يتم الاحتفال بيوم الخبز العالمي كل عام في 16 أكتوبر، وقد أنشأه الاتحاد الدولي للخبازين والحلويات (UIBC) في عام 2005. والغرض منه هو الاعتراف بالأهمية الثقافية للخبز وإلقاء الضوء على التحديات التي يواجهها الخبازون على مستوى العالم.
يُكرّم هذا اليوم الخبز، وهو غذاء أساسيّ عريق وثمين في النظام الغذائي البشري. واعترافًا منه بأهمية الخبز كمصدر غذائي أساسي، لا سيما في مواجهة مشاكل الجوع العالمية، يُؤكّد يوم الخبز العالمي على دوره الحيوي في استدامة البشرية.
التاريخ والخلفية:
الأصل: أطلق الاتحاد الدولي للخبازين وصانعي الحلويات (UIB) يوم الخبز العالمي عام ٢٠٠٢.
الهدف: يهدف هذا اليوم إلى الاحتفاء بالتراث الثقافي والأهمية الغذائية للخبز، بالإضافة إلى رفع مستوى الوعي بالتحديات التي يواجهها الخبازون وصناعة الخبز عالميًا.
الأهداف:
احتفال ثقافي: تسليط الضوء على تنوع تقاليد الخبز ووصفاته في مختلف البلدان والمناطق.
التوعية الغذائية: تعزيز الفوائد الغذائية للخبز كغذاء أساسي في العديد من الأنظمة الغذائية، إذ يوفر الكربوهيدرات الأساسية والألياف والعناصر الغذائية الأخرى.
دعم الخبازين: تقدير مهارة الخبازين ودعم الجهود المبذولة للحفاظ على تقنيات الخبز والوصفات التقليدية.
الأنشطة والاحتفالات:
مهرجانات وفعاليات الخبز: تُنظّم دولٌ مُختلفة مهرجاناتٍ ومسابقاتٍ وورش عملٍ مُتعلّقةٍ بالخبز، لعرض أنواع الخبز المحلية وتقاليده.
الحملات التثقيفية: تُقدّم المدارس والمعاهد الطهوية والمنظمات المجتمعية برامجَ تثقيفيةً حول تاريخ الخبز وأهميته الغذائية والثقافية.
حملات التواصل الاجتماعي: استفد من منصات التواصل الاجتماعي لمشاركة وصفات الخبز، ونصائح الخَبز، وقصصٍ عن تقاليد صناعة الخبز من جميع أنحاء العالم.
المشاركة العالمية:
نطاق دولي: يُحتفل بيوم الخبز العالمي عالميًا، بمشاركة المخابز والمطاعم والمدارس والمجتمعات المحلية في تعزيز ثقافة الخبز وتقديره.
المبادرات المحلية: تتراوح الفعاليات بين عروض الخبز وتذوقه، ومبيعات المخبوزات الخيرية، وأنشطة جمع التبرعات لدعم مبادرات الأمن الغذائي المحلية.
الخبز في ثقافات مختلفة:
أنواعه: يُعرض مجموعة واسعة من أنواع الخبز، بما في ذلك خبز العجين المخمر، والخبز المسطح، والباغيت، والنان، والبيتا، وغيرها، مما يعكس تنوع التقاليد الطهوية العالمية.
الرمزية: يحمل الخبز أهمية ثقافية ورمزية في العديد من المجتمعات، إذ يرمز إلى حسن الضيافة، والانتماء للمجتمع، ومصدر الرزق.
ممارسات الخبز المستدامة:
الأثر البيئي: تعزيز ممارسات الخبز المستدامة، مثل استخدام مكونات محلية المصدر، والحد من هدر الطعام، ودعم التجارة العادلة والتوريد الأخلاقي.
الاعتبارات الصحية: تشجيع استخدام الحبوب الكاملة والمكونات الطبيعية لتعزيز القيمة الغذائية للخبز وتشجيع عادات غذائية صحية.
الخلاصة:
يحتفل يوم الخبز العالمي بالتراث الثقافي الغني، والأهمية الغذائية، وحرفية صناعة الخبز في جميع أنحاء العالم. من خلال تعزيز الوعي، ومشاركة التقاليد، وتقدير قيمة الخبز، يُسلط هذا اليوم الضوء على دوره في تعزيز المجتمع، والحفاظ على تقاليد الطهي، وتعزيز ممارسات الغذاء المستدامة عالميًا.
