شتّي يا بيروت…فيض الحبّ بين عابد فهد وابنه أيوب ونفوس منهكة من الألم…شركة الصبّاح تفوز مع “أيوب” بالسبق الدرامي


بقلم – فاطمة داود

أمطار شتي يا بيروت هطلت على قلوبنا لتثلجها وتبعث فيها الانتعاش. انها لحظة يقظة خطفت أنظارنا الى دراما واقعية تلامس مشاعرنا وأحاسيسنا. همومنا ومشاكلنا. وإن لم تخلو من خصوصية ولادة طفل صغير من ذوي الهمم بمتلازمة دوان. “أيوب” الطفل المعجزة بحبّه وعاطفته والكاريزما الفائقة التي يتمتع بها نثر الحبّ على الممثلين وأغدق عليهم ابتسامات ترطب جفاف الأيام وقساوتها. شركة الصباح إخوان وصلت الى حدّ المجازفات، بعدما حققت انتصارات خلال سنوات طويلة في السينما والدراما، واصبح لها حصّة الأسد بالعروض التلفزيونية عربياً وعالمياً. اليوم، حان وقت الإنقلابات الجميلة، والقصص المختلفة غير المسبوقة. تبّنت “شركة الصبّاح إخوان” قصة الطفل “أيوب” (حسن مرعي) الذي يعيش أحداث درامية ويمثّلها ضمن سياق القصة دون تكلّف او تصنع ليتحوّل هذا المسلسل الى مبادرة وخطوة جبارة في مجال دمج أصحاب الهمم بعالم الدراما والتلفزيون.

وإن كان مسلسل شتي يا بيروت (30 حلقة على منصة شاهد) الأول من نوعه إلا انه قطع آلاف الأميال وقفز بعيداً ليحقق أهداف مئات الجمعيات الخاصة ووزارات الشؤون الاجتماعية خلال شهر واحد فقط. إنها الدراما يا سادة. القوة الناعمة الأشد تأثيراً والأكثر حضوراً في المجتمعات العربية. شركة الصباح تفوز بهذا الإنجاز عسى ان تصل العدوى الى كل الشركات الإنتاجية فنحن بحاجة الى أعمال مثيلة على مدى العام وليس موسمياً فقط.

الطفل “أيوب” عاش مع والد (عابد فهد بدور عبد الله) عانى المرارة بعد مقتل عمّه بالخطأ في مشادّة حدثت بين والده وعمّه بسبب خطفه لإبنة عمّه وزواجه منها (ديما بياعة بدور مريم)، ليهرب “عبد الله” من سوريا الى بيروت حاملاً معه خيبات الزمن وانكسار الحلم الذي تحطّم على الحدود بعد موت زوجته “مريم” أثناء الولادة وتعرّضها لنزيف حاد. الحياة لم تكتف بتعذيبه بل تفننت بخسارات أكثر فداحة ليجد نفسه الأم والأب لطفله الوحيد “أيوب” مع مواجهة رفض المدارس احتضانه لعدم امتلاكه أوراقاً ثبوتية لهويته أو جواز سفر. في هذا العمل الرائع يحسب للممثل الكبير عابد فهد سلاسة حواراته مع “أيوب” متفوقاً على ذاته تمثيلياً وهو النجم المخضرم صاحب الإنجازات الطويلة.

حاول “عبد الله” (عابد فهد) ان يجد حياة معيشية كريمة في بيروت بشراكته مع صديقه ” وليد” (فادي ابي سمرا) لكن الأزمات الاقتصادية وتهريب البنزين على الحدود فرّق بينهما بعدما اختار “عابد فهد” نجدة الناس المقهورة والواقفة في طوابير المحطات في حين رفض “وليد” هذا الأمر لاهثاً وراء الدولارات. هكذا، خطّت نهاية “وليد” الوخيمة بعدما دخل في بزنس مافيات التهريب وراح حرقاً ضحية الصراعات بين العصابات.

