طارق سعد يكتب: بشرى والخيبة الكبرى


مشهد هادئ مستقر نسبياً باستثناء “شوية دوشة” بسبب إثارة “رانيا يوسف” للجدل بـ “كام فستان وبطانة” يعود بعدها المشهد للهدوء مرة أخرى ويستسلم له الجمهور مع الطقس البارد حتى يفزعه ظهور مفاجئ لـ “بشرى” بأغنية “كليب” حارقة تلهب الأجواء وتشعلها أسمتها “الكوبرا” لتضرب بكرسي مفاجئ في الكلوب فيكتشف الجمهور أن الأمر خرج من كونه تصنيف غنائي إلى “قصف جبهة” مباشر بل أنه أمام “قصف جبهة” بالمدفعية الثقيلة!

 

دون لف ودوران أو مواربة وتجميل فأنت لست أمام “أغنية” بالمعنى المتعارف عليه ولكنك أمام “تلقيح” مباشر وصريح على “مدعى الأولُوية – من الأول- نمبر1” في عمل صنع خصيصاً لهذا الغرض تعود به “بشرى” بعد غياب غنائي هدفه الوحيد المقنع هو إحداث ضجة أو الانتقام.

 

المفاجأة لم تكن في أغنية “الكوبرا” فقط ولكن في توقيت صدورها البعيد تماماً عن أحداث الشغب التي قام بها “محمد رمضان” مع زملائه الفنانين بعد خسارته الكاسحة في السباق الرمضاني بالضربة القاضية أمام “أمير كرارة” وكذلك إصداره لأغنيتين يصر فيهما أنه الأول لتأتي له الضربة الثانية في السينما من “أمير كرارة” مجدداً فيترنح وينكشف أمام الجمهور أنه ليس الأول ولكنه فقط “مدعى الأولُوية”!

 

لم يفهم الجمهور سبب إصدار “الكوبرا” في هذا التوقيت والهدف منه رغم اختفاء الآخر عن الأنظار بعد السقوط المدوي لمحاولته غناء أغنية في ذكرى أكتوبر فكل الفرص التي كانت تسمح بتوجيه “لدغة كوبرا” له مرت بسلام وخرجت “الكوبرا” فجأة بعد شهور طويلة لتتذكر أنه قال “كذا وكذا” فترد عليه بـ “كذا وكذا وكذاهو” وتلقنه دروساً فى الحياة والنجومية وتقصفه من كل اتجاه لتطلق شراراً مقصوداً لمعركة جديدة قالت أنها “مبارزة غنائية” وتطلب منه الرد!

 

الغريب أيضاً أن الأغنية “حلوة ومصروف عليها” فبالرغم من الهجوم الذي نالته “بشرى” من انحطاط فكرة استخدام الفن لمجرد “شغل تلقيح مصاطب” وأنه لا يليق بمن أصبحت مسئولة كرئيس عمليات مهرجان سينمائي كبير يبحث عن مكانة أن تنزلق لمستوى من تواجهه خاصة أنه ليست هناك أية مناسبة لذلك إلا إذا كان انتقاماً من تصريحه بعدم حضور الدورة الأخيرة من مهرجان الجونة لأنه “مهرجان متحرر ويقدم خمور” وهو التصريح الأغرب ولكنه غير مستغرب من شخصه.

 

الحقيقة التي يجب أن يتوقف عندها المهاجمون ويتأملونها قليلاً أن “بشرى” قدمت عملاً جيداً جداً بُذل مجهوداً في تفاصيله بعيداً عن فكرة الأغنية ولكن في صناعة الصورة بدءًا من اللحن والتوزيع مروراً بفكرة الكليب نفسه والمشاهد والأداء والديكور والألوان فكان الإخراج الفني والموسيقي هما نجما العمل الذي تشوه بفكرة سحبت منه كل هذا الرصيد وجعلته يقف جنباً إلى جنب مع أغنيات “رمضان” المشوهة لتهبط “بشرى” وتنافسه تحت خط الغناء!

 

السؤال المشروع الذي يطرح نفسه مجبراً هو لماذا لم تستغل “بشرى” كل هذه الإمكانيات وتغلفها بفكرة أغنية حقيقية مؤكد أن كل تفاصيلها كانت ستقودها للنجاح والمشاهدة بدلاً من افتعال معركة متدنية قد يستخدم فيها “رمضان” ما يملكه من قاعدة جماهيرية كبيرة بين فئات في قاع المجتمع للانتقام منها و يستخدم ذكائه الذي يعمل به ضد نفسه على طول الخط ويستفيد منه هذه المرة لمصلحته بترك “بشرى” تحرق نفسها دون الرد و”الجرجرة” لما تريده لتخسر “بشرى” المعركة دون إرهاق من المنافس.

