مثلاً يتأكد أن كل ما يروج من سلبيات وتشكيك وغيره وغيره هو مجرد أكاذيب، إذ يكفي أن يتأكد وجود النفط لتبدأ الشركات الاستثمار والتوظيف وغيره”.

رئيس هيئة إدارة قطاع البترول وليد نصر
رئيس هيئة إدارة قطاع البترول وليد نصر أكد في الفقرة الاولى أن الدولة اللبنانية في المرحلة الماضية أنجزت القوانين والمراسيم التطبيقية اللازمة لتحضير الإطار القانوني الكامل لتبدا الشركات بالتنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية، كما قامت بإنجاز الدراسات الجيولوجية اللازمة ووضعتها بأيدي الشركات.
وعن دور الدولة في هذا الإطار قال نصر: “للدولة دور فاعل ويومي في عملية التنقيب، فهناك فريق يراقب العمل وسيقدم تقريراً يومياً للجهات المختصة، أما التخطيط ورخصة الحفر بالأصل كانتا بالاتفاق مع الدولة اللبنانية عبر وزارة الطاقة”.
وأضاف: “لا يمكن تبنّي أي دراسة حول كمية النفط والغاز الموجودة في لبنان، لأن هناك عدة عوامل تلعب دوراً أساسياً في هذا الإطار، مثل كمية النفط والغاز ونوعيته وكلفة إنتاجه من الآن وحتى 30 سنة وفي أي سوق سيتم تصريف هذا الغاز”.
“شركات عديدة لم تتقدم ومن بينها الأميركية بسبب مشاكل تقنية، ومالية نسبةً لوضع البترول منذ الـ2017 ، والبئر الذي بدأت شركة توتال بحفره 1500 متراً، ولا يمكن التكهن بالوقت الذي يحتاجه الحفر، لأننا أمام طبقات جيولوجية مختلفة وكل طبقة تتطلب وقتاً معيناً وأصعبها الطبقة الكلسية الملحية. ونحن نحتاج للحفر 4100 متراً تحت المياه، وخلال شهر يُفترض أن تكتمل المعطيات الأولية، من بعدها نحن بحاجة لشهرين لتحليل المعطيات الجيولوجية وإن كانت المعطيات إيجابية على الأغلب أن تقترح توتال حفر آبار أخرى في البلوك الرابع وهذا رهن مقارنة الكلفة مع الكميات المستخرجة أيضاً”.
وفي حال كان لدينا بنى تحتية جاهزة للتصدير مثل بُنى مصر، فتصدير الغاز سيكون أسهل وأسرع في حال كانت المعطيات إيجابية، أما إذا كانت البنى التحتية غير مجهزة فهذا سيأخذ مزيداً من الوقت.
وفي ما يخص اليد العاملة أشار نصر إلى أن القطاع النفطي يمنح الأولوية بنسبة 80 % لليد العاملة الوطنية، واليوم هناك قاعدة لوجستية في مرفأ بيروت في أول عملية استكشاف أبطالها لبنانيون، وهذا أمر ملفت نسبةً لدولة لا تاريخ نفطي لها. لافتاً إلى أنه في حال كان هناك استكشافاً وحفر المزيد من الآبار سنكون أمام فرص عمل كبيرة في هذا القطاع.

النائب سليم عون
وبدوره عضو تكتل لبنان القوي النائب سليم عون أكد أن الشق الأكبر من قطاع النفط هو سياسي “ولا أقلّل هنا من شأن الشق التقني لكن الحروب في العالم قائمة على سياسات الدول القائمة بدورها على سياسة المصالح التي هي الثروات”.
وأضاف: “النفط موجود منذ وجود لبنان، لكن نعم يمكننا القول أن الرئيس القوي جداً كان مساهماً أساسياً في إبصاره النور لأن هذا الملف (ما كان حدا يسترجي يفتحه)، والرئيس ميشال عون كان مصراً منذ أن استلم التيار الوطني الحر وزراة الطاقة ليصل هذا الملف إلى خواتيمه، بينما الوزارات السابقة كانت تمتنع عن فتح الملف بناءاً لأوامر وإملاءات خارجية، وفي أول جلسة بعهد الرئيس ميشال عون وُضعت مراسيم النفط على طاولة مجلس الوزراء”.
أما تنوع الشركات فرأى فيه عون أنه “حمايةً لثروتنا ولنفطنا، وهناك دورة تراخيص ثانية تمدّدت حتى آخر نيسان، واليوم يعمل المعنيون في اتصالاتهم ومقابلاتهم على تنويع الشركات في دورة التراخيص المقبلة”.
وشدد على أنه “عندما نتحدث عن دور فخامة الرئيس الأساسي في هذا الملف لا ننكر دور رئيس مجلس النواب نبيه بري الأساسي أيضاً، فنحن في خندق واحد في مواجهة الإملاءات الخارجية والمحافظة على هذه الثروة لأجيالنا القادمة، وفقرنا ووجعنا يجب ألا يكون سبباً للتخلي عن حقّنا”.
ولفت إلى أن “العائدات تذهب إلى الصندوق المستقل ولا تذهب إلى خزينة الدولة والمراقبة مشددة جداً جداً على هذه العائدات، وعندما زارت توتال الرؤساء الثلاثة أكدت أن القانون النفطي اللبناني من أفضل القوانين، والاشخاص الذين تتعاطى معهم من الأكفأ، وأن هناك نسبة مرتفعة جداً من الشفافية. وكل الدول والسفارات والمؤسسات التي تراقب أشادت بالتجربة اللبنانية النفطية وقالت أننا أخذنا أفضل نموذج ونطبقه بأفضل طريقة”.
وفي موضوع تشريع الحشيشة أكد الناب سليم عون أن “هناك طلب حقيقي على الحشيشة لأغراض طبية، وإذا صدرناها ستردّ على لبنان ثروات قيمة، فالحشيشة اللبنانية من اجود الأنواع عالمياً”.
وختم: “أنا متفائل ومؤمن بأن خيارات فخامة الرئيس التي خلّصتنا في أحلك الظروف، وعناده وإصراره على أن يبصر قطاع النفط اللبناني النور سيغيّر المستقبل وسيحافظ على ثروتنا النفطية للأجيال القادمة”.

