طارق سعد يكتب: “كنت بحب شيرين”


طارق سعد

“إيه يعني غرامك ودعني .. إيه يعني فارقني ولا رجعلي .. ليه فاكر إن الدنيا في بعدك .. مافهاش ولا قبلك ولا بعدك .. ده أنا بيك من غيرك مش فارقة .. قدامك أهو لسه بأغني”.

كلمات الكوبليه الرئيسي أو كما يقال بلغة صناعة الغنية الـ “سينيو” لأغنية “آه يا ليل” بألبوم “فري ميكس – تامر وشيرين” التي اشتهرت بها “شيرين” في ظهورها الرسمي للجمهور بل التصق بها اسم الأغنية لتصبح لسنوات طويلة “شيرين آه ياليل” الاسم الرسمي الذي تداوله الجمهور وانتقل للصحافة والإعلام قبل أن تقرر “شيرين” التخلص منه وترويج اسمها الحقيقي لتحافظ على وضعها وقيمتها الغنائية هو “شيرين عبد الوهاب” ويظل هذا الكوبليه هو العنوان الرئيسي لحياتها.

لم تقفز “شيرين” إلى القمة منفردة من فراغ ولكن ما حدث كان نتيجة موهبة استثنائية متكاملة وصوت خاص استثنائي يصاحبه “حِس” بنفس الاستثنائية سيطر على قلوب وعقول جمهور الوطن العربي كاملاً منذ الظهور الأول المشترك مع المطرب “محمد محي” في أغنية “بحبك” .. أيضاً عفوية “شيرين” الزائدة كانت جواز المرور بكل سلاسة وأريحية فسكنت بيوت الوطن العربي وأصبحت فرداً من عائلاتها.

صناعة “شيرين” التي قام بها “نصر محروس” يصعب الحديث عنها في سطور ولكن لا يمكن إغفالها فمن رضا الله عليها أن تقع في يد منتج عبقري في عمر الشباب يملك عقلاً خارج الصندوق ويحترف الصناعة الغير تقليدية بكل مراحلها فبدلاً من تقديمها كمطربة من خلال شركته قام بصناعة أيقونة غنائية مراهناً بكل خبراته وتاريخه على تربعها على عرش الغناء العربي فهي الرؤية التي يتمتع بها منتج حاد الذكاء متخصص في صناعة النجوم الجديدة وإعادة صناعة النجوم الكبار وهو ما تحقق بالفعل وأصبحت “شيرين” منذ ظهورها على الساحة الغنائية حتى هذه اللحظة بلا أية منافسة تزاحمها حتى صانعها لم يستطع صناعة منافسة لها بعد خروجها من شركته طائرة إلى شركة “روتانا”.

الحقيقة أن “شيرين” موهبة وصوت نادرا التكرار ولكن ربما نحن فقط من استطعنا تقدير هذا الأمر بينما لم تنتبه له “شيرين” حتى الآن فالقيمة الغنائية لها عند جمهورها وصناع الموسيقى مختلفة تماماً عن قيمتها عند نفسها ربما تعلم حجم موهبتها وعشق الناس بمختلف فئاتهم لها وحرصهم على نجاحها ولكن الثابت أنها فشلت في إدارة هذه الموهبة وهذا النجاح.

بلا شك أهملت “شيرين” في حق نفسها منذ خروجها من عباءة “نصر محروس” والتي أظهرت السنوات بما حملته من تقلبات وتصدعات في مشوارها الغنائي أن “نصر” كان قابض السيطرة على “شيرين” رغم صعوبة السيطرة عليها في بدايتها إلا أنه الرجل الحديدي المعروف بصعوبة اختراق سياجه ولكن انفراد “شيرين” بإدارة نفسها بثقتها الزائدة أنها صاحبة النجاح الذي ستضيفه لأي موقع تتحرك فيه جعلها متخبطة كثيرة الاصطدام بالجدران المحيطة بها .. زادت مشكلاتها وأصبحت على الملأ .. فقدت السيطرة على نفسها .. فقدت السيطرة على نجاحها وأصبحت أغنياتها تقف في صفوف الأغنيات المزدحم بها السوق بعد أن كانت مميزة طاغية على الكبير قبل الصغير.

