مارسيل خليفة بحفل أسطوري في قرطاج الدولي


أحيا الفنان اللبناني مارسيل خليفة حفله الغنائي على مسرح قرطاج الأثري، ضمن فعاليات مهرجان قرطاج الدولي الـ 54، في سهرة موسيقية فنية ممتعة “نقَّت نسبيا الذوق العام من بعض الشوائب الفنية، وأعادت بعض الاعتبار لهذا المسرح الكبير”، على حد تعبير أحد المتابعين للحفل، الذي أضاف: “هذا الرجل صدق في حب تونس“.

وأطلَّ مارسيل على المسرح متوسطا ثنائي دربه الجديد: على يمينه نجله رامي خليفة عازف البيانو، وعلى يساره إيموريك وسترتش عازف الباتري.

وقال خليفة لجمهوره، الذي وقف يحييه بعاصفة من التصفيق: “اليوم كتبت تدوينة على حسابي بـ(فيسبوك). أنا لا أملك من لغة الأنبياء سوى مفردة يتيمة: كلمة حب. أنتم الحب، لكم كل الحب”.

وخلال الحفل، الذي استمر أكثر من ساعتين، غنى مارسيل لفلسطين وللعروبة المهزومة، وقدم تعزية للشهيد وام، الذي سقط في ميادين المقاومة، دفاعا عن الحق والحرية المسلوبة، وأنشد للحب والسلام، وكرَّم رفيق دربه الشاعر الكبير محمود درويش، وحيا روح شاعر الخضراء الصغير أولاد حمد، وقدَّم رثاء للشهداء والأحرار و”شباب الثورات العربية المسروقة”.

وبدا جمهور مهرجان قرطاج العاشق لهذا الفنان الإنساني الكبير، وكأنه جوقة كبيرة من الفنانين والمرددين يغنون معه متى طلب منهم ذلك، ويصمتون متى أراد، وسط تفاعل فاق حدود المتوقع. وأذهل مارسيل خليفة نفسه – على ما يبدو- فابتسم حينا، وطأطأ الرأس أحيانا، ورفع شارات النصر، تقديرا واحتراما لجمهور أحبه بجنون. وبلغ التناغم ذروته عندما أنشد خليفة أغنية “منتصب القامة أمشي”، وأغنية “يا بحرية”، وعلَّق على هذا التناغم الكبير، قائلا: “أنتم أحلى ناس بجد”.

بدأ مارسيل برنامجه الغنائي برائعة “يا حادي العيس” للشاعر الكبير محمود درويش، وأهداها لأمهات الشهداء، ثم قدَّم أغنية قديمة للأطفال بعنوان “الحلواية”، يقول مطلعها: “كانت الحلواية/ واقفة على المراية/ تاري بالمراية/عم يتخبى القمر”، ثم أهدى شهداء تونس قطعة موسيقية صامتة بعنوان “صرخة”، قال عنها إنها تساعد على النفاذ إلى داخل الإنسان ووجدانه.

إثر ذلك، أنشد خليفة رائعة “آخر الليل” لمحمود درويش، وتوالت الأغاني تباعا: “منتصب القامة أمشي” و”بوليس الإشارة”، وهي أغنية للأطفال، ثم قطعة موسيقية صامتة بعنوان “بيروت” قدمها بقوله: “أهديها لبيروت الأبية”، قبل أن يقاطعه صوت فتاة من المدرجات “ودمشق”، ليعقب هو: “ودمشق وبغداد واليمن ومصر، وكل الدول العربية”، كما لو أنه أراد القول إنها رسالة حب وأمل إلى كل الشعوب العربية.

بعد ذلك، غنى مارسيل أغنية فاجأ بها الجمهور التونسي، وهي من كلمات الشاعر آدم فتحي، بعنوان “تونس الحرة”.

ويقول فتحي في هذه الأغنية: “غنّي لصباح جديد، غنّي… هنّي الشهيد بوليد، هنّي… يا أجمل المواعيد، بين الفرح والعيد… يا شعب لما يريد، يا تونس الحرة”. وقد ألهبت هذه الأغنية حماسة الجمهور الحاضر في مدرجات المسرح الأثري بقرطاج، وقد غناها خليفة بلكنة تونسية، وعزفها بمفرده على عوده، وطلب من الجمهور إعادة بعض المقاطع، برفع الصوت والزغاريد أيضا.

عقب ذلك، وقف مارسيل وسط المسرح، متكئا على بيانو نجله رامي، وقال: “كلما جئت إلى تونس أتذكر صديقين عزيزين إلى قلبي رحلا عنا، هما: محمود درويش والصغير أولاد حمد، هما حتما ليسا بيننا جسدا، لكنهما قطعا يسمعاننا الآن”، ثم عاد ليغني بعض أغانيه القديمة على غرار “جواز سفر” و”أحن إلى خبز أمي”، قبل أن يختم حفله بأغنية “يا بحرية”.