الخبير بصناعة النفط د. ربيع ياغي
بينما رأى الخبير في صناعة النفط الدكتور ربيع ياغي أننا ببدء التنقيب عن النفط، نحن في مرحلة تاريخية ووصلنا إلى هنا عبر جهود حثيثة وتراكمية بدأت منذ الـ2002 ، عند أول عملية مسح جيولوجي للمياه اللبنانية، وساهم بهذه الجهود كل الافرقاء السياسيين الذين تتشكل منهم هيئة إدارة قطاع النفط. ولمجلس النواب ولرئيس مجلس النواب دور كبير في إتمام مراسيم وقوانين النفط ووصولنا إلى قانون عصري جيد جداً ساعدت دولة النروج في إرسائه”.
وشدد على ضرورة “تغليب المصلحة الوطنية وإبعاد ملف النفط عن التجاذبات السياسية، لأن المحاصصة في هئية إدارة قطاع النفط أخّرتنا 10 سنوات، فبين إصدار القانون وحفر أول بئر هناك 10 سنوات والوقت ضدّنا، وهناك جهود لبنانية ودراسات وأعمال كانت موجودة منذ وقت طويل في ما يخص النفط في لبنان لكن نحن لم نكن ناضجين كفاية، وبدأنا مع اسرائيل بعمليات المسح الجيولوجي بنفس الوقت في الـ2002 ، اليوم اسرائيل بلد مصدّر للغاز ونحن أول من أمس بدأنا بحفر أول بئر”
“علينا أن نحافظ على الصندوق السيادي وعائدات النفط برموش عيوننا، فهناك تحديات داخلية وخارجية ولا بد من وضع خطة استراتيجية على المدى المتوسط والبعيد مع المؤسسات المعنية ومن بينها الجامعات، واكتشافات اسرائيل تؤكد أن مياهنا غنية والنفط والغاز موجود في لبنان 100 % والمسح الجيولوجي الثلاثي والرباعي الابعاد ليس بالهواء بل يؤكد على ذلك”.
واضاف ياغي: “النموذج النرويجي هو النموذج الأمثل الذي يجب أن نتبعه، والنرويج ساعدتنا كثيراً في تشكيل الادارة النفطية والقانون النفطي، والنقطة الأساسية أن كل اللبنانيين من الشعب إلى الرؤساء الثلاثة إلى الأحزاب السياسية متفقون على أن لا تفريط ولا بأي ذرة تراب أو مياه من لبنان”.
وطالب بإعادة التفاوض مع قبرص في ما يخص المنطقة الاقتصادية وحدودها وهنا يبرز دور وزارة الخارجية مع وزارة الدفاع “فالنشاط النفطي لاسرائيل يبعد 4 كيلو متر عن حدودنا ونحن ممنوعون من الاقتراب، ولا يقول أحد أن السبب جيولوجي فالجيولوجيا في شمال فلسطين هي نفسها في جنوب لبنان”.
وعن الحشيشة قال: “الحشيشة ستشكل مصدراً اساسياً من ثروات البلد الطبيعية، ويمكن تصنيعه محلياً ضمن أنظمة وضوابط معينة كالتبغ”.
وختم الخبير في صناعة النفط: “اللبنانيون شعب قوي رغم كل المناكفات والضغائن السياسية، ولبنان سوف ينتصر والغاز سوف يُستخرج ويصل بنا وبالأجيال القادمة إلى برّ الأمان شرط أن نحيّد قطاع النفط عن السياسة”.

د. جان شمعون اختصاصي هندسة كيميائية وبتروكيمايئة
وكان في الحلقة اتصال مع د. جان شمعون اختصاصي هندسة كيميائية وبتروكيمايئة في الجامعة اللبنانية، الذي أكد أنه منذ العام 2013 بدأت الجامعة اللبنانية بتعليم اختصاصات مرتبطة بالقطاع النفطي “ولدينا خريجون في القطاع النفطي كثر يعملون اليوم خارج لبنان وينتظرون الفرصة ليعودوا”.
وأوضح: “الجميع يعتقد أن حاجة القطاع النفطي تقتصر على الهندسة الكيميائية والبتروكيميائية، لكن في الحقيقة هذا الحقل لا يشكل أكثر من 6% من حقل العمل في القطاع النفطي في لبنان، ونحن بحاجة لجميع أنواع الهندسات المهنية والتقنية والبيئية في قطاع النفط من دهانين ميكانيكيين كهربائيين تمديدات سنغرية… وهي الوظائف التي تشكل 40 لـ60 % من هذا القطاع”. وأشار إلى أنه هناك تنسيق مع أكثر من جامعة كي لا يكون هناك فائض خريجين في هذا القطاع”.