“هيئة الأمم المتحدة للمرأة” تدرّب أكثر من 100 من النساء على إدارة النزاعات والوقاية منها


جرى إعداد أكثر من مائة امرأة، ضمن ثلاث شبكات وساطة في لبنان، للعمل على معالجة التوتر والنزاع في المجتمعات المحلية، وذلك بدعم من “هيئة الأمم المتحدة للمرأة” عبر مشروعها: “تعزيز الاستقرار والتماسك الاجتماعي في لبنان من خلال إشراك النساء في الوقاية من النزاعات وإدارتها”.

اختتم هذا المشروع أخيراً، وكان قد أطلق في أيار/مايو 2019 بمساهمة سخية من “مؤسسة ريبيكا دايكس”  (RDF)التي تأسست في أعقاب الوفاة المأسوية لريبيكا دايكس، العاملة في السفارة البريطانية في لبنان، في كانون الأول/ديسمبر 2017.

بفضل الدعم المقدّم من المؤسسة قامت “هيئة الأمم المتحدة للمرأة” من  بمساعدة النساء على تحديد ماهية الصراعات والنزاعات المحلية، والوقاية منها، وإدارة التوترات ضمن مجتمعاتهن المحلية.

وبالشراكة مع “المركز المهني للوساطة” في “جامعة القديس يوسف”، دعمت “هيئة الأمم المتحدة للمرأة” تشكيل ثلاث  شبكات وساطة نسائية في صور والعبّاسية ومخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان. ومن خلال هذه الشبكات، تلقّت النساء القياديات في المجتمعات المحلية تدريباً معتمداً على الاستماع النشط والحوار وتسوية الخلافات، فضلا عن  مساعدةفي تحديد النزاعات والتوترات المحتملة التي يمكنهن  التصدي لها وحيث يطبقن ما تعلمنه ، بالشراكة مع قادة المجتمع المحلي الآخرين. وقد جرى توسيع نطاق دورات التدريب لتشمل نساء من مخيمي شاتيلا وبرج البراجنة في بيروت.

وكمثال على إنجازات هذه المشاركات، عملت مجموعة من الوسيطات المجتمعيات المدرّبات، في آذار/مارس 2020، مع تلاميذ في “المدرسة العاملية الجنوبية”، في جنوب لبنان، تتراوح أعمارهم بين 10 سنوات و13 سنة، على معالجة قضايا العنف المدرسي. وجمعت الوسيطات بين الأساتذة والآباء والتلاميذ، واستخدمن أساليباً تراوحت بين أداء الأدوار، والألعاب، والنقاش للتأكيد على أهمية أدوات التواصل اللا عنفيّة ، ولتيسير النقاش بين الآباء  والأساتذة. وعملت مجموعة أخرى، خلال إجراءات الإغلاق  المتّخذة للتصدي لجائحة كوفيد-19 في لبنان، عن كثب مع بلدية العبّاسية لخفض التوترات داخل الأسر وتهدئتها، في محاولة للحد من المعدلات المتزايدة من العنف ضد النساء. كما استخدمت نساء ينتمين إلى الشبكات ما تعلمنه من مهارات للوساطة في نزاع مجتمعي حول استخدام الأراضي، وشكّلن “ديوان الوساطة” لإطلاع مجتمعاتهن المحلية على سبل الوقاية من نشوب النزاعات، وليكون بمثابة مركز استماع للناس بشأن شواغل المجتمع المحلي وما يشهد من نزاعات.

قالت السيدة راشيل دور-ويكس، رئيسة مكتب “هيئة الأمم المتحدة للمرأة” في لبنان: “إن هيئة الأمم المتحدة للمرأة ممتنّة على نحو كبير لأسرة ريبيكا وأصدقائها، الذين دعمونا من خلال “مؤسسة ريبيكا دايكس” في تطبيق هذا العمل الريادي المهم في جنوب لبنان وفي المجتمعات المحلية الفلسطينية، والحال ان ذلك أثر على حياة النساء بطرق لا حصر لها.  يدعم هذا العمل على نحو معين الوقاية من العنف، ويكرس الحوار كوسيلة متفق عليها لمعالجة الصراعات والنزاعات”.

وقالت السيدة جوانا بورجيلي، مديرة “المركز المهني للوساطة”: “تشمل مهمتنا إعداد هؤلاء النساء حتى يتمكننّ من المشاركة في إدارة النزاعات بطريقة ودية، ولكن الأهم من ذلك أننا حرصنا على مرافقتهن في مسار تحول جذري على المستوى الشخصي. نأمل لهؤلاء النساء أن يصبحن قدوة وعناصر للسلام في قلوب أسرهن وبين أفراد مجتمعاتهن المحلية”.

والحال ان مشاركة النساء في السلام والأمن على مستوى المجتمع المحلي وعلى الصعيد الوطني عامل أساسي في بناء السلام المستدام في لبنان. وحتى الساعة، تتعرض النساء للإقصاء، بدرجة كبيرة، من بنى السلام والأمن في البلد. فلم يشاركن، مثلاً، في اتفاق الطائف، الذي أبرم في عام 1989 وأنهى الحرب الأهلية في لبنان في عام 1990، كما لم ينخرطن في الحوارات الوطنية اللاحقة، ولا يزال تمثيلهن ناقصاً في المؤسسات الأمنية الوطنية.

تدعم “هيئة الأمم المتحدة للمرأة” الحكومة اللبنانية، من خلال “الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية” وشركاء من الأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني، في إقرار وتنفيذ خطة العمل الوطنية بشأن بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325، التي تهدف إلى زيادة مشاركة المرأة في عمليات صنع القرار على جميع المستويات، وتوفير إطار حاسم للسلام والاستقرار الدائمين في لبنان. وتقود “هيئة الأمم المتحدة للمرأة” جهود الأمم المتحدة في البلاد لضمان مشاركة النساء في المداولات حول السلام والأمن الوطنيين، بالشراكة مع مجموعة من الشركاء، من الأمم المتحدة والحكومة والمجتمع المدني.

ويُنفّذ هذا المشروع في إطار جهود “هيئة الأمم المتحدة للمرأة” الداعمة لتنفيذ “خطة العمل الوطنية لتنفيذ القرار 1325، التي تستكمل بأنشطة هادفة تتعلق بالوساطة وحل النزاعات دون اللجوء إلى العنف، مع تركيز على مستوى المجتمعات المحلية وعلى الصعيد الوطني. وبدعم سخيّ من حكومة فنلندا، تعمل “هيئة الأمم المتحدة للمرأة” في عام 2021 على توسيع نطاق هذه الأنشطة لتشمل مناطق أخرى من البلد، معتبرة ذلك أولوية ملحّة في سياق ما يواجهه لبنان من توترات متزايدة وتحديات لأمنه الاقتصادي والسياسي.