“جونة ساويرس” يهدد القاهرة السينمائي


بقلم طارق سعد

وقد فعلها “ساويرس” !!!

فى ظل انشغال البعض بالمهرجانات الوهمية وحفلات “بير السلم” لتكريم الأصدقاء والمعارف والأحباب من منظمين يبحثون عن الشهرة والـ “وجاهة” يطل علينا فجأة مهرجان سينمائى جديد يحمل اسم “مهرجان الجونة السينمائى” والذى ينظمه رجل الأعمال “نجيب ساويرس” فى مدينة الجونة المصرية السياحية التى يملكها  وأصبح الجميع فى انتظار رؤية هذا المهرجان الـ “وليد” فى دورته الأولى والقائم عليه أحد أهم رجال الأعمال المستثمرين على مستوى العالم لنرى ماذا سيقدم لنا بعدما أصبحت لدينا عقدة من تنظيم المهرجانات والسقطات الكارثية التى تحدث بشكل شبه دائم.

 

مع أول لقطات من حفل افتتاح “مهرجان الجونة السينمائى” تتأكد أنك أمام حدث مهم ومبشر ومع بداية توافد النجوم وضيوف المهرجان ومع مرور الوقت تبدأ ملامح التنظيم فى الظهور لتقدم لنا صورة أكثر من رائعة ومشرفة مكتملة بالنقل التليفزيونى المحترف حتى تبدأ مراسم حفل الافتتاح الذى يقدم الإبهار فى أبسط معانيه فتشعر أنك أمام أحد المهرجانات العالمية يحمل اسم “مصر”.

 

الإبهار الذى قدمه المهرجان ابتعد عن التعقيد ومحاولة “فرد العضلات” معتمداً على البساطة مع دقة التفاصيل وهى كلمة السر فبشاهدة حفل الافتتاح تجده إعتمد على فرقة غنائية شبابية خفيفة ولطيفة قدمت تابلوها غنائياً جديداً بسيطاً ولكنه فى قمة الإتقان فى الحركة والتنسيق والدخول والخروج وكذلك إخراجياً ليقدم لنا حالة فنية مبهجة خالية من الـ”أفورة” يتبعها البداية الفعلية لحفل الافتتاح والذى إختار القائمون عليه البساطة فى كل شئ حتى فى الكلمات الخاصة بهم وفى حضور كوكبة من نجوم الصف الأول والشباب كل ذلك مغلفاً بساحة الاحتفال التى تم تنظيمها وتحضيرها بكافة تفاصيلها بشكل محاكى للصورة التى نشاهدها فى المهرجانات العالمية ليخرج علينا افتتاح “مهرجان الجونة السينمائى” بصورة مصرية تثبت أننا نملك القدرة على التنظيم المحترف ونملك أدواته جيداً ونستطيع التنفيذ … فقط لو تواجد الفكر الادارى المحترف بالكوادر المحترفة القادرة على تنفيذ هذا الفكر فى غياب المصالح و”شغل تحت الترابيزة”.

 

أيضاً وجود زعيم الكوميديا “عادل إمام” فى صدارة المشهد وتكريمه أعطى مذاقاً مختلفاً وأضاف للصورة كثيراً والمعروف عنه ندرة وجوده فى احتفاليات كبرى .. وتنظيمياً كان “الزعيم” واجهة قوية ومشرفة لبداية المهرجان فى دورته الأولى .

