مهرجان ريدزون في بيروت يقدم عروضاً دولية


في إطار سعيه الدائم لدعم المبادرات الفنية المستقلة والتأكيد على حرية التعبير أطلق مهرجان (ريدزون) الفني دورته الجديدة في بيروت بمشاركة خمسة عروض بتمويل من منح استثنائية.

وتتناول العروض السمع-بصرية والأدائية الخمسة المشاركة في المهرجان، وهي من المغرب ولبنان وسوريا ومصر والأراضي الفلسطينية، العلاقة الشائكة بين الحب والعنف والخوف والموت والانتهاكات الجسدية والتسامح مع الماضي.

والعروض التي تقدم للمرة الأولى في بيروت خلال الفترة من الثالث إلى الثامن من مايو أيار مولها المهرجان بمنح استثنائية من مؤسستي المورد الثقافي و(كيه.كيه.في) النرويجية.

وفي اليوم الأول، سلطت الأضواء على موضوع الانتهاكات الجسدية للمرأة والاعتداءات التي تتعرض لها باسم المجتمع والعادات والتقاليد والجماعات المتطرفة وذلك من خلال العرض المغربي الراقص (هن) على مسرح دوار الشمس ومن إخراج وتصميم خالد بنغريب.

وقدمت العرض أربع نساء بأجساد ممشوقة قوية ومرنة يظهرن على الخشبة برداء أبيض يمثل البراءة مقابل رجل واحد يُطلي جسده على المسرح باللون الأسود ليأتي في نهاية العرض مكبلا بسلاسل حديدية في إشارة إلى رجال الجماعات المتشددة وما فعلوه في سوريا والعراق من جرائم.

العرض الذي ينتمي إلى الرقص الحديث مفعم بالعنف والقسوة من خلال الحركات والأصوات والموسيقى وتعابير وجوه الراقصات الأربع اللواتي “يحاولن إيصال مدى الظلم الذي لحق بأجساد نساء كثيرات في المناطق التي سيطرت عليها جماعات متطرفة في العالم العربي” بحسب ما قال مساعد المخرج ومصمم الصوت والمقاطع الموسيقية المغربي يونس أبو العقول لرويترز.

وأضاف “هو يشكل بحثا سوسيولوجيا يهدف إلى فهم ظاهرة التطرف الديني وذلك بالاستناد إلى الأحلام والفن والميثولوجيا والدين والرموز والفلسفة”.

وأوضح أبو العقول أن فريق العمل قام ببحث متعمق للحالات التي تعرضت للاغتصاب والاعتداء والزواج القسري والسبي ودرس تأثر هذه الحالات نفسيا واجتماعيا بهذه الانتهاكات.

وبالتزامن مع عرض (هن)، بدأ وحتى الثامن من مايو أيار العرض التفاعلي (دخلت مرة في جنينة) وهو فكرة وتصميم كريستيل خضر وبيسان الشريف.

والعرض عبارة عن شهادات سمعية حقيقية جمعها فريق العمل من نساء ورجال في العراق والأراضي الفلسطينية ولبنان وسوريا وعمل على تكثيفها لتصبح حكايات عن التجارب الجنسية الأولى واكتشاف الحياة الحميمية خلال أوقات الحرب والسلم في منطقة الشرق الأوسط.

وقالت ماجدة (40 سنة) بعد العرض الذي تتم مشاهدته بشكل فردي في تتابع كل عشر دقائق “شعرت أن الحكايات تمثلني، هي حقيقية فعلا، على الأقل تلك التي كانت تجري خلال الحرب الأهلية في لبنان”.

ومن وجهة نظر أسعد (55 سنة) وهو دكتور في علم الاجتماع “أهم ما في العرض أنه يضيء على مدى تأثير الحروب والاجتياحات والانتفاضات فينا وارتباطها بعلاقاتنا مع الزمن. نحن نسرد ذكرياتنا الجماعية والفردية ليس بحسب التقويم الشهري والسنوي، بل بحسب تلك المجزرة أو ذاك الحادث الأليم لكثرة ما مررنا في المنطقة بعواصف”.

وأضاف “عندما أروي لابنتي عن قصصي أقول لها “كما سمعنا في ‘دخلت مرة في جنينة‘.. تزوجت أمك قبل اجتياح بيروت بسنة، ولد أخاك ليلة قصف مخيم شاتيلا”.

ويشمل برنامج المهرجان مسرحية (الاعتراف) من كتابة وائل قدور وإخراج عبدالله الكفري وتعرض يومي السابع والثامن من مايو أيار على مسرح دوار الشمس.

وتحكي المسرحية قصة الضابط جلال الذي يستغني النظام الحاكم عن خدماته خلال سنوات استقرار الحكم ثم يطلب منه العودة للخدمة بعد اندلاع حراك شعبي في البلاد.

يوقظ هذا الطلب رغبة قديمة لدى جلال في إعادة امتلاك القوة التي اعتاد على ممارستها لسنوات طويلة، تلك السنوات التي أراد جلال نسيانها بعد أن تخلى النظام عنه وبعد أن أمضى أعواما بصحبة ابن اخته عمر المخرج المسرحي الواعد.

تدور أحداث المسرحية خلال يوم واحد من حياة جلال الذي يقف أمام ماضيه وخياراته الجديدة.

وحول فكرة المهرجان قالت إيلينا ناصيف المديرة التنفيذية لمؤسسة المورد الثقافي “يعتبر الصراع بين السلطة والفن، بأشكاله المختلفة، متأصلا في عملية إبداع الأعمال الفنية وتطورها وانتشارها أو عدمه.. في المنطقة العربية على وجه الخصوص تملك السلطات السياسية الصلاحية في تحديد الأعمال التي سيتم عرضها أو نشرها، في تغييرها أو الاختزال منها أو منعها في حال كانت تقدم وجهة نظر مغايرة للسائد الذي يعكس مبادئها ورؤيتها”.

وأضافت “لطالما أوجد الفنانون والفنانات الذين لم يقبلوا الرضوخ للأمر الواقع مساحات صغيرة للحرية انتهت ببعضهم في السجن أو في المنفى أو أودت بحياتهم في بعض الأحيان… انطلاقًا من الحاجة لدعم الفن كوسيلة تعبير ومقاومة وكأداة لمواجهة الواقع المفروض ومن قناعتنا بأن دعم الإنتاج الفني يشكل مساهمة ضرورية في تطوير البيئة الثقافية والفنون بشكل عام نقدم مهرجان ريدزون 2018”.

رويترز