قصة واقعية رئيسية دارت حولها كاميرات المخرج المبدع إيلي السمعان بتجربة درامية ستشكل منعطفاً مهماً في مسيرته الفنية، حتى بات القول ان ايلي السمعان قبل “شتي يا بيروت” هو غيره بعدها. لم يكن السمعان محركاً فقط لكاميرا من هنا أو زاوية تصوير من هناك بل كان معالجاً نفسياً لشخصيات المسلسل. لم يخيب أمل الكاتب الساحر “بلال شحادات” بل أغدق المشاعر وأحاسيس الألم على الورق ليخرج الجميع وكأنهم يسكنون حولنا. هم ليسوا بعيدين بحزنهم وعذاباتهم، فقراء أو أغنياء. ها هي “اماني” (أدتها الممثلة السا زغيب) تحزننا على كفاحها بلا ثمن ولا جدوى من سائقة تاكسي الى مساعدة خياطة مع والدها. حياتها المسحوقة والفقر المدقع اكتملا سوءاً مع زوج عاطل عن العمل (توفيق، عبدو شاهين) ينهب تعبها ليصرفه على فتيات الليل بكل وقاحة. السا زغيب كان المفاجأة. بحجابها وصلاتها وعيونها المرهقة، بجرحها النفسي بعدما أوهمت انها غير قادرة على الانجاب قبل ان تكتشف الحقيقة لاحقاً وتعرف ان زوجها توفيق اخفى الأمر ليهينها مستمراً بسرقة اموالها . أختها “نور” (زينة مكي) ليست بعيدة عن حزنها العميق على والدها المريض والمحتاج الى عملية جراحية سريعة دون امتلاك تكاليفها، فتنزلق الى عالم الليل وتعمل في بيت للدعارة كي تؤمن الدولارات حتى يقودها القدر الى “عاصي” (جيري غزال) ابن البيت السياسي العريق فتواجه القدر القاسي مع عاصي بعد انتشار فضيحتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. اتقنت زينة مكي دورها. صرخت في مشهد المواجهة مع اختها وكأنها تصرخ أمام المشاهدين لتقول “انا هنا”!

“شتي يا بيروت” قدّم قصصاً انسانية رائعة أداها بسلاسة جميع الممثلين. شخصياتهم خطفت قلوبنا فكانوا رفاقنا يومياً مع عرض كل حلقة. هؤلاء دون استثناء لم يفلت منهم مشهداً ولا حركة فكانوا الدعامات الأصلية والأساسية لهذا العمل المتقن والمحترف. التصفيق يعلو لرامز الأسود، فادي أبي سمرا، إيهاب شعبان، زينة مكي، عبدو شاهين، لين غرة، جيري غزال، إيناس زريق، حسين مقدم، بمشاركة فايز قزق، أمانة والي، فادي ابراهيم، عمر ميقاتي، جناح فاخوري، اسكندر عزيز، علي سكر، ديما بياعة الذين كانوا كالآلىء المنثورة في المسلسل خيراً وشرّاً الى جانب النجم المخضرم عابد فهد، فإذا بي أتخيل المخرج إيلي السمعان وهو يخلو بكل شخصية ليرسم ويدوزن معها الخطوط العامّة والخاصّة والتفصيلية بعناية شديدة.

كل الآلام انتهت بجلسة على البحر. وهل أجمل من البحر وأمواجه لنرمي همومنا وزعلنا عليه؟ وهل أجمل من الشاطئ وخيوط الشمس الذهبية لتدفئ قلوبنا حبّاً وأملاً؟ هكذا أرادها المخرج نهاية سعيدة مع زواج “عبد الله وأماني” و نور وعاصي” ومصالحة الأخوين “عبد القادر وعبد الله” وحضور بيسان (مربية أيوب) اللطيفة. وتنتهي آخر الحوارات بين عابد فهد وأيوب ليقول لابنه الكلمة الشهيرة له “خربانة” ويكملها بـ “يمكن ان نصلحها”، ومشاهد اخيرة على انغام اغنية تتر المسلسل بصوت الفنان بشار الجواد ” عيش الدني” الرائعة.

