طارق سعد يكتب: لعنات مهرجان الجونة!


لعنات مهرجان الجونة!

بقلم الكاتب طارق سعد

 

لم يتخيل أكثر المتشائمين بعد النجاح الكبير الذي حققه مهرجان الجونة السينمائي في دورته الأولى العام السابق أن تصاب الدورة الثانية منه هذا العام بكم متنوع من اللعنات وتوجه له ضربات متلاحقة تجعله يترنح ويفقد توازنه تماماً رغم حجم الإنفاق اللا محدود الذي يقدمه “ساويرس” دعماً لخروجه بشكل محاكي للمهرجانات العالمية إلا أن الرياح غالباً ما تأتي بما لا تشتهيه السفن.

 

الضربة الأولى كانت قاسية تماماً عندما انتظر الجميع الأغنية التي سيقدمها هذا العام بعد قنبلة العام السابق “3 دقات” التي حققت من النجاحات ما لم يتوقعه أحد إلا أن الأغنية التي جهزها المهرجان لهذه الدورة ورغم كل التشويقات والتأكيدات على تصنيع قنبلة جديدة كانت الصدمة بقدر التشويق والعشم ليخرج علينا المنظمون بعمل أقل ما يقال عنه أنه لا يصلح للاستخدام الآدمي لتنفجر القنبلة في وجه أصحابها وصناعها والجمهور والناس جميعاً!

 

الضربة الثانية كانت صدمة الجمهور في وجود الممثل “الملفوظ جماهيرياً” المدعو “أحمد مالك” عضواً في لجنة تحكيم للأفلام القصيرة وهو الذي كانت له سابقة مشينة وسيئة السمعة في حق رجال الشرطة بجانب إصراره على التعدي المستمر باللفظ والقول على مؤسسات الدولة وإدارتها ليتم مكافأته من إدارة المهرجان بوضعه عضو لجنة تحكيم رغم تقزم رصيده الفني وخبراته ليتأكد الجمهور بعدما فاق من الصدمة أنه أمام مهزلة حقيقة تخصم من رصيد الإدارة وأصحاب المهرجان!

 

الضربة الثالثة وهي القاصمة عندما خرج صاحب فكرة المهرجان الحقيقي “خضر محمد خضر” ليكشف عن سرقة إدارة المهرجان لفكرته ثم مساومته ثم إخراجه من الشركة التي كانت تجمعهم ونسبهم فكرة المهرجان لأنفسهم وتقديمها لـ “ساويرس” الذي نفذها معهم على الفور ليكشف وجهاً آخر للمهرجان والقائمين عليه ويضعهم فى موقف الإدانة بعد نشره لمستندات تخص شراكاتهم معه بالأسماء لتغطي السرقة على المهرجان وتسرق منه الأضواء التي تركزت على الواقعة وما تحمله من معانٍ كثيرة وسقوط أقنعة ظلت تتباهى بإنجازها غير المسبوق ما أسقط هيبة المهرجان وخفت أضوائه.

 

الضربة الرابعة والتي تسببت في تشوه للمهرجان جاءت من نجماته اللاتي قررن أن يحولن صفة المهرجان من سينمائي لاستعراض الأجساد بشكل مقزز ومنفر خاصة من أنصاف وأرباع الفنانات وهو ما ظهر في خطواتهم واستعراضهن لأنفسهن أمام الكاميرات ليتحول المهرجان العالمي إلى أحد شوارع الـ “لامؤاخذة” العالمية فيجعلن حفل افتتاح الدورة الثانية “خيبة تقيلة”ورغم تحسن الوضع قليلاً في الأيام التالية إلا أن إطلالات النجمات جاءت معظمها هي الأسوأ على المستوى الشخصي وعلى مستوى المهرجانات بشكل عام بجانب تصرفات “أحمد الفيشاوي” الغير متزنة والتي أصبحت تجعل من وجوده في أي مكان “فضيحة” يجني تبعاتها فأطاح الاهتمام الإعلامي بهؤلاء باقتناص لقاءات خاصة مع ضيوف ونجوم عالميين لتكتمل الـ “خيبة” في برواز مجسم.

 

الحقيقة في هذا الموضع بالتحديد أن النجوم بنوعيها يتخيلون كلمة العالمية بكل تفاصيلها ولكنهم لا يدركون أننا في استيرادنا أو محاكاتنا كمجتمع عربى للعالمية في أي أمر يجب أن يكون لدينا “فلتر” قوي نستطيع من خلاله الوصول لجودة العالمية بمضمون يناسب ثقافتنا … أما أن نفتح أبوابنا على البحري فسيكون لذلك وصفاً آخر يصعب ذكره!

 

ولأن القدر قد قضى بأن يصب كامل لعناته على هذه الدورة فكانت الضربة الأخيرة والقاضية لينتهي حفل الختام بنهاية مفجعة بوفاة الصحفية “هند موسى” رئيسة قسم الفن بموقع التحرير وذلك أثناء عودتها مع زميلتها من الجونة إلى القاهرة في حادث أليم وذلك بعدما قررت إدارة المهرجان تخصيص السيارات الملاكي لإحدى شركات التوصيل الخاصة للقيام بمهمة توصيل الصحفيين توفيراً للنفقات باعتبارها إحدى الشركات الراعية بدلاً من توفير تذاكر طيران لن تساوي نفقاتها شيئاً بجانب الملايين المنفقة على المهرجان إلا أن إدارته كانت رؤيتها “كفاية عليهم العربيات” في قرار يكشف مدى الإهمال والاستهتار وعدم التقدير ليدفع بها المهرجان ثمناً أقسى بكثير من حفنة نقود تشتري بها أرواحاً!

 

ربما لم يتخيل “ساويرس” أو حتى يخطر بباله هذا النحس الذي ضرب مهرجانه وهو ما زال يحبي في دورته الثانية وربما يكون النجاح في الدورة الافتتاحية أصاب الإدارة بحالة من الانتشاء في الثانية فكشف أن نجاح الدورة الأولى كان بـ “3 دقات” فعلياً ليصبح “مهرجان الـ 3 دقات” فكانت الضربات والسقطات من كل اتجاه رغم المجهود الكبير المبذول في المهرجان والواجهة السياحية العالمية التي يمثلها إلا أن النهاية السوداء المفجعة الذي تسبب فيها بعد كل هذه اللعنات التي أصابته ستجعل من هذه الدورة ذكرى سوداء في سجله موقعة بالدم … وليكن درساً للجميع.

 

وإلى اللقاء في الدورة القادمة!