وصفة الخبز اللبناني بالفيديو:
الصاج المرقوق اللبناني
أنواع الخبز الشائعة في كل من السعودية، ومصر، ولبنان، والمغرب، والجزائر، واليمن، والعراق، والسودان…
أهم أنواع الخبز في السعودية هي: التميس، والشريك المديني، والخبز الملوح، والخبز الحساوي (الأحمر)، وخبز الصاج أو الشمالي، وخبز العربود (في منطقة الجوف). ويعد التميس من أشهر أنواع الخبز المعروف في منطقة الحجاز، إذ يحضر في البيت بمقادير بسيطة ومكونات اقتصادية وبطريقة سهلة، ويقدم عادة مع الفول والأجبان ويحتل وجبات الإفطار والعشاء.
ويشبه خبز التميس أو الخبز الأفغاني إلى حد كبير خبز “التنور الشامي”، وتختلف مكوناته وطريقة تحضيره من منطقة لأخرى ومن بيت لآخر. وتشتهر المدينة المنورة بعديد من أنواع الخبز، أبرزها الشريك وفتوت التعتيمة والصامولي وخبز البر والخبز الأبيض والشوابير، وأنواع عدة من المخبوزات المدينية التي تقدّم في مواسم الأعياد ومناسبات الزواج في المدينة المنورة، بخاصة مع النواشف كالجبن والزيتون والحلاوة وغيرها.
وخبز الشريك هو مزيج من الطحين والحليب والماء، يرش عليه السمسم ويضاف إليه الحمص والشمر واليانسون والحبة السوداء ليكسب طعماً مميزاً، ثم يخبز في الفرن على شكل دوائر. وتشتهر المنطقة الجنوبية لشبه الجزيرة العربية أيضاً بالخبز الملوح، الذي يقدم مع الفول والبيض.
كما تصنع النساء القرص، الذي يعتمد أيضاً على العجين بعد خبزه في إناء مستدير على هيئة قرص ويضرب من الحواف جيداً باليد حتى يأخذ شكله تماماً ثم يوضع على النار حتى يستوي ثم يقدم على المائدة مع السمن أو العسل.
ويُبدع أهالي منطقة الحدود الشمالية في صناعة خبز الصاج أو كما يسميه البعض، الرغيف الشمالي الذي تعلموه من الأجداد، ويقدمه أهالي المنطقة مع الشاي أو الحليب أو المرق. وبالنسبة إلى الخبز الحساوي، فإنه يتكون من طحين البر والنخالة والتمر والحبة السوداء والحلوى والسمسم، كما تضاف عليه عديد من النكهات الحديثة كالجبن والزعتر واللبنة. ويستغرق تحضيره وقتاً طويلاً، إذ يبدأ الخباز أولاً بنقع التمر في الماء لمدة معينة للحصول على نقيع التمر، ومن ثم يقوم بعملية العجن بوضع الدقيق في ماء التمر تدريجاً حتى يحصل على عجينة متماسكة يمكن تشكيلها إلى دوائر صغيرة بحسب حجم الرغيف، ثم يضيف مادة الحلوى وحبة البركة، ثم يترك العجين لفترة كي يرتاح ويختمر، ثم يضعه في التنور.
وتتميز منطقة الجوف بعديد من المأكولات الشعبية مثل خبز “العربود” أو ما يسمى “الجمري”. وهو من أهم الوجبات المفضلة لدى أهالي بادية الشمال، بالأخص الجوف، فهو مليء بالعناصر الغذائية المهمة التي تساعد على الإحساس بالشبع لفترات طويلة بخاصة في ليالي الشتاء الباردة.
ولا يتعفن خبز العربود بسهولة، خصوصاً إذا كان موضوعاً في مكان جيد التهوية. ويفضل البعض أكل العربود مع الحليب أو السمن وزيت الزيتون والجبن، كما يفضله الآخرون مع العسل أو التمر أو غيرها من الإضافات اللذيذة.
لكل مناخ في اليمن خبز
للخبز اليمني أنواع شتى، تختلف في طريقة تحضيرها وإعدادها، وفقا لكل منطقة. إذ يسهم التنوع الجغرافي والمجتمعي والثقافي والمناخي في اليمن في تمييز الخبز كل منطقة عن الأخرى.
تقول لولوة غالب معوض، خبيرة فنون الطهي، إن أهم ما يميز الخبز اليمني أن طريقة إعداده تتم داخل البيوت اليمنية عوضاً عن شرائه من الأفران الأتوماتيكية أو المحال المخصصة كما هي الحال في باقي بلدان الوطن العربي والعالم. وذلك باستخدام التنور (الفرن الخاص بإعداد الخبز).
