جاك لندن ..الكاتب الذي رفضت أعماله 600 مرة


بدأت معركة جاك في التفكير فيما يريده في الحياة. عاد لمنزله عازمًا على أن يصبح كاتبًا أو يهلك في طريقه لذلك.

كان جاك مزاجيًا ويكره القيود، ويقول عن نفسه أنه مهمل؛ لكنه يعود فيضيف أنه حارب هذه الصفات بشخصيته. فعُرف وسط زملائه بتمكنه من تحويل هذه الطبيعة لانضباط صارم، ودافع نحو النجاح لا يتزعزع.

عكف جاك على كتابة ألف كلمة يوميًا، لمدة ستة أيام في الأسبوع، يقول لصديقه في أحد خطاباته إنه: «واثق من تطوره بشكل أفضل بهذه الطريقة، عن العمل على فترات متقطعة وغير منتظمة».

ظل جاك يكتب الألف كلمة يوميًا بقية حياته، مهما كان متعبًا أو مريضًا، وبغض النظر عن حالته النفسية والصحية، وسواء كان في عطلة، أو ضربت عاصفة البلاد، أو كان ذاهبًا للحرب. و ظل يكتب سواء كان يشعر بالإلهام أو لا؛ فلطالما آمن أن النجاح يعود للمجهود والإرادة، وأن التحجج بعدم وجود الإلهام، ذريعة للكسل والجبن.

انكب جاك على صقل موهبته بدراسة أعمال كبيرة لكتاب آخرين. انفجرت حاسة الكتابة لديه؛ فواصل الليل بالنهار على آلته الكاتبة، يكتب بغزارة المقالات والقصص والقصائد.

أرسل جاك أعماله إلى الصحف والمجلات، وتوقع أن يقرع النجاح أول أجراسه؛ لكنه مُني في كل مرة يرسل فيها أحد أعماله برسائل تعج بالرفض. ونصحه أحد المحررين بالبحث عن مهنة أخرى.

لكنه جمع رسائل الرفض جنبًا إلى جنب أعماله، وعاد ثانية إلى آلته الكاتبة. ضاعفت شهور من الرفض جهوده الكتابية، التي استنفدت قواه العقلية والجسدية، فبعد خمسة أشهر من المحاولة لم تُنشر له سوى قطعة واحدة من خمسين أخرى.

أصبح جلد شاك شاحبًا لعدم تعرضه للهواء والشمس، وبرزت عظامه ونحل جسمه، واضطر لرهن عديد من ممتلكاته لشراء الغذاء، لكنه أصبح مدينًا لصاحب المقالة مع ذلك.

داهمته الوحدة والاكتئاب، وشعر جاك برغبة في التخلي عن الكتابة، وحتى عن الحياة.

وفي سن الثالثة والعشرين، استسلم جاك لإرضاء أهله ورفاقه؛ فعمل ساعي بريد ليؤمن لنفسه ولعائلته المال المطلوب. شجعته والدته فيما بعد على ترك العمل وملاحقة حلمه، لكنه رفض خوفًا من أن يكون الفشل حليفه؛ ولكنه استمر في مساعيه نحو الكتابة.

لاحت بارقة ضوء بعد ستة أشهر، عندما تسلم جاك رسالة مفادها قبول عمليه«To the Man on Trail» و«The White Silence».

إلا أن ضوء أعمال جاك سطع أخيرًا في عام1899 ، بعد نشر عمله «An Odyssey of the North»، لتنهال عليه بعدها تعليقات النقاد الإيجابية، فاتخذ جاك الكتابة أخيرًا عملًا بدوام كامل.

بلغ نجاح جاك العنان برائعته الكلاسيكية The Call of the Wild عام 1903. بيعت ملايين النسخ من هذا الكتاب على مدار أكثر من قرن، وأصبحت أكثر الروايات قراءة في الأدب الأمريكي.

arab geek