“ضروري نحكي” يودع العام بحقيقةٍ اقتصادية ونافذة أمل


ختم ضروري نحكي العام بحلقة نارية وضعت الناس أمام مرآة الحقيقة الاقتصادية المرة، أزمة الدولار في ظل الكباش الحكومي، واقع الودائع ومصير لبنان المالي… ملفات ناقشتها الاعلامية داليا داغر بجرأة مع الخبير المصرفي المتهم بـ”التهويل” لصراحته، ولعدم اتباعه سياسة الاختباء خلف الإصبع والالتفاف حول الحقيقة.  وبوسط زحمة الخيبات الاقتصادية والسياسية كان في حلقة هذا الاسبوع نافذة أمل على تيليتون 2019 مع رئيس جمعيه الاطباء اللبنانيين الفرنسيين الدكتور حسان الحسيني والناقد الفني الدكتور جمال فياض.

 

مقدمة ضروري نحكي

واستهلت داغر حلقتها بالسؤال: “من الـ 19 إلى 2020 ، بماذا ستخاطب السنة الجديدة السنةَ الراحلة ؟هل تقول لها: ما هذه التركة الثقيلة التي أورثتيني إياها؟ هل ستقول لها: إن أعباءَكِ أكثر مما تُحتَمَل؟ إذا كان لبنان قد حقق (لبنانَ الكبير) في 1920 فما هو اللبنان الذي سيتحقق في 2020 ؟”.

وأضافت داغر: “من المبكرِ جدًا جدًا إعطاءُ الجواب، فلبنان 2019 كان في ربعِه الأخير خليطًا من الإحتجاجِ والحِراكِ والإنتفاضةِ والثورة. الجامعُ المشترَك بين هذه التوصيفاتِ الأربعة أنها تقفُ عند مفترقِ طرقٍ  كلُها مستمرةٌ ولو بتفاوتٍ بين ما كانت البداية وما وصلت إليه . ولا أحد يعرف كيف ستنتهي ؟ مصارف تتحكم بأموالِ المودعين او تحجبُها عنهم أو ربما لم تعدْ تملكُها … الرواياتُ متعددةٌ :

منهم مَن يقول إن مصرفَ لبنان يضبطُ حركةَ الدولار للمحافظةِ على القطاعِ المصرفي وتاليًا على هيكلِ الإقتصادِ اللبناني. منهم مَن يعتبر ان السياسةَ النقديةَ لمصرفِ لبنان ادت إلى ما أدت إليه. منهم مَن يعتبر ان المشكلةَ في السياسةِ وليست في النقد، فحين تتحسنُ السياسةُ يتحسنُ الوضعُ النقديُ والإقتصادي . المواطنُ ضائعٌ … مَن يملكُ الحقيقةَ ليُطمئنَه ؟ حتى الساعة ليس هناك ما يُطمئنُ أو مَن يطمئن”.

وفي الموضوع الحكومة قالت داغر: “هل اصبح الوضعُ فوق طاقةِ الجميع ؟

هل يكفي تشكيلُ حكومةٍ لوقفِ الانهيار ؟ كانت هناك حكومةٌ ، فماذا فعلت ؟وماذا تستطيع حكومةٌ جديدةٌ ان تفعلَ اكثر مما فعلته الحكومةُ السابقة ؟”.

وختمت: “على رغم ما شهدته 2019 من مصاعبَ وانهياراتٍ … الأملُ كل الأملِ في 2020 ان تكون سنةَ الخروجِ من النفق …نحن أبناءُ إيمانٍ وأبناءُ رجاء …نحن نؤمن بأنها ليست المرة الأولى التي يمرُ فيها لبنان بنكبة …هذا الوطنُ الصغير عاشَ حروبًا وتعايشَ معها وخرجَ منها منتصرًا …فلنعتبِر ما نمر به حربًا نعيشُها ونتعايشُ معها لكننا سنخرجُ منها كما خرجنا من غيرها بتعاضدِنا ووحدتِنا”.

 

الناقد الفني جمال فياض

وفي الفقرة الأولى التي خصِصت للحديث عن أهمية العمل الانساني والتكاتف الاجتماعي في ظل الظروف الصعبة التي يشهدها لبنان وبالأخص تيليتون سطوح بيروت 2019، توجه الناقد الفني الدكتور جمال فياض لداليا داغر بالقول: “انتِ وأمثالك سخرهم الله للعطاء والمحبة.. ومن يعطي يكون سعيد اكثر بمليون مرة ممّن يتلقى المساعدة.. ومن يكبر على إنسانيته هو الذي يكون أقوى في الحياة”.

وبالحديث عن تجربته في تيليتون 2019 أشار فياض إلى أن مما لفته في التيليتون الترحيب الحار من الوزير غسان عطالله بالمتبرعين والروح الانسانية التي كانت بحد ذاتها ظاهرة لدى الاطفال الذين (كسروا قججهم) وتبرعوا بما فيها لحالات التيليتون”.