 

الحقيقة أن أغنية “الكوبرا” كانت من الممكن أن تحقق نجاحاً على وضعها إذا تم استخدامها بما يناسب حجمها الحقيقي فالأجدر بها أن تكون مجرد “إسكتش” في عمل فني ربما أضحك الجمهور وجعله يتفاعل معها ويرددها فهى فى النهاية “موظفة” في إطار معين إلا أن خروجها كأغنية منفردة لتقف بها في صفوف المطربين فهذا درب من الخيال فالجمهور منذ اللحظة الأولى نظر إليها باستهجان كإسفاف رغم حالة البُعد الكلي بينه وبين “مدعى الأولُوية” والذي يجعله رغم هجومه يقول “أحسن” إلا أنه في نفس الوقت يستنكر ما تفعله “بشرى” والغرض منه.

 

ما يثير الدهشة أن “بشرى” مؤخراً أصبحت منتجة فمؤكد بالحس الإنتاجي حددت هدفها وقت صناعة تلك الأغنية وما تريد أن تصل إليه بها فهل ضربتها حُمى “التريند” أم تحاول العودة للغناء الذي بدأته كمتسابقة في برنامج “ستوديو الفن – النسخة المصرية” وحاولت بعده بتجارب متباعدة لم تحقق صدى أم أنها تبحث عن التواجد أم أن لأغراض أخرى خلف “بشرى” يد في ذلك خاصة مع العمل عالي الجودة وتوقيت تفجير القنبلة غير المفهوم والمتوقع وانطلاق منصة الهجوم على “رمضان” في كل الاتجاهات تزامناً مع انطلاق الكليب والذي يوحي بأن هناك من أراد تحجيم “رمضان” ووضعه في الإطار الذي يليق به خاصة أن الجميع بلا استثناء يرى أنه لا يستحق المبالغة فيما يتقاضاه مقابل ما يقدمه.

 

أما بالنسبة لـ “بشرى” فأزمتها الحقيقية فيما تريده فإذا سألتها هي شخصياً لن تجد عندها إجابة فهل تريد “بشرى” المطربة أم الممثلة أم المنتجة أم مؤسسة مهرجان فني يحاول صناعة اسم كبير خاصة أن في كل مشوار “بشرى” لن تجد بصمة مميزة يحفظها التاريخ باستثناء المجهود الكبير في الخروج بمهرجان “الجونة السينمائي” لنكتشف بعدها أنها ليست صاحبة الفكرة كما روجت بل لها مالك يبحث عن حقه إضافة للموقف المخزي في حادث مصرع الصحفية “هند موسى” أثناء عودتها من تغطية المهرجان في دورته الثانية بعد الاستهتار والتقاعس في توفير وسيلة آمنة لنقل الصحفيين وعدم الاهتمام بالتحرك بعد الحادث وتقديم تعويض مناسب لتخرج “بشرى” وتفاجئنا بأغنية “الكوبرا” على أمل أن تصل إلى أكبر قاعدة جماهيرية والتي تأخذ من “رمضان” موقفاً صارماً ولكن النهاية الأكيدة أنها ستنحصر بين الـ “تكاتك”!

 

أغنية “الكوبرا” التي خرجت بها “بشرى” لا يمكن اعتبارها مجرد أغنية عابرة أو حتى “حالة استظراف” ولكنها عبرة ومأساة …

 

عبرة فيما فعله “محمد رمضان” في نفسه وجعل منها أضحوكة ومثار للسخرية والانتقاص بمشكلاته المتعددة والتي تتخطى الخطوط الحمراء وادعائه المستمر أنه الأول فوق الجميع ما ابتعد به عن مهمته الرئيسية وهي التشخيص والتطوير من نفسه واستعدى الجميع ضده لأسباب نفسية تخصه جعلت منه “مدعى الأولُوية” على طول الخط وتزداد خسائره طوال الطريق فاحترام الجميع للفنان نابع من احترامه لنفسه ولمهنته ولجمهوره الذى يصنعه ويتوارثه لعقود طويلة خاصة أنه وبالحسابات الفنية “رمضان” لم يقدم شيء حتى الآن.

أما المأساة فتجلت في فعل “كوبرا بشرى” بما وضع الفن في محط مشوه باستخدامه في “التلقيح” و”الكيد” وربما “تخليص حق” وإفراغه من رسالته الحقيقية لتصبح المأساة الحقيقية أنه خرج مِن مَن تعتبر فنانة وواحدة من أهل الصناعة المؤتمنين عليها باعتبارها منتجة ومسؤولة عن مهرجان سينمائي يبحث عن وضع دولي فخسائرها لا تعد ولا تحصى ……………………..

 

فبين العبرة والمأساة يتلخص الوضع بـ “خيبة كبرى”.

 

المفاجأة أن أغنية “الكوبرا” هي خليط من أغنية “DILBAR” الهندية و “SLAY” للمطربة المغربية “منال” تم “نحتهما” ببراعة والأغنيتان تم طرحهما منذ 5 شهور وشهر ونصف على التوالى!

 

يقول المثل الشعبي “اللي يربي حية يستحمل لدغها” وجاءت “بشرى” بـ “الكوبرا”!