رولا حمادة..بين الحزن والانتقام خرجت لؤلؤة الدراما


بيروتكم – فاطمة داوود

رولا حمادة ممثلة من طراز رفيع. لا تهاب الشخصية ولا هالة الأبطال. تدرك جيداً ان حضورها الطاغي يضاهي ما حولها. ليس تكبّراً انما تمكنّاً. ليس غروراً انما ثقة متناهية. قد تكون “سوزان” (دورها في خمسة ونص كتابة ايمان السعيد اخراج فيليب اسمر”) شخصية طارئة لا تتعدى موقع التصوير وعدد المشاهد انما قدّمتها بكل أمانة، مفصّلة تعقيداتها بين الشرّ والحزن. بين الانكسار والكبرياء. الأمّ الثكلى، المكلومة على موت ابنها الشاب ضخت فيها مشاعر الحقد والكراهية في الحياة. ملأتها قسوة من رأسها حتى أخمص قدميها. فباتت تكره الماضي اكثر من حاضرها المتهاوي في ظلام الوحدة والنكران. لا شيء يردع انتقامها وهي الخاسر الأكبر في جميع المعارك. حبّ هارب من جدران قصرها. موت أمير أحلامها. صعقها موت ولدها الوحيد الذي خطف خطفاً من بين يديها.

تصرّ “سوزان” على كشف تفاصيل شخصيتها .تغسل امام الشاشة كل ينابيع المحبة وتستبدلها بأنياب الغضب في كل موقف يواجهها. غضب لم يسلم منه أحداً، الخدم، الدكتورة بيان، غمار، حتى الطفل “جونيور” تلمسه بقرف يعادل قرفها من حالتها المرثية.

غضبها الذي تجلّى بحرقها كل ما يمتّ للذكريات بصلة. اغراض غريمتها اخرجتها عن طورها، حوّلتها لوحش يأكل الأخضر واليابس. لم تتورع عن ارتكاب جريمة اشعال مقتنيات الوالدة الميتة أصلاً علّها تطهّر نفسها من آلام الغيرة القاتلة. هذا الحريق الذي أشعل نيراناً امامها، أشعل قلب “غمار” وحطّم قلبه على والدته المظلومة بحياتها ومماتها.

أدّت رولا حمادة دورها بأداء عالي المستوى. بنت فيه جداراً يحميها من المنافسة التي تدور في فلك المسلسلات المشلوحة على كافة الشاشات اللبنانية، وبه اخترقت حدود الوطن العربي، لتسمع من مصر كلمات ممزوجة بالإعجاب “هايلة أوي” ومن الخليج “سيدة عظيمة”. هكذا، فكّت الحصار عن الممثلة اللبنانية بدور ثان. تألقت كماسة متوهجة. خطفت الأنظار وحولت الكاميرا صوبها حتى بات المشاهد برحلة بحث عن ومضات حضورها. لا تشبعه مرّات المواجهات بينها وبين الممثلين.

لم تكتف بذلك رولا حمادة فقد آلت على نفسها ابهارنا اكثر فأكثر. وهاهي بالثلث الأخير من السباق الرمضاني، تخلع ثوب الغضب والعصبية. تغير لون شعرها وتقلب الطاولة على أعصابها مسيطرة تماماً على جميع القرارات الطارئة. تعقد حلفاً مع غمار ربما تسعى إليه، وخلفه نوايا لخطّة انتقام باردة تدفعه للركوع امامها لاحقاً.

رولا حماة لوّنت شاشتنا هذا العام مقدّمة أحد اجمل ادوارها المركّبة، فاتحة الشهية لمزيد من الإبهار، ومشرّعة الأبواب على آفاق جديدة. فأي المفاجآت ستتحفنا بها لاحقاً وأي الشخصيات ستأخذنا لعالمها بعد حين؟ لا نمل الانتظار ولكن نستعجل المحاولة.