وعن اعدم مشاركة الفنانين اللبنانيين بالتيليتون قال فياض: “لكل فنان حالته وظرفه الخاص، لكن الفنان البطل لا يأبه لما قيل او سيقال عنه في حال ظهوره على اي قناة كانت، طالما العنوان انساني، وإن كنا قد نتفهم عدم المشاركة الفنية لظروف معينة لكن لم افهم عدم الاتصال والتبرع من قبل الفنانين الذين هم بالنهاية أموالهم هي من الناس”. وأضاف: “ولذلك فضحت اسم الفنانة التي سكّرت المبلغ في في اليوم التالي لأنه ليس من العادل أن يتم الحديث عن الفنانين سواسية في هكذا وضع”.

 

رئيس جمعية الأطباء اللبنانيين الفرنسيين حسان الحسيني

وبدوره أشاد رئيس جمعية الأطباء اللبنانيين الفرنسيين الدكتور حسان الحسيني بالتيليتون، وأكد أن “المرض والإعاقة لا دين لهما ولا جنسية ولا لون بشرة” وأضاف: “وضع البلد اليوم يذكرنا بالمثل القبيح (فالج لا تعالج) لكن بوضعنا هذا يجب ان نقول فالج عجّل تعالج، فلا يجب ان ننتظر الموت او الكوما ونخسر البلد”.

وعن جمعية الأطباء اللبنانيين الفرنسيين قال الحسيني: “جمعيتنا تشكلت منذ 30 سنة ولدينا 5 آلاف طبيب في فرنسا من اصل لبناني، ولا يكاد يخلو مستشفى من طبيب لبناني وفي اعلى المناصب من عمداء ورؤساء اقسام ورؤساء ابحاث عالمية ورؤساء مختبرات… وقررنا أن نشكل لجنة من 15 اختصاصياً يأخذون على عاتقهم رؤية المريض عبر الكاميرات والفيديو ودراسة ملفه وتشخيص حالته ومن ثم تحديد طريق العلاج ومن الغد يمكن التعاون مع جمعية سطوح بيروت في هذا الإطار”.

 

الخبير المصرفي حسن خليل

وبالانتقال للاقتصاد، الهم الجامع للبنانيين والذي يورثه العام 2019 لسلفه الـ2020، أشار الخبير المصرفي حسن خليل الى أنه “منذ 22 سنة قلت في مقابلة تلفزيونية لي ان النظام القائم لا بد انه سيؤدي الى الانهيار، وهناك ناس ليس لهم ذنب بما وصلنا له اليوم لكن لا بد ان يضحوا لنخرج من النفق الذي نحن فيه، ومن لهم ذنب اقول لهم ليعودوا لأنفسهم ويستغلوا الفرصة الاخيرة عبر اتباع حلول تقنية انقاذية. هناك آلاف مؤلفة من الكفاءات اللبنانية الشابة مغيبة بسبب النظام الطائفي، وموجوعة لعدم استعمال خبراتها في خلاص البلد.. فأين هم هؤلاء من تشكيل الحكومات؟ ولماذا معظم المرشحين للحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة هم ممن (يتكّسو) الدوام عند الزعيم وعاشوا كل الفترة السابقة يكذبون على الناس وعلى أنفسهم”.

واضاف: “عرضت على الحراك الشعبي خارطة طريق وخطة عمل للمساهمة فعليا بخلاص البلد، لكنهم رفضوا وقالوا لي لا قيادة للثورة ولينهار النظام وكلن يعني كلن”.

“عُزلت اجتماعيا وحوربت في مصالحي بسبب موقفي الداعم للمقاومة، وبنفس الوقت اسمي مغيب شيعياً في الحكومات كونني لا أنتمي لأي جهة سياسية، علما أن من يدخل اليوم الى الحكومة يكون استشهادياً، ولو استدعيت لولي حقيبة المال لصارحت الناس بالحقيقة… وبأن هناك فرصة أخيرة للانقاذ لها ثمن قاسٍ جدا، وبأنهم سيعيشون بالقلّة”.

وعن وزير المال علي حسن خليل قال خليل: “لست راضٍ عن أداء وزير المال علي حسن خليل… نحن اليوم في وضع استثنائي فأين هو وزير المال، في الازمة المالية اليونانية كان رئيس الوزراء ووزير المال لا يغادران الشاشات والساحات” ورداً على قول الوزير “سياسات صندوق النقد تؤثر على الفقراء في لبنان ويجب أن نعتمد على أنفسنا وأصدقائنا في الخارج” عقّب خليل “وأنا اسأله ماذا تعرف عن صندوق النقد الدولي.. صرخنا كثيرا عندما كان الدين العام 18 مليار ولم يستجب اي سياسي لصراخنا، اليوم اصبح الدين العام 120 مليار ولتقبّل يديك إن قام صندوق النقد بمساعدة لبنان”.