 

إخراجياً يتضح من الوهلة الأولى أن هناك هدف وتوجه لتقديم حدثاً مختلفاً بصورة جديدة تطل من شباك مصرى تبحث عن مكان لها وسط الكبار وقد ضرب “ساويرس” هنا أكثر من عصفور بحجر واحد فإقامة المهرجان فى مدينة سياحية مصرية خلابة “الجونة” يضع السياحة المصرية فى مرمى البصر ويساهم فى تنشيطها والترويج لها فى ظل تواجد كبار النجوم وضيوف من الخارج والداخل وقدرة التنظيم ودقته واجهة للأمان الذى تتمتع به البلد وكذلك يعود “ساويرس” نفسه للصورة مرة أخرى بعد انسحابه الإعلامى مع بيعه لشبكة قنواته التى كان يمتلكها لتعود نفس الشبكة مع مالكها الجديد بحصرية نقل وتغطية مهرجانه الذى يقدمه لهم عن طريق وكالته الإعلانية التى تعمل كوكيل إعلانى حصرى لنفس الشبكة!

 

ومع الإشادة بدقة التنظيم والظهور اللائق لحفل افتتاح المهرجان  يجب الإشارة لحرص القائمين عليه على عدم دعوة أنصاف وأرباع وأشباه النجوم وحجز الدعوات للمقربين وكان الإهتمام بالخروج بالمهرجان بصورة احترافية تحسب له فى تقديم نفسه فى قائمة المهرجانات الهامة.

 

ومع تلك الإشادات  يجب أن نلتفت لسلبية التعامل مع الصحفيين الذين جاءوا وقطعوا مسافات طويلة لتغطية المهرجان ثم تم منعهم من مزاولة عملهم وهو خطأ تنظيمى فى منتهى السوء والأسف لأنه كان من الأجدر أن يتم إبلاغهم باستبعاد وجودهم من البداية فى لفتة تقديرية لهؤلاء ومؤسساتهم.

 

أما بالنسبة للسقطة الكارثية والغير المسئولة التى قام بها الممثل “أحمد الفيشاوى” فلا يتحملها منظمو المهرجان ولكن يتحملها “الفيشاوى الصغير” الذى أثبت بالدليل الدامغ أنه غير مسئول عن تصرفاته ويحتاج لإعادة تأهيل قبل التواجد فى أوساط عامة!

 

سقطة أخرى قام بها الممثل “أحمد فهمى” بإصراره أن يكون كوميدياناً رغم أنف الجميع فقدم وصلة “استظراف” لا تليق بالحدث وهذه السقطات رغم عدم تحمل إدارة المهرجان ومنظميه مسئوليتها إلا أنها درس يحملهم مسئولية التدقيق فى الشخصيات التى سيتم دعوتها فى الدورات القادمة أو تقديمها وكذلك نفس الدرس للقائمين على الاحتفاليات الأخرى الكبرى والمهمة.

 

الحقيقة أن “مهرجان الجونة السينمائى” بما قدمه فى الانطلاقة الأولى وسيتضح معالمه مع نهاية حفل الختام وإن إكتمل وإنتهى بهذه الصورة المشرفة فهو مؤكد يطمح للـ “دولية” وبهذا الشكل والتنظيم والإدارة سيهدد “مهرجان القاهرة السينمائى” بشكل مباشر والذى أصبح تنظيمه للأسف من سئ لأسوأ وغابت عنه النجوم فى الدورتين الأخيرتين بشكل خاص ورغم غياب بعض النجوم المميزين عن “الجونة” أيضاً مثل “السقا – كريم عبدالعزيز – أحمد عز – هنيدى – منة شلبى – مى عزالدين …..” وغيرهم،وبعضهم عاملاً مشتركاً مع “مهرجان القاهرة السينمائى” فى ظاهرة “لغز” إلا أن الصورة التى خرج بها “مهرجان الجونة السينمائى” ستجعله فى صدارة المشهد بلا منافس بدعم “ساويرس” المادى الذى أصبح يشكل خطراً حقيقياً على مهرجان دولى عريق يقوم على أكتاف الدولة وعليه من الآن الانتباه لدورته القادمة بكل التفاصيل وإيجاد جهة قوية لدعمه وإلا الخسائر ستكون فادحة.

 

لقد فعلها “ساويرس” …. فهل تفعلها الدولة بمهرجانها؟!!