يتوافر التنور في كل بيت يمني، كونه آلة إعداد أهم الوجبات اليومية التي لا غنى عنها. وتوضح أن الخبز اليمني يتميز أيضا بتحضيره داخل التنور التقليدي الطيني باستخدام وقود الحطب الذي يضفي له نكهة ومذاقاً فريداً.
ووفقاً للشيف لولوة فإن هذا التنوع والاختلاف الزاخر يعود لاختلاف المكونات التي يحضر منها، إضافة إلى مناخ المناطق التي يحضر فيها. وتضيف “بعض المناطق تعتمد على الحبوب الكاملة وبعضها على البقوليات الداخلة في تكوين بعض أنواع الخبز مثل البلسن (العدس الأسمر)، وأيضاً طرق خبزه، ولهذا تختلف أنواعه باختلاف المناخ.
وتستدل قائلة “مثلاً نجد خبز الكدر في مناطق تهامة (في محافظة الحديدة غرب اليمن) يحتوي على جريش اللوبيا والقمح، وشكله كروي، وفي دوعن (في محافظة حضرموت شرق) يحتوي على الذرة البيضاء وشكله دائري مسطح، بينما نجده في صنعاء وصعدة (شمال) يحتوي على القمح والشعير وشكله كروي، كما أن خبز الملوج يحتوي على بعض من مسحوق الحلبة.
ويحتل اللحوح أهمية ملحوظة في قائمة المخبوزات اليمنية على امتداد البلاد. وتؤكد لولوة أن للحوح أنواعاً ومسميات مختلفة، ففي تعز لا بد أن يخبز على الحطب كشرط أساسي لإجادته ويحتوي على الذرة الحمراء التي تتوفر فقط في مدينة تعز وتسمى “بالغرب”.
الخبز وجبة أساسية على مائدة المصريين
بحسب الجهاز المركزي المصري للإحصاء، يبلغ متوسط حصة الاستهلاك السنوي للفرد من الخبز في البلاد 889 رغيفاً، وهو أعلى معدل استهلاك على مستوى العالم، وفق دراسة أجراها، وتشير الإحصاءات إلى أنه يعد وجبة أساسية على مائدة الشريحة الأكبر من المصريين.
مواصفات رغيف الخبز
تتمثل مواصفات رغيف الخبز، وفقاً لوزارة التموين والتجارة الداخلية المصرية، في الاستدارة الكاملة والنضج، وأن يكون غير ملتصق الشطرين أو محترق، وذا مذاق ورائحة طبيعية، وألا تزيد نسبة الرطوبة به على 36 في المئة، وأن يحتوي على مواد نشوية وبروتينية ومعدنية مهمة في الغذاء اليومي للمواطن، ليمد المستهلك بنحو 70 في المئة من احتياجاته الغذائية من المواد النشوية والبروتينية، و52 في المئة من السعرات الحرارية، وكذلك المواد المعدنية كالحديد والزنك.
يسكن الستيني محمد جمعة، هو وأسرته بحي فيصل في محافظة الجيزة، حصته من الخبز المدعوم 30 رغيفاً يومياً، مؤكداً “أن الحصة لا تكفيهم أحياناً، ويحتاج إلى شراء مزيد خارج البطاقة التموينية، فالطعام بلا خبز لا يمكن تصوره أو استساغته”.
أما أميمة كامل الأربعينية، تعمل في القطاع الحكومي، ولديها أسرة مكونة من سبعة أفراد فتؤكد “أن استهلاك الفرد يومياً يتراوح ما بين ثلاثة وأربعة أرغفة في اليوم وأحياناً يزيد، رغم أنهم يعتمدون على الأرز أيضاً في وجباتهم الأساسية”.
الخبز على البطاقة التموينية
في المقابل، يقول أحمد جمال، خبّاز ثلاثيني بأحد أفران العيش البلدي بمنطقة الجيزة، “إن تحويل الخبز على البطاقات التموينية وتحديد حصة الفرد له دور أساس في علاج مشكلة التكدس والزحام على الأفران، وتفاوت الحصص، فلا يزال الخبز هو البطل الأول على مائدتنا، حتى وإن اختلفت الأوضاع عما كانت عليه من قبل”. ويضيف، “العيش يؤكل من دون طعام، ويسترنا في الأوقات الصعبة، كما أن وباء كورونا ألقى بظلاله على نسبة إقبال المواطنين على شراء الخبز في بداية الجائحة، لكن البسطاء لا يستغنون عنه”.
