مجموعة ازياء زهير مراد لخريف وشتاء 2021-2022


حين تمنعك الظروف من الاحتفاء، فسيكون من الطبيعي أن تجتهد لأن تظهر أبهج وأفضل ما لديك في أول فرصة متاحة لك، وهذا ما حصل مع مصمم الأزياء اللبناني زهير مراد، خلال عرض أزيائه الأخير في «أسبوع باريس» في السابع من الشهر الجاري في أول عرض أزياء له منذ بدء الجائحة، مقدماً مجموعة تحمل رسالة إلهام للسعي إلى الاحتفاء بالحياة، وكثير من الأمل، مستوحياً ذلك من كرنفالات فينيسيا وجواهرها، تلك المدينة التي لم تقهرها الظروف.

يمكن اعتبار مراد أحد أكثر مصممي الأزياء الذين تضرروا خلال فترة الجائحة، خصوصاً بعد جهد وتعب 20 عاماً من تاريخ مسيرته العملية، خلال انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس من العام الماضي، حيث تهشم مشغل ومقر دار أزيائه الشهير المكون من مبنى كامل خلال الانفجار، ما اعتبره المصمم خسارة فادحة، إلى جانب الجائحة التي شلّت حركة العالم وصناعة الأزياء بالتحديد، قائلاً: «لقد تدمر بشكل كامل أرشيفي الغالي أكلته النيران، لقد خسرت نحو ثلاثة أرباعه، لقد كان عمل 20 عاماً»، في لقاء عبر «زووم» مع مجلة «فوغ»، مضيفاً بأمل: «لكن ها نحن هنا الآن مستعدون للعودة من جديد، فالمرونة والقدرة على التكيف هما صفات محفورة في مجتمعنا بعمق».

ترجمة السعادة

السعادة والشعور بأنه عاد إلى الحياة، هي واحدة من المشاعر التي أعطت المصمم القوة خلال فترة العمل على المجموعة، «وهي المشاعر التي أردت أن أترجمها إلى فساتين تحتفي بالتجديد والأمل، وهو ما طالبني به جميع محبيني وزبائني أيضاً، يشعر الجميع بأنهم بحاجة إلى أن يعودوا إلى حياتهم الطبيعية السعيدة، والخروج مرة أخرى، وشراء فساتين الحفلات، والشعور بأنهن جميلات»، وهذا ما حققه في مجموعته الأخيرة، التي جاءت بعد توقف 18 شهراً.

فينيسيا الشجاعة

لم يجد مراد إلهاماً أقرب وأجمل من مدينة فينيسيا الإيطالية لينطلق منها في تنفيذ مجموعته، تلك المدينة التي تنقصها الفخامة والبهاء والروعة، حيث وفرت المدينة بعناصرها الخلابة، وتاريخها الشجاع مرجعاً مثالياً له، بتداخلها وتأثرها الملحوظ بالجماليات الشرق أوسطية، كونها كانت مرفأ لتجّار العالم بكل ما يحملونه من ثقافات وسحر، وهي المدينة التي استطاعت أن تنهض على مدى عصور طويلة، من الآلام، وحروب، وغزوات، ودمار، وأوبئة، لتعود في كل مرة أجمل من السابق وبسحر غير ممسوس، فكانت بالنسبة لمراد جوهر تشكيلته التي وجدت في كرنفالات فينيسا الشهيرة وأقنعتها المزخرفة سبباً آخر للاحتفال.

بين زهور حديقة مدرسة لويس الكبيرة الثانوية، تلك المدرسة العريقة التي تعود إلى القرن الـ16، بدأت سلسلة الفساتين المترفة شديدة الفخامة، بكثير من الزخرفات والقلائد الكريستالية، والأحجار المتراقصة، فوق أمواج لا متناهية من الطبقات الحريرية الهفهافة المنسابة تارة، والملتوية تارة أخرى، دون أن يتوانى المصمم من إبراز نقاط قوته المعروفة، في التركيز على البذخ والترف، المحيط بقصات شديدة الأنوثة.

حرائر وجواهر

بين طبقات التور، والحرائر، حرص المصمم على التنويع في أنواع الخامات، التي اجتمعت على الترف، وتفاوتت في قدرتها على التماسك أو الانسدال بحسب حاجة التصاميم، التي كانت جميعها – من دون استثناء – فساتين للسجادة الحمراء، معتمداً على أحجار المورانو ذات التدرّجات وألوان الأحجار الكريمة، والكريستالات اللامتناهية، والقلائد المتدلية في طبقات مستمرة، فوق وبين بالونات من الأكمام والتنانير، والأردية الحريرية.

لم يبخل المصمم في التركيز على ملك الألوان الأسود في خاماته التي تزيّنت بأحجار من ألوان المجوهرات، معتمداً في مجموعته على «باليتة» من هذه الألوان الغنية، مثل الياقوتي، والزمردي، إضافة إلى لون الزفير كدرجة من درجات الأزرق الداكن، التي تراقصت كقلائد في ثريات الملكية، وهو ما أوضحه المصمم لموقع «وومن ويرز ديلي» خلف كواليس العرض قائلاً: «إن السيدات يرغبن في أن يكن تحت الأضواء، يبرقن تحتها كما لو كن ثريات مضيئة في قصر يطل على القنال الكبير لفينيسيا».