طارق سعد يكتب: ولد الغلابة .. عندما فعلها السقا


 

لا خلاف على ما يتمتع به “أحمد السقا” من سحر خاص على الشاشة وكاريزما وشخصية وأدوات جعلته يتربع على قمة نجوم جيله إن لم يكن هو نجم هذا الجيل بلا منافس وهو ما صنع شعبيته خلال سنوات طويلة قدم فيها على شاشة السينما من نجاحات مدوية جذبت الجماهير إلى شبابيك تذاكره وأهلته للتواجد بين هذه الجماهير بالذهاب إليهم من خلال الدراما فالـ “سقا” طالما يشع نوراً فى كل حالاته.

 

نجاحات “السقا” السينمائية والتى صنعت منه بطلاً جماهيرياً جعلت جميع المشاهدين يحتفون بطلته على الشاشة الصغيرة وهو ما ارتكن إليه “السقا” فى اختياراته وقدم عدداً من المسلسلات حققت نجاحات متنوعة إلا أنه قرر فجأة أن يفعلها بـ “ولد الغلابة” … وفعلها “السقا”.

 

ماذا فعل “السقا”؟!

 

تمرد “السقا” على نفسه وعلى أدواره التى يقدمها وعرفه بها الجمهور فعلامة “السقا” هى الحركة والشقاوة فـهو له قالب فى كل أعماله حتى لو امتهن الشر فى “الجزيرة” أو “إبراهيم الأبيض” أو درامياً فى “الحصان الأسود” فيكون “عصب” الـ “سقا” طاغٍ ولأنه متمرد بطبعه فجاء بـ “ولد الغلابة” ليحقق المفاجأة الكبرى لجمهوره من خلال “عيسى الغانم” المدرس المطحون المقهور الذى تدفعه ظروفه السيئة ليصبح تاجر مخدرات و “قتال قتلة”!

 

استطاع “السقا” أن يخرج من جلده تماماً ويقدم نفسه من جديد كممثل له حضوره التمثيلي وثقله على الشاشة ويقدم أداءً جديداً محافظاً فيه على خفة ظله وبذكائه المعهود ابتعد بتفاصيله عن “تيتو” ليقفز “السقا” واحدة من قفزاته الشهيرة ولكن درامياً ويتربع بـ “ولد الغلابة” على القمة ليصل أخيراً للمكان الذى يناسبه ويليق به تماماً.

 

لعب “السقا” دوراً موازياً أمام الكاميرات فرغم بطولته للعمل إلا أنه صنع بطولات محيطة به وهو ما يتميز به “السقا” فى كل أعماله إلا أن “ولد الغلابة” حالة خاصة فلم يبخل فيه “السقا” على زملائه بمقاسمته البطولة بل أصبح كل من يحيط بـ “السقا” بطلاً لدوره وباحترافية ونية صافية أفسح المجال للجميع ليلمع معه فتقدم “إنجي المقدم” أقوى وأهم أدوارها على الإطلاق و”محمد ممدوح” الذى صنع ثقلاً بقدراته وأثبت أننا أمام ممثل ثقيل فنياً أتاح له “السقا” فرصة للظهور بشكل مختلف كذلك “كريم عفيفي” الذى خرج أيضاً من دوامة الكوميديا الفارغة ليدخل فى ظل “السقا” لمنطقة جديدة تماماً تفتح له أبواباً جديدة وتصنع منه ممثلاً حقيقياً وكذلك “إدوارد” الذى أعيد اكتشافه وخرج منه ممثلاً يستحق التواجد بشكل مختلف فى الأعمال القادمة ليختمها بمفاجأة الجمهور بظهور غير تقليدي لـ “أحمد زاهر” حصد به نجاحاً موازياً لنجاحاته فى الأعمال التى يشارك فى بطولتها كاملة … أما نجم بحجم “هادي الجيار” فهو يثبت عملاً وراء الآخر أنه قوة لا يستهان بها بنضوج فني وأداء الشباب  فهو رمانة ميزان لأى عمل يشارك به.

 

أعاد “السقا” روح الثنائي التي غابت عنه منذ سنوات مع غياب “منى زكى” التى كانت تتضاعف الإضاءة على الشاشة بوقوفهما معاً أمام الكاميرا واكتشف منطقة جديدة لمعت فيها “مي عمر” بشكل واضح وأضاف لها بريق “السقا” بريقاً لتكشف للمشاهد أنه أمام ممثلة تعرف جيداً ماذا تريد وتقدر حجم النجم الذى تقف أمامه وتستطيع تكوين ثنائي جديد معه هو الأصعب على الإطلاق لوضعه فى مقارنة دائمة مع حضور “منى زكى” إلا أن “مي” بذكائها وبساطتها استطاعت ان تحجز لنفسها مساحة خاصة تحتاج من “السقا” استكمال المشوار معها سينمائياً.

 

تعاون “السقا” مع أحد أهم نجوم الإخراج إن لم يكن مصنفاً الأفضل وهو رجل التفاصيل الأول “محمد سامي” الوحيد القادر على إعادة صياغة أي ممثل يعمل معه فـ “سامي” صاحب النجاحات الأعلى فى المشوار الدرامي للنجوم التى تعاونت معه بدأت برهان “تامر حسنى – آدم” ثم “غادة عبد الرازق-حكاية حياة” ثم “محمد رمضان – الأسطورة” وفى جميع تلك الأعمال أعاد تقديم كل النجوم المشاركة فيها بشكل جديد ومختلف وهو ما مارس به هوايته فى “ولد الغلابة” ليصنع من كل مشهد عملاً منفرداً بأبطاله.

 

بين كل التفاصيل كانت التفصيلة الأهم للـ “السقا” وهو قدرته على التغلب على عصبه والتحكم فى الحركة الاهتزازية اللاإرادية والتى أصابته منذ وفاة والده وعانى “السقا” نفسه منها كثيراً ولكنه أمام ذلك أصر على التخلص منها وهو ذكاء يحسب له أنه يرى كل التفاصيل الإيجابية والسلبية ويتعامل معها باحترافية وهو ما أضاف لأدائه وحضوره كثيراً .

 

نجاح “ولد الغلابة” بُني على عوامل كثيرة أهمها توفير صناع العمل لكل متطلبات هذا النجاح وتلمح فى الكواليس أن هناك قراراً خفياً اتخذته جهة الإنتاج مع “السقا” وقت توقيع العمل بهذا الشكل من النجاح فكانت التفاصيل الدقيقة والمجهود فى الصياغة التى حققت الهدف منها تماماً برعاية” السقا”.

 

ما فعله “السقا” أصبح مسئولية ثقيلة يتحملها على كتفيه فى اختياراته القادمة لأن الجمهور الذى ينتظر منه الاستمرار لن يقبل منه التراجع حتى ولو ربع خطوة بعد أن فعلها أخيراً … فهل يفعلها؟