حساسية الجهاز الهضمي
من جهة ثانية، يحذر خالد أبو العزم، استشاري أمراض الباطنة والغدد الصماء والسكري، من تأثير زيادة تناول الخبز والنشويات، وأنه على الرغم من أهميتها فإن الزيادة منها ليست صحية، بل تنعكس على الجسم سلباً، لأنها تساعد على رفع مستوى الانسولين في الدم، نتيجة رفع النشويات معدل السكر الذي يستقبله الجسم، والذي بدوره يزيد من معدل الخمول والإرهاق به، بل وألم الصدر والنهجان أحياناً، إضافة إلى التخمة وزيادة الوزن الناتجة عن حبس النشويات للماء بالجسم”.
ويؤكد أبو العزم، “أن الخبز يحتوي على مادة الغلوتين التي تتسبب في حساسية للجهاز الهضمي”، مشدداً على ضرورة تغيير تلك الثقافة التي تنتشر بشكل كبير في مصر والوطن العربي بالاعتماد الأساس على النشويات وعلى رأسها الخبز، لتجنب تلك الأضرار وخفض مستوى الدهون على الكبد الذي ينجم عنه عديد من المشاكل وعودة الجسم إلى النشاط والحيوية.
وتوضح نادية حسني، رئيس قسم بحوث الخبز والعجائن بمعهد تكنولوجيا الأغذية، “أن رغيف الخبز بمكوناته الحالية يحتاج إلى تطوير باعتباره عنصراً مهماً في وجبة المصريين، سواء المحدود الدخل أو المتوسط الدخل، وتحويله إلى وجبة غنية بالعناصر الغذائية، بخاصة الطبقة الفقيرة التي تعتمد عليه بشكل أساس، من خلال إضافة الشعير أو الذرة أو الكينوا وغيرها من المكونات التي ترفع قيمته الغذائية، بما يسهم في تغذيتهم بشكل سليم، وتقليص معدلات الأنيميا ونقص الوزن والتقزم، وغيرها من تبعات سوء التغذية”.
الخبز اللبناني… من مادة للحياة إلى نقطة لتطور الإنسان
ترتكز طبيعة الغذاء في لبنان بشكل رئيس على الخبز كمادة الحياة الأساسية. وهو ليس فقط مادة غذائية بل أيضاً أداة ترافق كل المأكولات، عكس بعض المناطق العربية والآسيوية، حيث إن لبعض الوجبات طقوسها وعاداتها الخاصة، كتناول الطعام باليدين، أو العيدان الخشبية وغيرها من الأدوات. أما بالنسبة إلى الحنطة فهي ليست مادة غذائية فحسب، بل هي أيضاً أساس انتقال الإنسان وتطوره من التاريخ القديم إلى المعاصر.
في هذا السياق، يشرح كمال مزوّق، صاحب فكرة “سوق الطيب”، الذي أطلق سلسلة مطاعم في مناطق لبنانية عدة تركز على استعمال كل ما هو عضوي وتشجع منتجات المزارعين المحليين، أن “كل بلد يتميّز بالحنطة الخاصة به، وهي تتنوع من المعكرونة في إيطاليا، إلى الفطائر في آسيا، أما في لبنان فيتم الاعتماد على الخبز العربي الصناعي بشكل رئيس، ويتميز بخميرته الطبيعية التي تعمل على تفكيك القمح ليصبح أسهل في الهضم”. ويضيف مزوّق أن “زراعة الحنطة عززت نمط الحياة المستقرة للإنسان وجعلته يتطور من خلال الاهتمام بالأرض، الأمر الذي أدى إلى انتعاش العمران وبالتالي الحياة الحضارية”.
أما بالنسبة إلى أنواع الخبز في لبنان فهي تعتمد بشكل رئيس على أنواع الأفران التي تحدد شكل الرغيف ووزنه. وفي هذا الإطار، يعدّد مزوّق أنواع الخبز، بدءاً بـ “الخبز الصناعي الذي يُصنّع بطريقة سريعة وكميات كبيرة يومياً، ويُطلَق عليه محلياً اسم الخبز العربي، الذي يتطلّب فرناً أو مخبزة كبيرة، ويحضر على موائد كل شرائح المجتمع”.