وفي الودائع اشار الخبير المصرفي: “بحسب آخر تقرير لجمعية المصارف كانت الودائع تقدر بـ 176 مليون دولار أي من حوالي شهرين لكن لا نعرف الارقام الحقيقية التي خرجت خلال هذين الشهرين، وفي الواقع معظم الودائع صرفت، القليل منها ذهب لتمويل القروض في القطاع الخاص وما تبقى ذهبت هدر وفساد وسرقة إما عبر تمويل الدولة وإما في السياسات النقدية من المصرف المركزي بمليارات الدولارات لإنقاذ البنوك المتعثرة وتمويل القطاع العقاري وغيرها…حاكم مصرف لبنان يقول اليوم ان هناك 30 مليار في البنك المركزي لكن المبلغ لم يعد كما هو بعد تسديد سندات اليوروبوند مؤخراً”.

وكشف خليل في هذا الإطار انه تعرض للمقاضاة في لندن وكاد أن يخسر منصبه وعمله عندما قال انه “حرام أن يرسل المغتربين اموالهم الى لبنان من دون اصلاح مالي” وذلك بعد ان حاول كل من حاكم مصرف لبنان ورئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري تشكيل لجنة قضائية لمقاضاة خليل، على حدّ تعبير الأخير.

ومن الحلول الانقاذية التي تحدث عنها خليل والتي لها أن توصلنا الى فائض في الموازنة العامة خلال 6 اشهر: “وقف دعم الكهرباء (يوفر 2 مليار) ضرب بينة الفوائد (توفر 4 مليار) ووقف الهدر والتهرب الجمركي والضرائبي، ولا بد من اعادة هيكلية وجدولة الدين العام لتخفيض الدين العام، وإعادة ادخال الدولار الى البلد عبر دمج المصارف في 6 مصارف كبيرة موثوقة تجذب وتستعيد ثقة المودعين”.

وتابع في سرد الحلول: “نحن بحاجة اليوم لـ25 مليون دولار كرأس مال في المصارف، وإعادة تفعيل القروض للسياحة والزراعة والصناعة، ورفع الرسوم الجمركية على الكماليات واستيراد الحد الادنى لنقوم بالدولة”. وأكد أن “لبنان بلد غير مؤهل ليكون لديه عملة وطنية ولذلك انا مع فكرة الدولرة، وإن كان للعملة الوطنية رمز سيادي فليكن الابقاء عليها مقابل تحديد الطبع السنوي مقابل دخول كمية محددة من الدولار مع منع خروج الدولار من البلد لاننا اذا بقينا في هذا المسار فنحن لسنا ذاهبين الى سيناريو فنزويلا بل الى سيناريو الصومال الغائبة منذ 30 سنة عن الخارطة العالمية”.

وكشف أن “المصرف المركزي طبع بالليرة اللبنانية منذ العام 2016 ما يفوق الـ 20 مليار دولار من دون اي احتياط من الدولار، واستخراج النفط بظل الوضع الراهن يعني سرقة جيل اولادنا واحفادنا كما تمت سرقة اموال آبائنا وأجدادنا، أما مؤتمر سيدر ليس إلا آلية، أما الحلول المقترحة اليوم فكانت مقترحة في العام 2012 لكن الفرق ان الأرقام ارتفعت واذا بقي الوضع على ما هو عليه سنكون امام تجربة الصومال، اي ارتفاع نسبة الإنتحار والسرقة والجرائم وقبض الخوات، وزعزعة الأمن الإجتماعي”.

وفي الحكومة قال خليل: “ما يحصل اليوم هو جرائم بحق الانسانية، فكيف يحق لهم حجب المال عن والد يريد تحويل قسط الجامعة لابنه في الخارج، واذا استمر نظام المحاصصة سيدفع المواطن الثمن، وإما ان يقف الآن على ابواب المسؤولين ليطالب بحكومة اختصاصيين ولاءهم لوطنهم لا للزعيم لينهض بوطنه، وإما ان يقف مفلساً في مرحلة لاحقة، وللرئيس حسان دياب أقول: عليك ان ترفض تشكيل الحكومة تحت ضغوط سياسية، او اعتذر عن التشكيل، وأمامك فرصة ذهبية اليوم لتكون رجل تاريخي وتكون افضل رئيس حكومة من الـ43 حتى الآن او تكون كمن يطلق الرصاص على رجليه”.

وختم خليل بإعلانه “الاستعداد للتعاون مع اي سياسي اقتنع بكلامه اليوم للوصول الى حلّ”

 

وبدورها ختمت داغر في الحلقة الأخيرة من ضروري نحكي لهذا العام بقولها: “مسؤوليتنا كبيرة فلنتكاتف ونتضامن خلف فِكر رئيس استثنائي للنهوض ببلد بعيد عن الطوائف والمصالح الضيقة.. إيماننا كبير بكل لبناني فلنوجه البوصلة ولنعرف كيف نضحي لاجل هذا البلد… وكل عام وأنتم بخير”.