طارق سعد يكتب: نهاية رضوى الشربيني


طارق سعد يكتب: نهاية رضوى الشربيني

 

“ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع” … تماماً هو ملخص حدوتة “رضوى الشربيني” التي جلست على كرسي المذيع أمام الكاميرات فجأة وقررت أن تكون مثيرة للجدل فجأة ليرد الجمهور “تعبت من المفاجأة وغيرت محطتي”.

 

للأسف اتخذت “رضوى” أسهل طريق لإثارة الجدل فارتدت ملابس العدوانية وقررت أن تكون “عدوة الرجالة” وأنها ستنقذ ملايين الفتيات والسيدات من براثن الوحوش الذكورية فأصابها “فيروس التريند” في مقتل وأصبحت “رضوى الشربيني” فجأة “سيدة التريند الأولى” تتناقل الفتيات والسيدات نصائحها ضد الرجال وتتبادلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي في حالة من النشوة والسعادة وفرحة الانتصار مما خلق حالة احتقان ذكورية لتتولد المشاحنات والتراشقات والاشتباكات والمذيعة “الشيك” تجلس في التكييف تستمتع بالـ “شو” الذي تمارسه والغريب والمثير أن كل ذلك يخرج من قناة مطبخ ليس لها أية علاقة بمحتوى ما تقدمه “رضوى” ولا أي رابط سوى أنها قررت “التخبيط في الحلل”.

 

لم تدرك “رضوى الشربيني” أنها ترتكب جريمة اجتماعية للأسف مقابل شيك بنكي تتسلمه من القناة التي تستفيد من الإثارة والجدل .. جريمة شق المجتمع نصفين وتأليبه على بعضه البعض وزرع الكراهية وتغذية العنصرية … قنبلة عنقودية تنفجر في وجه المشاهد متخفية في شكل نصائح مفخخة ربما كانت نتاجاً لمواقف شخصية قررت بعدها أن تكون عدوة للرجل ثابتة عند موقفها معتزلة هذه العلاقة بشكل قاطع متأثرة بأداء الراحل “رشدي أباظة” في فيلم “عدو المرأة” الذي انتهى أساساً بزواجه من “نادية لطفي” ليقر للمشاهد أنه ليس هناك عداء في المطلق وللأبد فهو ضد الطبيعة.

 

استطاعت “رضوى” اجتذاب جزء كبير من “تاء التأنيث” وقليل من الشباب التي اختطفت أعينه لتتداخل الأوراق ويظل الصراع الوهمي قائماً تستفيد منه “رضوى” بالتواجد وكذلك القناة برفع نسبة المشاهدة الجدلية سواء على الشاشة أو عبر الإنترنت ليبدأ صراعاً من نوع آخر وهو دفاع البعض عن “رضوى” بدوافع مختلفة وهجوم الآخر عليها ومنهم من استخدم أسلحته الثقيلة لتتعدد المبررات ويظل الجدل واحداً.

 

لمزيد من الجدل كان لزاماً أن تكون “رضوى الشربيني” ضيفة برنامج جماهيري داخل نفس مجموعة القنوات أيضاً لتطل مع “منى الشاذلي” في حلقة خاصة مضمونها الرئيسي هو “برواز” لجدل “رضوى” ومحاولة لاستمرارها في دائرة الضوء خاصة أن مثل تلك الموضوعات التي تتبناها عمرها قصير في هذا العصر وخاصة بعد التقلبات التي مرت بها الشعوب العربية فأصبحت مثل هذه الأمور مجرد صغائر وفي قول آخر “تفاهة”!

 

لأن الرياح تأتي بما لا تشتهيه السفن جاءت حلقة “منى الشاذلي” كمقابلة أولى لـ “رضوى” مع الجمهور ليراها بعيداً عن كرسي المذيع ويتابعها على طبيعتها ويفهم منها مبررات ما تقدمه فيفاجأ أنه أمام صورة جميلة لاتزان مفقود .. فقط أداء مسرحي مبالغ فيه يعكس مدى المشكلات والصراعات الداخلية والاضطرابات التي تعاني منها “رضوى” ليكتشف المشاهد أنه وقع ضحية كل هذا التضارب فيصاب بصدمة حقيقية كانت الأكبر من نصيب بنات جنسها اللاتي انقلبن عليها قبل الشباب والرجال لتستمر الحلقة الاستعراضية قرابة الساعتين تكتب فيها الفصل الأخير في حكاية “رضوى الشربيني”.

 

توقف الـ “شير” فجأة واختفت “رضوى” من مواقع التواصل فجأة فتتذوق الـ “بلوق”بعد صدمة عنيفة يستحقها كل من ارتضى أن يلغي عقله ويصبح تابعاً لعلها تكون درساً لعدم الانسياق وراء أفكار تخص تجارب آخرين وليعتمد كل شخص على تقييم تجربته بمعطياتها وتفاصيلها التي تخصه وحده ليصل للقرار الذي يناسبه هو حسب مجريات أحداثه هو وليس ذيلاً لنصائح آخرين خرجت من رحم أحداث تخصهم ربما هم من يتحملون وزر أخطائها.

 

الحقيقة أن هذا اللقاء الذي طلت فيه “رضوى الشربيني” على الجمهور متوقعة زيادة رصيدها منه كان بمثابة السلاح الفاسد الذي اعتمدت عليه لتحقيق مكاسب وتعاطف أكثر فرد إليها طلقاته ليصيبها في مقتل ويجهز عليها لينهي حالة جدلية استمرت شهوراً بلا مؤهل أو مبرر ربما كانت ستبقى أكثر نجاحاً وصموداً لو اتجهت للتمثيل فهي تملك كل مقوماته حقيقة بجدارة شكلاً وأداءً.

 

انتهى العرض وانطفأت الأنوار وأسدل الستار على المسرح وانصرفت الجماهير لتُكتب كلمة النهاية في توثيق تاريخي عنوانه …. “معكم … نهاية رضوى الشربيني”.