ولفت أن “هذا النوع من الخبز لم يكن موجوداً في السابق، بحيث كان كل شخص يعتمد على صناعة خبزه في بيته. وفي بعض المناطق كان الخبز يُصنَّع بمعدّات بسيطة على الحطب أو قش الصنوبر أو الصاج، ويوزّع على الأحياء.
واشتهر منذ ذلك الوقت الخبز المرقوق، ذو الرغيف الكبير والرقيق. أما بالنسبة إلى أنواع أخرى من الخبز كالطبونة، فكانت تصنعها ربّات المنازل يدوياً من خلال استخدام الأحجار والتراب لصناعة خبزة الطلامة السميكة. أمّا خبز التنور فهو شبيه بالطبونة ولكنه أكبر حجماً وهو أقرب إلى الخبز العربي الصناعي من حيث الشكل”.
مادة مقدسة في المغرب
يُحاط الخبز في المغرب، بقدسية كبيرة في الثقافة الشعبية المحلية، اذ يحضر في جميع الوجبات الغذائية اليومية وحتى في المناسبات، بالتالي يشكل المادة الغذائية الأساسية.
وينقسم إلى صنفين: الخبز المحضر في البيت، والخبز الذي يباع في المخابز. ظل الصنف الأول لقرون النوع الوحيد المستهلك من كل المغاربة، حيث كانت سيدة البيت تحضره بعناية وبشكل شبه يومي، باستخدام الدقيق الطازج الذي تقوم بطحنه بنفسها على الرحى، وتضيف إليه شيئاً من الماء والملح والخميرة التقليدية، إضافة إلى مواد أخرى كالسمسم واليانسون وغيرها، ومن ثم تقوم بطهيه في فرن تقليدي من الطين في جانب من المطبخ، ومع مرور الوقت تم التخلي عن فرن المنزل مع ظهور الأفران الشعبية وتلك المنزلية التي تعمل بالغاز أو الكهرباء.
وكان يتكفل كل واحد من تلك الأفران الشعبية بطهي خبز منازل الحارة التي يتواجد فيها، مقابل مبلغ زهيد من المال. ومع تراجع عدد هذا النوع من الأفران، بقي عدد قليل منها في بعض المدن المغربية.
ومع التطور الذي شهدته البلاد خلال العقود الأخيرة، وانخراط المرأة في سوق العمل، تراجع بشكل كبير اعتماد المغاربة على “خبز البيت”، واتجهوا بالتالي إلى اقتناء “خبز السوق” على الرغم من كونه أقل جودة من الناحية الغذائية وأقل مراعاة لتدابير الوقاية الصحية. وأصبحت المخابز المنتشرة في كل المدن تؤمن 70 في المئة من حاجيات المغاربة من الخبز، وذلك بحجم إنتاج يومي يفوق 110 ملايين رغيف، مع معدل استهلاك يفوق ثلاثة أرغفة للفرد يومياً.
مادة مقدسة
يحيط المغاربة الخبز بقدسية شديدة، حافظوا عليها في ثقافتهم الشعبية منذ القدم، بحيث ارتبط التعامل مع الخبز بطقوس معينة. ويتم وضعه عادةً في وعاء خاص يسمى “الطبق”، ويتم الحرص على عدم رمي بقاياه في القمامة بل يتم الاحتفاظ بها لاستخدامها في بعض الأطباق لاحقاً.
كما تحظر تلك الثقافة الشعبية رمي الخبز على الأرض، وعلى من رأى خبزاً مرمياً أرضاً أن يقبله ويضعه في مكان عالٍ لكي يتجنب لعنة قد تلحق به إن لم يقم بذلك. ويشكل تقبيل الخبز حمداً لله على نعمته. و”النعمة” هي من بين أسماء الخبز المتداولة في المغرب. وفي تقاليد الأعراس في بعض المناطق المغربية، تحمل العروس معها خبزة أو قطعة منها كي تجلب فأل الخير معها إلى بيت زوجها.
ولخص الشاعر الصوفي المغربي الذي عاش في القرن الـ 16، عبد الرحمن المجدوب، قدسية الخبز في المغرب في حكمة، قال فيها “الخبز يا الخبز، والخبز هو الإفادة. كون ما كان الخبز، ما تكون لا صلاة ولا عبادة”، في دلالة إلى المكانة الأساسية التي يشهدها الخبز في المجتمع المغربي، باعتباره أساس الحياة.