تفاصيل الحلقة الأخيرة

منصة شاهد عرضت الحلقة الاخيرة من مسلسل شتي يا بيروت انتاج شركة الصباح واخراج ايلي السمعان وبطولة الفنان الكبير عابد فهد، فبعد وفاة وليد الذي قام بتجسيد دوره الممثل فادي ابي سمرا بسبب التهريب وانتحار يم التي تجسد دورها الممثلة “لين غرة”، شاهدنا احداثاً جميلة جداً خصوصاً برسالة الممثل جيري غزال “عاصي” في مؤتمره الصحفي حول مساندته للمرأة بكل اوضاعها الاجتماعية اذ سئل عن زواجه من نور التي تجسدها الممثلة زينة مكي وهي الفتاة التي فضح امرها كفتاة ليل وتعمل كممرضة في المستشفى، وقال لماذا المجتمع يسمح للرجل بأن يفعل كل شيء وغلطة واحدة للمرأة يقوم المجتمع عليها ولا يراعي ظروفها، وصدم شاهيناز وفتيات الليل بقراره امام الجمهور بأنه لن يغير رأيه فيها وسوف يتزوجها.

تعترف نور لعاصي انها اجهضت جنينها ويعاتبها لانه كان يريد وقال لها انه يريد ان ينجب منها عشرة اولاد.

يعتقل مناع “رامز الاسود” الطفل حسن مرعي “ايوب” ابن عبد الله “عابد فهد” بمشهد يرعب القلوب اذ علق ماكينة ضخمة فوقه وهو نائم واشعل شمعة لتذيب الحبل واذا ذا الحبل من الشمع تسقط الماكينة عليه وهدده عبد الله بقتل ابنه ليعترف له اين مريم حتى يعرف كيف يتقاسم ارث ابيه وذلك بعد معرفته بانتحار شقيقته يم.

وبعدها اعترف له ان مريم توفيت وهي تولد ايوب، ويأخذه الى مكان قبرها ويبحش القبر ليتبين اثرها ويسحب الخاتم من يدها ويعطيه لمناع، من ثم يقوم مناع بخنق عبد الله وبعدها يأخذ فرده ويطلق على مناع الرصاصة ولكنه لم يمت وظهر بمشهد وهو على كرسي متحرك.

بعد انتحار يم، يزور “ايهاب شعبان” الذي يقوم بدور عبد القادر شقيق عبد الله قبر يم ويبكيها. يم التي تذكرت قبل انتحارها انها كانت تحسد شقيقتها مريم على حياتها وبالنهاية علمت انها ميتة ولامت نفسها ولم تغفر لنفسها خطيئتها وظنها بأختها فقامت بالانتحار.

وتنتهي احداث الحلقة الاخيرة بمشاهد جميلة وعفوية بين ايوب وعابد فهد على البحر ليقول لابنه المقولة الشهيرة له “خربانة” ويكملها بـ “يمكن ان نصلحها”، وبمشاهد اخيرة على انغام اغنية تتر المسلسل بصوت الفنان بشار الجواد ” عيش الدني” تنتهي برحلة على شاطئ البحر مع كل من نور وعاصي وبيسان واماني وعبد الله وايوب وعبد القادر.

ويتألف مسلسل شتي يا بيروت من 30 حلقة ومن اخراج ايلي السمعان ومن تأليف وسيناريو وحوار بلال شحادات وانتاج شركة الصباح ويُعرض على منصة شاهد من الاحد الى الخميس.

الجدير بالذكر أن مسلسل “شتي يا بيروت”، يضم كوكبة من الممثلين الى جانب عابد فهد، الطفل حسن مرعي وإلسا زغيب، رامز الأسود، فادي أبي سمرا، إيهاب شعبان، زينة مكي، عبدو شاهين، لين غرة، جيري غزال، إيناس زريق، حسين مقدم، بمشاركة فايز قزق، أمانة والي، فادي ابراهيم، عمر ميقاتي، جناح فاخوري، اسكندر عزيز، علي سكر، ديما بياعة وآخرين.

ويرصد العمل قضايا التهريب وعوالمه الخفية إلى الثأر والانتقام بين الأخوة واولاد العم، كما يطرح قضايا اجتماعية ووجدانية أخرى، ويجعل من كل تفصيل في هذا المسلسل حقيقي، وإن كانت الحكاية من وحي الخيال، كما يقول الكاتب. 

وكانت شركة صبّاح أخوان طرحت تتر مسلسل “شتّي يا بيروت” بعنوان “عيش الدني” التي أداها الفنان الشاب بشار الجواد وهي من كلمات مازن ضاهر، الحان فضل سليمان وتوزيع عمر صبّاغ.