مهرجان القاهرة السينمائي يُكرم المخرج المصري يسري نصر الله ومنحه جائزة “الهرم الذهبي”


أعلن مهرجان القاهرة السينمائي تكريم المخرج المصري يسري نصر الله، ومنحه جائزة “الهرم الذهبي” خلال فعاليات الدورة 45، المقرر إقامتها في الفترة بين 15 و24 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل تقديرًا لما قدمه طوال مسيرته الفنية الحافلة.

وفي بيان نشرته إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الحالية، عبّر رئيس المهرجان الفنان حسين فهمي عن سعادته بتكريم نصر الله صاحب الأعمال المهمة التي لا يمكن نسيانها، والتي دخلت تاريخ السينما، واصفا نصر الله بالصديق والزميل العزيز.

فهمي قال أيضا إن هناك علاقة ممتدة تجمعه مع يسري نصر الله الذي عمل مدة طويلة مساعدا للمخرج الكبير يوسف شاهين، وكان أيضا حسين فهمي مساعدا له في إحدى الفترات، وأضاف “نحن من مدرسة واحدة، ولنا أفكار واتجاهات فنية متقاربة أو متشابهة، لذلك سعادتي بتكريمه لا توصف، كما أنني سعدت بموافقته على التكريم بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي”.

من جانبه، علّق مدير المهرجان المخرج أمير رمسيس على التكريم بالقول إن نصر الله أحد المخرجين المصريين الذين حققوا علامات سينمائية شهدت نجاحا عالميا كبيرا، وهو من المخرجين المجددين الذين حملت أفلامهم لغة سينمائية خاصة وتجريبا جريئا في مفردات السينما المصرية، وأسهم في التأثير على عدد كبير من شباب المخرجين. وأنهى تصريحه بأنه فخور شخصيا بتكريم يسري نصر الله، الذي أسهم في تكوين شخصيته السينمائية مثل العديد من أبناء جيله.

يسري: متأثر بتكريمي في مصر
وفي تصريح خاص للجزيرة نت، عبّر المخرج الكبير يسري نصر الله عن سعادته بالتكريم من مهرجان القاهرة السينمائي في دورته المقبلة، ومنحه الهرم الذهبي، وقال إن هذا التكريم يعني له الكثير، خاصة أنه تم تكريمه بالفعل في بداياته في العديد من المهرجانات العالمية، لكن التكريم في مصر مختلف بالتأكيد وفي هذا الوقت، وهو متأثر به وبالحب الذي تقابل به أفلامه التي قدمها.

وحول التأثير الكبير للأفلام التي قدمها رغم أنه خلال مشوار فني طويل لم يقدم سوى 10 أفلام، وشارك في إخراج إحدى قصص فيلم “18 يوم”؛ فيقول إن ما يحركه تجاه أي عمل هو الإحساس وليس التواجد فقط، وإن التحضيرات لكل عمل فني تأخذ وقتا، فهو يسعى لتقديم أفلام يظل لها تأثير وحاضرة في السينما، فكل المخرجين الذين أحب أعمالهم أيضا لم يكن اهتمامهم تقديم كم كبير، مثل يوسف شاهين ومحمد خان وخيري بشارة ورضوان الكاشف؛ فكان المعدل تقديم فيلم مثلا كل عامين تقريبا.

وعن مشاريعه المقبلة، قال المخرج المصري إن لديه مشروع فيلم جديدا، لكنه لا يزال متوقفا في الرقابة، إلى جانب مسلسل جديد أيضا يتعاون فيه مع المؤلف محمد أمين راضي بعد تجربتهما معا في “منورة بأهلها”، ولكن لا تزال هذه الأعمال في طور التحضير.

وعبر صفحته على فيسبوك، توجّه نصر الله بالشكر للفنان حسين فهمي والمخرج أمير رمسيس ولإدارة المهرجان كلها.

مدرسة التجريب السينمائي
يسري نصر الله -المولود في 26 يوليو/تموز 1952- مخرج ومؤلف مصري، درس العلوم السياسية والاقتصاد في جامعة القاهرة، قبل أن يتابع الدراسة في المعهد العالي للسينما، ثم ينتقل إلى بيروت ويعمل ناقدا سينمائيا في صحيفة “السفير” خلال الحرب الأهلية اللبنانية.

وعمل نصر الله فترة مساعد مخرج مع المخرج الألماني فولكر شلوندروف في فيلم “المزيف”، والمخرج السوري عمر أميرالاي في الفيلم الوثائقي “مصائب قوم”، قبل أن يعود إلى بلاده عام 1982 ويبدأ مشواره السينمائي.

