كارلا بروني تحيي أمسية غنائية في مهرجانات بيت الدين بلبنان بحضور ساركوزي


“أشعر بالخشب يداعب بشرتي، أشعر بالشتاء يداعب روحي، وذكرياتي تهدهد المياه بلطف مثل سفينة يراقصها ريح الخريف”..
بكلمات هذه الأغنية الرومانسية (طريق النهر) للمغني الفرنسي جوليان كليرك، افتتحت كارلا بروني حفلتها الحالمة في مهرجانات بيت الدين مساء أمس الأول الاثنين.
غنّت عارضة الأزياء وزوجة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، للحب والجنون والصمت والجمال والذكريات أمام حشد سياسي برئاسة رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان وزوجته والسفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه، ووسط تشديد أمني كبير.
بأناقتها الشديدة والبسيطة في ذات الوقت وجسدها الممشوق طلّت كارلا بروني ببنطال وسترة وقميص باللون الأسود، لتشدو بأجمل أغانيها الحديثة بالإنجليزية والفرنسية الصادرة في ألبومها الأخير (لمسة فرنسية) في عام 2017.
لا تتمتع كارلا بروني بصوت رخيم، وهي تدرك ذلك وصرحت أكثر من مرة بأنها ليست موهوبة جدا لكنها تعشق الموسيقى وساعدها الحظ لتكون نجمة. لكن المرأة التي جمعت بين النفوذ السياسي والجمال والفن ذكية تعرف كيف تؤلف وتختار أغاني جميلة تليق بصوتها وشخصيتها الحالمة والمتفائلة.
وفي سهرة بيت الدين استطاعت أن تُمتع الجمهور الذي يشاهدها على الخشبة للمرة الأولى في المنطقة العربية، لأنها تعرف كيف تغني بشكل صحيح وإحساس عال يتماشى مع كل نغمة وإيقاع، إضافة إلى أن أغانيها مشبّعة بالصور الشعرية الرومانسية.
أدت كارلا بروني 15 أغنية، منها (أنا مجنون) للموسيقي والمغني الأمريكي ويللي نيلسون، و(الصمت) لفرقة ديبيش مود البريطانية.
ومن أغانيها الخاصة أدت أغنيات (دولتشي فرانكا) بالإيطالية و(أنا ملكك) و(انظروا إلي.. أنا أجمل امرأة في الحي) و(أرجوك لا تقبلني) من الفيلم الأمريكي (سيدة شنغهاي).
وفجأة جثت سيدة فرنسا الأولى السابقة على ركبتيها ناظرة إلى زوجها بنظرات غرام رغم ما أشيع عن انفصالهما في الفترة الأخيرة وغنت (آتية إليك) ثم (أنا معشوقتك) و(اعتمدي على رجلك) للمغنية الفرنسية الراحلة تامي وينيت.
وبدا واضحا خلال الحفل تبادل نظرات الحب والوئام بين الزوجين حتى أن بروني رفضت أن تتحدث مع أحد بعد الحفل قبل أن يدخل زوجها إلى غرفة الكواليس ويضمها بحرارة.
السيدة الجميلة تركت المسرح لعشر دقائق ثم عادت بسترة مذهبة براقة تتلاءم مع جو الأغاني الجديدة ومنها أغنية لفرقة الآبا الشهيرة بعنوان (الفائز يأخذ كل شيء) فتفاعل الجمهور مع إيقاعات يحفظها عن ظهر قلب.
كانت الحفلة هادئة بموسيقى البوب والجاز والروك الهادئ التي اتسمت بها ألبومات بروني الأربعة وهي (أحدهم قال لي) عام 2002 و(لا وعود)عام 2007 و (كأنه لم يكن من قبل) عام 2008 و(قليل من الفرنسية) عام 2013.
لكن ابنة الخمسين عاما التي لا تكبر والعاشقة للتجديد، ختمت السهرة مع الرومبا والفلامنكو وأغنية (سيّد) (Monsieur) حيث ترك الجمهور مقاعده راقصا ومصفقا.
وعزفت بروني على وتر الذكريات، فسألت الجمهور قبل أن تشدو بأغنية (رسائل حب) “هل تتذكرون الورقة عندما كان هناك زمن للورق.. حين كنا نعانق المكتوب الآتي من الحبيب؟ أما الآن فنعانق الشاشة”.
وعما تود أن تقوله للمرأة العربية قالت بروني المعروفة بانحيازها لقضايا المرأة “المرأة اليوم لا تزال تعاني في العالم أجمع، وهناك الكثير لفعله من أجل المرأة”.
وأضافت لرويترز “يعجبني جدا نموذج المرأة اللبنانية الحديث والمهم والفاعل، وهو نموذج يجب أن تحتذي به النساء في العالم العربي. فاللبنانيات مثل نورا جنبلاط (رئيسة مهرجانات بيت الدين)وكثيرات التقيت بهن في لبنان متحررات ويحملن علم ولواء النسوية وحقوق المرأة. فكل امرأة أينما كان لديها قدرات مميزة”.
وعن المفاضلة بين دورها كسيدة أولى سابقة ودورها كفنانة فيما يتعلق بخدمة قضايا الشأن العام وحقوق الإنسان قالت لرويترز “أنا لست سوى فنانة، وهذه المهنة الأحب إلى قلبي، ولم ولن أعمل بالسياسة. للفنان دور محدود في هذه الشؤون المهمة جدا وقد يؤثر في رفع مستوى الوعي، لكن معالجة قضايا حقوق الإنسان هي من شأن الحكومات والشعوب”.
أما عن الذكريات التي ستحملها من بيت الدين فقالت إنها ستحمل معها “دفء الجمهور وحرارة تفاعله وهذا المكان الساحر الذي شبّهته بالشاشة التي تنقل لنا التاريخ والرومانسية حيث يشعر الفنان أنه جوهرة وسط هذا الجمال الهندسي والتنظيم الرائع”.
وأضافت “كنت في البداية متوترة، لكن عندما رأيت الجمهور اللبناني الذي يشبه بتفاعله الإيطاليين، مدّني بالطاقة وكنت سعيدة جدا”.
وكارلا بروني إيطالية المولد.
وكالات