أدخلت “شيرين” نفسها في صراعات كثيرة داخل وخارج الوسط الغنائي .. غادرت “روتانا” التي هدمت سقف التوقعات وحولت قصر النجاح الذي تمنته “شيرين” لنفسها معها إلى ركام أنقاض فتذهب لشركة أخرى وليدة محطة إذاعية لتُجهز على ما تبقى من “شيرين”.

حياة “شيرين” الشخصية أيضاً مليئة بالصراعات والمعارك والزلات ولا مجال للخوض فيها فهي تخصها وحدها ولكن انعكاساتها تسببت لها في أزمات كبيرة ووضعتها في مواقف لا تليق بها وصلت حتى الوقف عن الغناء واعتلاء المسرح .. خسائر “شيرين” الشخصية لم تقف عند هذا الحد بل وصلت إلى حد الجُرَس والفضائح فرغم نصائح عديدة ضربت بها عرض الحائط كعادتها تزوجت “حسام حبيب” الذي قدم مجموعة من الأغنيات والموسيقى التي حققت نجاحاً ملحوظاً وأعلنت على الجميع أن “حبه جنة عايشة فيها” لتخوض سلسلة من الصراعات بين الخفية والمعلنة تنتهي بظهورها الأول بعد انفصالها عنه حليقة الرأس مدمرة نفسياً تبحث فيها عن “شيرين” ولا تجد غير “شبح شيرين”.

كنت بحب “شيرين” ولكنها حولت هذا الحب إلى شفقة!

ماذا قدمت “شيرين” في 20 سنة صافي مشوارها الغنائي؟ طفحت مشكلاتها وأزماتها وأغرقت نجاحاتها وابتعدت عن الساحة لسنوات تاركة مكانها شاغراً ينادي عليها .. كيف أوصلت نجمة استثنائية في تاريخ الغناء الحديث بحجم “شيرين” نفسها لهذا الوضع الذي يتأذى له الجميع ويتوسل إليها بالعودة لنفسها أولاً قبل فنها؟ كيف وصلت “شيرين” لهذه المحطة الكارثية في مشوارها لتجعل الكل يشفق عليها؟!

الحقيقة أن “شيرين” في أزمة حقيقية .. وضع ينهي أي فنان لا يمتلك قوة وإرادة ولكنها مازالت تملك مفاتيح النجاة .. لكن لن تنجو وحدها بنفسها فـ “شيرين” الآن في أمس الحاجة لكل محبيها .. دعم كامل غير مشروط وخارج دوائر النقاش .. تحتاج “شيرين” الوقوف على قدميها مرة أخرى وتحتاج من تستند عليه حتى يستقيم ظهرها ثانية وتسترد قوتها بعيداً عن فضح أسرارها وتشويهها والخوض فيها والتمثيل بها فكل من يبحث عن “تريند” أو “سوكسيه” في أزمة “شيرين” هو مجرم يستحق العقاب.

تحتاج “شيرين” أكثر أنت تستخدم لسانها في الغناء فقط وتعقده عن الكلام.

ساندوها ثم حاسبوها .. وستتقبل وقتها الحساب وادعوها لمكاشفة صريحة ومحاسبة نفسها معكم ولكن احذروا أن تقتلوها.

لم نصل لنقطة النهاية .. فمع “شيرين” دائماً لا تتوقع نهايات فالنهايات كلها مفتوحة!

ماذا لو خذلت “شيرين” جمهورها بعد كل دعمه وعادت للطريق الضال مرة أخرى؟!

الحقيقة أن النهاية بوجهيها فقط عند “شيرين”!