خبز الجزائر ثروة مهدرة
يُعدّ الجزائريون من أكثر شعوب العالم استهلاكاً لمادة الخبز، بمعدل 50 مليون رغيف في اليوم موجهة للاستهلاك المنزلي والمطاعم والفنادق وغيرها من الخدمات الربحية، وهو ما يفوق العدد الإجمالي للسكان البالغ عددهم 44 مليون نسمة، لكن المفارقة أن 10 ملايين رغيف يُرمى في مكبات النفايات يومياً، وفق تقارير حكومية رسمية، تكتفي بالتحذير من الظاهرة في ظل غياب حلول لكبح هذا التبذير المتنامي.
ووفق دراسة أعدّتها وزارة التجارة الجزائرية، فإن تبذير الجزائريين للخبز، يصل إجمالاً إلى 340 مليون دولار سنوياً، بينما يقدر الاستهلاك اليومي للخبز على المستوى الوطني بـ50 مليون رغيف، منها 10 مليون تبذر يومياً، و 13 مليوناً خلال شهر رمضان، حيث ترتفع معدلات الاستهلاك فيه لدرجات عالية جداً، ما يكلف خزانة الدولة ملايين الدولارات التي تنفق على القمح المستورد.
ضمن هذا السياق، تصل كميات القمح اللين المستعملة في إنتاج الخبز المبذر إلى مليون طن سنوياً، في حين يبلغ دعم الدولة لهذه المادة ذات الاستهلاك الواسع والمفرط 15.5 مليار دينار جزائري (120 مليون دولار).
وتستورد الجزائر أكثر من 7 ملايين طن من القمح اللين سنوياً بقيمة 1.6 مليار دولار، وتنتج أقل من 10 في المئة من احتياجاتها من هذا الصنف من الحبوب، 60 في المئة منه يوجه للمخابز كمادة مدعومة من طرف الدولة، كما تشير إحصاءات رسمية.
مؤشرات مخيفة
التقارير الصادمة عن استهلاك الجزائريين للخبز عديدة ودورية، وفي أحدثها كشفت وزارة الداخلية في حصيلة وصفتها بـ”الثقيلة” و”المؤسفة”، عن “تبذير ما يتجاوز مليون كيلوغرام من الخبز (1.062.646 كيلوغرام) بمعدل يفوق 4 ملايين خبزة (4.250.664 وحدة) في ظرف 20 يوماً”، وذلك خلال الفترة الممتدة من 13 أبريل (نيسان) إلى 2 مايو (أيار) من العام الحالي.
واعتبر التقرير الحكومي، أن هذه الظاهرة “تتنافى مع القيم المتأصلة لمجتمعنا، فضلاً عما تخلفه ظاهرة التبذير والاستهلاك اللاعقلاني لمادة الخبز من آثار اقتصادية بالنظر إلى التكلفة المالية المتعلقة بتموين السوق الوطنية بالمواد الضرورية لإنتاجها، لا سيما مادة القمح اللين والمواد الأساسية المدعومة الأخرى، والتي يتم استيراد كميات منها بالعملة الصعبة”.
ويرجع سبب التبذير الأول، إلى أن المواطنين يطلبون كميات تفوق حاجة أفراد العائلة، ولا يأكلون منها إلا القليل فيما يرمون الباقي في القمامة.
الموائد العراقية تحتفظ برغيف التنور الطيني
ارتبط الموروث الشعبي للخبز في العراق، بالحنين إلى الأم. وإيفاء النذور غالباً ما يتوج بتوزيع أرغفة الخبز مع التمر على الجيران والأقارب أو توزيع “خبز العروق”، الذي يضاف إليه اللحم والتوابل والخضر، كدلالة على بشرى تحققت.
وعلى الرغم من الحياة العصرية وانتشار المعامل التي تعمل بالكهرباء لصناعة الخبز بكل أنواعه، بقي “تنور الطين” لدى العراقيين الوسيلة الأفضل للحصول على الخبز الصحي الخالي من الإضافات. وفي حين انحسر استخدام “تنور الطين” الذي يعمل على الحطب، حافظ التنور الذي يعمل بواسطة النفط أو الغاز على وجوده في مدن العراق.
يستغرق بناء “التنور الطيني” أياماً عدة. وهو على شكل أطواف إلى أن يجف كل طوف ثم يبنى عليه طوف آخر، ويتم تضييق كل طوف جديد إلى أن يضيق الطرف العلوي ويكون بمثابة فتحة. وعبر هذه الفتحة تُشعل النار ويوضع الخبز ويُخرج. وفي أسفل التنور، تترك فتحة صغيرة لدخول الهواء الذي يساعد على اشتعال النار، وتسمى “الخنارة”.