وفي عام 1985، عمل ضمن فريق مساعدي المخرج الراحل يوسف شاهين في فيلمي “حدوتة مصرية” و”وداعا بونابرت” الذي شارك في كتابة السيناريو الخاص به، واعتمد في لغته السينمائية على التجريب السينمائي (خوض أشكال جديدة وغير تقليدية)، وقدم خلال مسيرته 10 أفلام، إلى جانب مشاركته في إخراج إحدى القصص في فيلم “18 يوم” عن ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، كما اتجه مؤخرا لإخراج المسلسلات، فقدم مسلسل “نمرة 2” الذي قامت ببطولته منى زكي، ومسلسل “منورة بأهلها” مع المؤلف محمد أمين راضي.

وينتمي نصر الله لسينما المؤلف، حيث عمل على كتابة أغلب أفلامه بنفسه، باستثناء عدد قليل من الأعمال التي تعاون فيها مع كتّاب مثل وحيد حامد وناصر عبد الرحمن؛ فبدأ خطواته الأولى مخرجا في فيلم “سرقات صيفية” في عام 1988، الذي عرض لأول مرة في قسم “نصف شهر المخرجين” في مهرجان كان السينمائي في العام نفسه، وبعدها عرض في العديد من الفعاليات العالمية.

وبعدها بسنوات، قدم تجربته الثانية “مرسيدس”، الذي حصل على الجائزة الفضية لمهرجان خربيكة للسينما الأفريقية بالمغرب عام 1994، وأحسن فيلم من جمعية الفيلم في دورته العشرين.

في عام 1995، قدم يسري نصر الله فيلمه الوثائقي “صبيان وبنات”، الذي قدم من خلاله الفنان باسم سمرة -الذي اكتشفه نصر الله، وكان يعمل مدرسا في إحدى المدارس الصناعية- ويتخذ أولى خطواته في مجال الفن، كما يلتقي الفيلم دائرته المقربة من العائلة واﻷصدقاء.

وفي عام 2000، قدم نصر الله أحد أهم أعماله “المدينة”، وكان الفيلم من أوائل تجارب السينما الرقمية في مصر، وشهد تجارب طليعية كثيرة في تحويل الشريط الرقمي إلى شريط سينمائي، وشارك الفيلم في عدد من المهرجانات، منها مهرجان شيكاغو وتورنتو وقرطاج، وحصل على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان لوكارنو.

ليقدّم بعدها المخرج المصري الثنائية الأشهر في مشواره، وهي “باب الشمس” المأخوذ عن رواية للكاتب اللبناني إلياس وري، وأطلق على الجزء الأول “الرحيل” والجزء الثاني “العودة”، وتدور قصته عن مناضل فلسطيني كان يلتقي زوجته خلسة في مغارة باب الشمس ثم يعود لزملائه في تنظيم المقاومة.

وعرض الجزآن معا في مهرجان كان السينمائي في القسم خارج المسابقة الرسمية، وحصل وقتها على وسام فارس في الثقافة والفنون من عمدة مدينة باريس تكريما له، وتم اختيار الفيلم من قبل مجلة “تايم” (Time) في قائمة أفضل 10 أفلام عُرضت عام 2004، كما حصل على المرتبة 42 ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في السينما العربية، حسب استفتاء لنقاد سينمائيين في مهرجان دبي السينمائي الدولي في 2013 في الدورة العاشرة للمهرجان.

وفي عام 2008، عاد نصر الله بتجربة سينمائية جديدة وهي “جنينة الأسماك”، الذي شارك في العام نفسه في بانوراما مهرجان برلين، وكان الفيلم العربي الوحيد المشارك في المهرجان في هذه الدورة.

وبعدها بعام قدم فيلم “احكي يا شهرزاد” الذي تناول من خلاله معاناة المرأة والأزمات النفسية والحياتية التي تمر بها، ومن ثم قدم فيلمه “بعد الموقعة” عام 2012 الذي وثق خلاله كواليس موقعة الجمل ضمن أحداث ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011. وشارك الفيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي في دورته 65، كما عُرض في تورنتو، وعُرض على هامش المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا، وفي المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته التاسعة.

“الماء والخضرة والوجه الحسن” كان آخر أفلامه عام 2016، الذي شارك أيضا في عدد من الفعاليات العالمية، منها المسابقة الرسمية للدورة 69 لمهرجان لوكارنو السينمائي الدولي.

وفي عام 2022، تولى يسري نصر الله رئاسة لجنة تحكيم الأفلام القصيرة في مهرجان كان السينمائي الدولي، ليكون بذلك أول مخرج مصري يرأس لجنة تحكيم في مهرجان كان.