هل تم تصنيع فيروس كورونا أم تطور بشكل طبيعي


منذ تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد في مدينة ووهان الصينية، نهاية العام الماضي، كان هناك نقاش كبير حول أصل المرض الجديد الذي يواصل انتشاره في أماكن أخرى من العالم بشكل متسارع.

النسخة الجديدة من الفيروس، المعروفة علميًا بـ”سارس كوف 2″، المسببة لمرض “كوفيد 19” تعد السلالة السابعة من عائلة فيروسات “كورونا”، ويمكنها أن تتسبب بمرض وإعياء شديد للشخص المصاب، تمامًا مثل سلالتي “سارس” و”ميرس”، في حين تتسبب السلالات الأربع الأخرى بأعراض بسيطة.

ووفقًا لتقرير نشرته مجلة “نيتشر” العلمية واستعرض نتائج تحليل مقارنة للبيانات الجينومية للفيروس والسيناريوهات التي يمكن أن يكون قد تشكل خلالها، فإن “سارس كوف 2” لم يخلق معمليًا كما أنه ليس فيروسًا تم التلاعب به عن قصد.

وقالت المجلة: “من غير المحتمل أن يكون الفيروس المستجد قد ظهر من خلال المعالجة المختبرية لنسخة مشابهة من عائلة كورونا. إذا تم التلاعب الجيني، فمن المحتمل أن يكون قد تم استخدام أحد الأنظمة الجينية العكسية، لكن البيانات تظهر أن النسخة الحالية غير مستحدثة من النسخ القديمة بطريقة كهذه”.

واقترح التقرير سيناريوهين يمكن أن يفسرا بشكل منطقي أصل “سارس كوف 2″، أولهما؛ الانتقاء الطبيعي في مُضيف حيواني قبل الانتقال بين الحيوانات، وثانيهما الانتقاء الطبيعي داخل البشر.

نظرًا لأن العديد من الحالات المبكرة للإصابة بمرض “كوفيد 19” تم ربطها بسوق في ووهان، فمن الممكن أن يكون هناك مصدر حيواني موجود في هذا الموقع، وبما أن هناك تشابهًا كبيرًا بينه وبين فيروسات “كورونا” الأخرى التي ظهرت في الخفافيش، فمن المرجح أن الخفاش كان مضيفًا للتطور الأخير هذه المرة.

من المحتمل أيضًا أن الفيروس اكتسب سماته الجينومية المعروفة حاليًا بعدما انتقل إلى البشر، وخلال مرحلة التكيف التي حدثت أثناء الانتقال (غير المكتشف) من إنسان إلى آخر. بعد التكيف يمكن أن يندلع الوباء وينتقل المرض إلى عدد هائل من المرضى.
ربط التقرير أيضًا بين بعض الخصائص في “سارس كوف 2″ وحيوان آكل النمل الحرشفي. وعلى جانب آخر، قال إن التقديرات الزمنية الخاصة بالتسلسل الجينومي تشير إلى ظهور الفيروس في الفترة بين أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني وأوائل ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي.

وأضاف التقرير أن التكيف المسبق لـ”سارس كوف 2” في فصائل حيوانية، يعني أن هناك خطرا من تكرار مثل هذه الأحداث مستقبلًا. لكن عملية التكيف داخل البشر، تعني أنه حتى مع تكرار عمليات الانتقال بين الحيوانات، فمن غير المرجح اندلاع وباء دون المرور بنفس السلسلة من طفرات التطور.

سجلت الصين أول إصابة بفيروس كورونا المستجد في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وكان انتشار المرض بطيئًا خلال الأسابيع الثلاثة اللاحقة، لكن تفشيه بشكل سريع في البلاد، ومنذ ذلك الحين بدأت نظريات المؤامرة تسيطر على البعض.

وقال عضو سابق في لجنة الأمم المتحدة للأسلحة البيولوجية، إيغور نيكولين، أن ظهور هذا الفيروس يمكن أن يكون نتيجة لاستخدام سلاح بيولوجي أمريكي. وقال المتحدث باسم الحكومة الصينية، إن الجيش الأمريكي ربما جلب فيروس كورونا إلى مدينة ووهان الصينية، التي كانت الأكثر تضررا.

لكن منظمة الصحة العالمية، قالت إنها لا تؤمن بأن فيروس كورونا المستجد قد تم إنتاجه في مختبر. وقال مدير الطوارئ بالمنظمة، ريتشارد برينان: “لا نؤمن بأن كورونا تم إنتاجه في معامل مختبرية، وكلها مجرد تكهنات”.

وحتى الآن، أصاب الفيروس المستجد 200 ألف شخص، وتسبب في وفاة 8 آلاف حالة، فيما تجاوز عدد المتعافين 82 ألفا. وفي حين كانت أغلب الحالات مسجلة في الصين حتى منتصف الشهر الماضي، فإن مرض “كوفيد 19” انتشر على نحو متسارع في مناطق مختلفة.

وبلغت الإصابات 31 ألفًا في إيطاليا و16 ألفًا في إيران و11 ألفا في إسبانيا، إلى جانب المئات في نحو 160 دولة أخرى. وعطل عدد من الدول في الشرق الأوسط وأوروبا وبعض الولايات الأمريكية، الدراسة جزئيا أو بشكل مؤقت، إلى جانب إلغاء العديد من الفعاليات والأحداث العامة وعزل ملايين المواطنين.

كما عطلت عدة دول الرحلات الجوية والبرية بين بعضها البعض خشية استمرار انتشار الفيروس. وصنفت منظمة الصحة العالمية يوم 11 مارس/ آذار مرض فيروس كورونا “جائحة” أو “وباء عالميا”، مؤكدة أن أرقام الإصابات ترتفع بسرعة كبيرة، معربة عن قلقها من احتمال تزايد المصابين بشكل كبير.